الجديد برس / إبراهيم القانص:
شطحات التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات على اليمن، بدأت منذ الساعات الأولى لبدء العمليات العسكرية في صبيحة السادس والعشرين من شهر مارس عام 2015م، حيث ظهر المتحدث الرسمي باسم التحالف حينها، أحمد العسيري، على شاشات الفضائيات التابعة له بتصريح يُعدّ- من وجهة نظر مراقبين- أكبر شطحة في تاريخ الحروب،
إذ قال إن طائرات التحالف دمرت خلال ربع الساعة الأولى من بدء العمليات العسكرية ما نسبته 80% من مواقع وأسلحة الحوثيين، وتوالت التصريحات والإيجازات الصحافية تباعاً، حتى ظن الكثيرون أن الحرب ستُحسم لمصلحة التحالف خلال أيام قليلة، وأكثرهم منطقيةً اعتقدوا أن الأمور لن تأخذ سوى أشهر معدودات، وكانت تلك التوقعات ناتجة عن حالة التأثر الشديد بالضجة الإعلامية التي رافقت العمليات العسكرية، والتي كان لها طابع استعلائي فيه الكثير من الاستخفاف بالطرف الآخر، حتى أن بعض المتعاطفين معه تمنوا لو يعلن استسلامه من هول ما تنقله فضائيات ومواقع التحالف وتصويرها الحسم العسكري في وقت قياسي.
ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وصل إلى درجة كبيرة من الغرور، إذ بثت فضائياته تصريحاً خلال مقابلة متلفزة معه قال فيه إن باستطاعة قواته البرية فقط، بدون بقية القوات المستأجرة من دول عدة، أن تجتاح صنعاء خلال أيام قليلة، ولأن تصريحات الناطق باسم قواته، أحمد عسيري، كانت قد بردت وطالت المدة التي تباهى وراهن بالحسم خلالها؛ فقد قال بن سلمان أن حرصه على سلامة المدنيين هو فقط ما يحول دون ذلك الاجتياح المستوحى من ألعاب البلاستيشن التي عرف عنه إدمان لعبها.
لم يكن الحرص على المدنيين عائقاً أمام قوات التحالف، فقد تكشف تباعاً بعد كل تلك العنتريات التي رافقت الأيام الأولى من العمليات العسكرية، أن العجز كان سيد الموقف، وأن المواقع العسكرية التي أُعلن تدميرها لم تكن سوى منازل ومدارس ومستشفيات ومساجد وقاعات أعراس ومناسبات عزاء، تم إخراج الأطفال والنساء والمسنين من تحت أنقاضها أشلاء ممزقة، وما هي إلا أيام- تحديداً أربعين يوماً- حتى بدأت الأحلام المغرورة للتحالف تصطدم بواقع الردود التي فرضتها وأوجبتها ضرورات المواجهة، حتى وجدت قوات التحالف نفسها عاجزةً عن حماية الحدود الجنوبية السعودية، ولم تتوقف المسألة عند ذلك الحد، بل تجاوزته إلى درجة أن من أعلنوا انتصاراً مبكراً بدأوا بالصراخ مناشدين المجتمع الدولي التدخل لوقف هجمات الحوثيين على المنشآت الحيوية للمملكة والتوغل في أراضيها، في أكبر تغيير لمعادلات المعركة على الأرض عبر تاريخ الحروب.
وبعد أن أوشكت الحرب على إتمام عامها السابع، عاد التحالف لنقطة البداية، مكثفاً غاراته على العاصمة صنعاء وعدد من المدن والقرى، وبالمبرر نفسه المتمثل في استهداف مواقع عسكرية ومخازن أسلحة تابعة للحوثيين، وهي المواقع نفسها التي أعلن في بداية الحرب تدميرها، مُقدماً الحوثيين كقوة عظمى لا قبل له بها، وإلا فكيف امتلكوا سلاحاً يستدعي كل هذا التصعيد الجوي على العاصمة صنعاء، خصوصاً أن التحالف يراقب البحر والبر والجو، ولا تتحرك نملةٌ في أي منفذ يمني إلا ورصدتها أقمارهم الاصطناعية، وكأن الحرب في عامها الأول أو شهورها وأيامها الأولى، يتكشف عن هذا التصعيد ضحايا مدنيون، أطفالاً ونساء، وممتلكات وأعيان مدنية، وفي المقابل تتقدم قوات صنعاء في كل الجبهات بوتيرة أعلى من ذي قبل، ولا يزال متحدثها الرسمي، العميد يحيى سريع، يبشر بعرض عمليات عسكرية جديدة، تكشف من يتقدم في مسارات النصر ومن يراوح في الفشل والعجز.