احتفل حزب «المؤتمر الشعبي العام» في اليمن، بأجنحته المختلفة، بالذكرى السنوية الـ39 لتأسيسه، الأسبوع الماضي. وشهدت العديد من المحافظات أنشطة سياسية، من مواقع متباينة ومتعادية، إحياءً للذكرى. كما أصدرت القيادات التاريخية بيانات تذكّر بـ”إنجازات” الحزب، الذي تأسّس على يد الرئيس الراحل، علي عبد الله صالح، في 24 آب 1982. وتأتي المناسبة، هذا العام، في ظلّ استمرار حالة التشظّي التي يعيشها «المؤتمر» منذ سنوات، والمترافقة مع محاولات لاستقطاب قياداته وكوادره وأعضائه إلى صفّ العدوان، أدّت إلى تطويع أغلب قيادات الصف الأول في الخارج.

وظلّ «المؤتمر الشعبي العام» مسيطراً على الساحة السياسية اليمنية، منذ تأسيسه وحتى عام 2011، حيث فاز بأغلبية المقاعد في جلّ الانتخابات التشريعية، وكان يشكل الحكومة في كلّ مرّة مستنداً إلى دعم قبلي، وخاصة من قبائل حاشد، بالإضافة إلى استقطاب شخصيات مستقلة لها وزنها في المجتمع. وتحالف «المؤتمر»، في الكثير من المحطات، مع حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، وتشاركا معاً إدارة الدولة وتقاسم الحصص فيها لمدة 33 عاماً. لكن زعيمه ورئيس الدولة، علي عبد الله صالح، اضطر للتنحّي عام 2012، بعد انضمام معظم الأحزاب والقوى السياسية إلى انتفاضة عام 2011، وعلى رأسها حزب «الإصلاح» نفسه، الذي انقلب على التحالف مع «المؤتمر» وخرج من السلطة، بعد أن ركب موجة «الربيع العربي». وإن كان «المؤتمر» يُصنّف ضمن تيار الوحدوية القومية، ويتبنى ميثاقه الإسلام الوسطي، وقد حدّد لنفسه جملة من المبادئ منها أنه «لا حرية بدون ديمقراطية، ولا ديمقراطية بدون حماية، ولا حماية بدون تطبيق سلطة القانون»، ويعتبر الوحدة الوطنية ركناً وأساساً للوحدة العربية والتنمية والتسامح والوسطية، إلا أن بعض الباحثين يرون أنه ليس للحزب إيديولوجية واضحة أو برنامج سياسي محدد، وأنه جمع تحت أجنحته فئات وقوى مختلفة من المجتمع، وعلى رأسها القبائل، فيما اعتبره آخرون وجهة مفضّلة للراغبين في النفوذ والسلطة.

غالبية الأجنحة «المؤتمرية» المعروفة بارتباطاتها الخارجية، تعمل وفق رغبات الإقليم ومحاوره

بعد مقتل صالح أواخر عام 2017، انقسم «المؤتمر» إلى عدد من الأجنحة، كل منها له أجنداته وأهدافه الخاصة وارتباطاته الخارجية والإقليمية، ويحظى بتمويل تلك الدول، التي انخرط الكثير من قياداته وأعضائه في التسابق على تنفيذ أجنداتها، والفوز بالحظوة لديها، لترسو خريطة الحزب على النحو الآتي:
– جناح صنعاء بقيادة صادق أمين أبو رأس، ومعه القيادات «المؤتمرية» المتبقية في العاصمة.
– جناح الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، ومقرّه في الرياض.
– جناح تابع لأحمد علي عبد الله صالح، ومعه حمود خالد الصوفي المدعوم من الإمارات.
– جناح وزير الداخلية السابق، أحمد الميسري، وبعض القيادات التابعة له، ويتخذ من مسقط مقراً له، وقد أطلق على نفسه اسم «المؤتمر الشعبي العام الجنوبي».
– جناح تابع لرئيس المجلس النيابي الموالي لما يسمى «الشرعية»، سلطان البركاني، وقيادات وأعضاء مجلس النواب المتواجدين في القاهرة.
– جناح تابع لرئيس ما يسمى مجلس شورى «الشرعية»، أحمد عبيد بن دغر، والقيادات الموجودة في الرياض، وهو قريب من جناح هادي.
– جناح «حراس الجمهورية»، بقيادة طارق صالح، ابن شقيق الرئيس الراحل، وقد شكّل في الآونة الأخيرة مجلساً سياسياً تحت مسمى «المجلس السياسي للمقاومة الوطنية» ومقره في الساحل الغربي، ويتلقّى دعماً مادياً وسياسياً وعسكرياً من الإمارات.
غالبية هذه الأجنحة «المؤتمرية»، المعروفة بارتباطاتها الخارجية، تعمل وفق رغبات الإقليم ومحاوره، وهي منخرطة بشكل أو بآخر في العدوان على اليمن.
أما أبرز خلافاتها فهو ذلك الواقع بين هادي ونجل صالح، أحمد الذي تدعمه أبو ظبي، إذ يخشى الأول من أن تطيح به أي تسوية مقبلة، ويُدفع بدلاً منه بأحمد صالح إلى الواجهة السياسية. غير أن ما يعوق عودة الأخير هو وجود اسمه في قائمة العقوبات، التي اشترط شطب اسمه منها قبل القيام بأي خطوات ملموسة، في ظل حديث عن أن واشنطن تعتزم إطلاق مبادرة سياسية جديدة لإنهاء الحرب على اليمن. ولا تستبعد أوساط مطلعة، في هذا الإطار، طرح اسم أحمد على الأطراف المعنية في الجولات التفاوضية القادمة، في حين يبقى هادي عقبة أمام أيّ طرح من هذا النوع.