الجديد برس : رأي
هيثم خزعل
نهاية التهديد الوجودي الذي أحاط بمحور المقاومة دولا وحركات في السنوات العشر التي انقضت هو أبرز ما جاء على لسان السيد اليوم.
إنتهت إذا المغامرة الأميركية التي بدأت في العام ٢٠١١. إنتهت المغامرة بنسختيها “العثمانية الجديدة” و “صفقة القرن”. تحاول الإدارة الأميركية الجديدة اليوم إعادة الانتظام للعالم ولمنطقتنا التي شكلت ساحة الصراع الأعنف مع إمكانية هضم ما استجد من متغيرات تعتبرها الأطراف الإقليمية والدولية مكتسبات راسخة لها. تحاول الإدارة تدوير الزوايا كما هو الحال مع إيران، أو تقليم الأظافر كما الحال مع تركيا، أو اللجم كما هو حاصل مع حليفتها إسرائيل.
البارز أيضا هنا، أن إيران وبعد أن تخطت محاولات خنقها بتوقيع إتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الصين فتح أفقا جديدا في المنطقة. وإذا كانت موازين القوى غير سامحة بتدشين انقلاب كلي على الوقائع الموجودة، تجري محاولة تثبيت دول محور المقاwمة أو الدول الحاضنة لحركات هذا المحور فرادى حيث تجري محاولة ترميم الكيان السوري بعد أن ثبتت إيران وروسيا والصين من خلفهما معادلة بقائه وكانت الزيارة مسؤولين سعوديين لسوريا مؤشرا لافتا في هذا الإطار.
وضمن هذه الرؤية نستطيع فهم كلام السيد عن أن مشكلة لبنان “داخلية”، بمعنى أن اللعب سيبقى مستمرا في السياسة على مساحة ال١٠٤٥٢ كيلومترا مربعا، وهذا الحال ينسحب حكما على العراق..
ضمن هذا المشهد المرسوم، تبرز الحالة اليمنية كحالة استثنائية في الإقليم. منذ العام ٢٠١٥، قاتل اليمنيون ولا يزالون وحدهم. لم يكن هناك مصلحة مباشرة لروسيا كي تتدخل كما في سوريا في وجه القطب النفطي الأبرز في العالم وفي منطقة تعتبر تقليديا ساحة للنفوذ الأميركي، ولا من مصلحة الصين أن تخسر شركائها التجاريين الأكبر في المنطقة. وباستثناء ما ذكر على لسان السيد عبد الملك من دعم إيراني وشكر للسيد نصر الله، لم يناصر أحد في هذا العالم الشعب اليمني في معركته أو بالأحرى المعركة الكونية ضده. يخوض اليمنيون منذ ست سنوات بقتال ملحمي أسطوري حرب تحرير شعبية، حرب استعادة السيادة على بلدهم، وحرب إعادة تعريف الإنسان اليمني الذي غيبته الهيمنة السعودية والخليجية خلفها. ما يحرك اليمنيون في حربهم ليس الجوع، بل الكرامة الوطنية. وهم لذلك لا يبالون بجوع ولا بحصار ويتحدون العالم كله لأن من ذاق طعم الكرامة يعلم أنه ليس من السهولة بمكان أن يتخلى عنها.
منذ مجيئ إدارة بايدن، كان الهدف الأميركي الأول في المنطقة هو إيقاف الحرب على اليمن لاعتبارات تخص أمريكا في المقام الأول، وعرضت الإدارة ولا تزال على اليمنيين صيغا تسووية لا يزالون يرفضونها ويتمسكون برؤيتهم التي يحكمها استقلال اليمن وتحريره من الهيمنة الخليجية والدولية من خلفها، وبرغم معاناة هذا الشعب من حصار جماعي تجويعي خانق خرج سيده الكريم ليعلن عن استعداده واليمنيون من خلفه لاقتسام خبزهم مع الشعب الفسطيني. ذكرنا السيد اليوم في ذكرى تحرير جنوب لبنان العظيمة بكلام أبي جبريل فهز وجداننا، وبكى وابكانا معه.
(*) هيثم خزعل كاتب سياسي لبناني – كتب هذا المقال وأهدى كلماته لروح رئيس المجلس السياسي الأعلى السابق صالح الصماد