الجديد برس| رصد*:
أثار الوجود العسكري لجماعة “أنصار الله” في الأشهر الأخيرة في الكثير من المناطق والمدن اليمنية وسيطرته على أجزاء رئيسية من اليمن وسواحلها، وقيامه بتنفيذ ضربات موجعة على مدن السعودية والإمارات مستخدما الطائرات المسيرة والصواريخ، حالة من الذعر بين الحكام العرب، وكذلك قادة الكيان الصهيوني، لأن زيادة مدى صواريخ “أنصار الله” وسيطرة هذه الاخيرة، على الساحل الغربي لليمن، سيكون بمثابة دعوة لزيادة المخاوف الامنية لإسرائيل ولوجودها البحري في منطقة الأحمر والخليج الفارسي، ولهذا فقد قامت تل أبيب مؤخرا وبدعم من الولايات المتحدة وتعاون مع بعض الدول العربية في الخليج، بزيادة قطعها العسكرية البحرية في منطقة البحر الاحمر والخليج الفارسي.
الخنجر اليمني ينغمس في حلق المعتدين
لقد كانت آثار وأضرار عملية “إعصار اليمن” التي نفذتها قوات الجیش واللجان الشعبية اليمنية يوم الاثنين الماضي في العمق الإماراتي، قوية ومؤثرة وأصابت دويلة الاحتلال الإماراتي بالصدمة والرعب، حسب محللين سياسيين، لكن الصدى الأكبر لهذه العملية الناجحة تردد في كيان الاحتلال الصهيوني الذي بات يقرأ مضامين وأبعاد مثل هذه العمليات النوعية بعقلية أكثر إدراكا وفهما على عكس ما هو عليه حال القادة والسياسيين في نظامي “سعود زايد” واللذين يسارعان عند تلقيهما لأي صفعة إلى التقليل من شأن الخصم وينسبون الإنجاز إلى أطراف أخرى قبل أن يقدموا على الانتقام من المدنيين الأبرياء.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن القادة الاماراتيين قاموا بالتوسل لکیان الاحتلال الصهيوني لإنقاذهم من هذا المستنقع. ولفتت تلك التقارير إلى أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، “نفتالي بينيت”، اعلن عن “استعداد إسرائيل لتزويد الإمارات بالمساعدة، استخبارياً وأمنياً”، بعد العملية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية في العمق الإماراتي، وبعث يوم الثلاثاء الماضي برسالة إلى ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، معبراً من خلالها عن إدانته الشديدة للهجمات التي استهدفت منشآت في أبو ظبي، الاسبوع الماضي، والتي أسفرت عن مصرع 3 أشخاص.
وعلى هذا المنوال نفسه، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن قلق متزايد من تعرض الكيان الغاصب لهجمات جوية مماثلة لتلك التي دكت أبوظبي. وكشف الإعلام العبري عن إجراء خبراء عسكريين إسرائيليين اتصالا مع القيادات العسكرية في الإمارات لعرض المساعدة في التحقيق وهو ما اعتبره مراقبون وخبراء عسكريون، استباقا صهيونيا للسيناريوهات القادمة المحتملة على صعيد المخاوف المتزايدة التي باتت تؤرق قطعان الصهاينة.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية الثلاثاء الماضي، عن مصدر صهيوني قوله “إن مصدر القلق يرجع إلى إمكانية القيام بهجوم مماثل على مواقع إسرائيلية بواسطة مسيرات موجهة ومتفجرة”.
وأفادت الصحيفة بأن “خبراء عسكريين إسرائيليين أجروا اتصالا مع القيادات العسكرية في الإمارات وعرضوا المساعدة في التحقيق بالحادث، إضافة إلى الخوض في مراجعة حيثيات الحالة للاستفادة من الدروس على نحوٍ يكفل إحباط هجمات مماثلة في المستقبل”.
بدورها، قالت مراسلة الشؤون السياسية في قناة “كان” الإسرائيلية، غيلي كوهين، إن “المسؤولين في إسرائيل يتابعون ما يجري في الإمارات ويخشون من هجوم مشابه”.
وأوضحت كوهين أن “أحد السيناريوهات يتحدث حقاً عن هجوم مسيرات وصواريخ من ناحية اليمن، على الأقل بحسب المعلومات المتراكمة لدى إسرائيل هذا ما جرى في أبو ظبي، وهو هجوم يذكر بالهجوم على السعودية في أرامكو”.
كما أشارت إلى أن “المسافة بين اليمن وأبو ظبي هي حوالي 1500 إلى 1600 كلم وهي تقريباً المسافة نفسها بين اليمن وإسرائيل، ولذلك إذا كان لدى القوات اليمنية القدرة على الوصول إلى حد تنفيذ هجوم صاروخي، فعلى ما يبدو أنهم قادرون على القيام بهذا ضدنا”.
استراتيجية إسرائيل لمواجهة تهديدات “أنصار الله”
إن دولة الاحتلال الصهيوني تحاول تعزيز تغلغلها العسكري والسياسي والاقتصادي في المنطقة العربية من خلال استغلالها الهجمات التي تعرضت لها أبو ظبي الاثنين الماضي والتي خلفت العديد من القتلى والجرحى وطلب حكام الامارات العاجل من شركة “سكاي لوك” الإسرائيلية لأنظمة الدفاع دعمها بعد الهجوم. ويمكن الفصل بين التغلغل العسكري الاسرائيلي الأخير في المنطقة وبين تراجع الحضور الأمريكي فيها؛ فأمريكا مهدت وسمحت لإسرائيل بان تأخذ دورها في التدخل بذريعة حماية الأنظمة العربية وذلك بعد انضمام عدد من الدول العربية الى معاهدة ابراهام، وبعد ان قلصت عدد قواتها في الخليج من ما يقارب 50000 ألف جندي إلى 20000 ألف جندي، ونقل حاملة طائرات ومعدات عسكرية إلى مناطق أخرى من العالم للتصدي الى تنامي النفوذ الصيني والروسي الذي أصبح يهدد المصالح الأمريكية في اوروبا ومنطقة المحيط الهادئ.
فإسرائيل وامريكيا تدركان بان الأسلحة التي تباع للإمارات والمغرب وبقية الدول العربية التي هرولت للتطبيع مع الكيان الغاصب لن تستخدم الا ليقتل العرب بعضهم بعضا، وللحيلولة دون تطوير علاقة مشتركة بينهم وخاصة إذا كانت تهدد او تتعارض مع مصالح إسرائيل في المنطقة. ولهذا ستبقى إسرائيل وأمريكا المستفيدتان الكبريان من تغلل الكيان الصهيوني في المنطقة؛ فإسرائيل لن تتردد عن تزويد الامارات بالأسلحة لان ذلك سيعطيها مواطئ اقدام متزايدة الاتساع في المنطقة، وسيجعلها قادرة على بسط املاءاتها بصورة اكبر على العرب بما يتماشى مع اطماعها الاستراتيجية بتقسيم واضعاف الدول العربية لتثبيت احتلالها لفلسطين كما حدث بدعمها لتمزيق السودان الى شمال وجنوب، وتعزيز اقتصادها لاستقطاب المزيد من الصهاينة للهجرة اليها من جميع انحاء العالم وبناء المزيد من المستوطنات في القدس والضفة الغربية، وسلب أراض عربية أخرى كهضبة الجولان، وإنشاء تحالف عربي بقيادتها للتصدي ولإفشال الاتفاق النووي الغربي مع إيران، وامريكا تستخدم إسرائيل للتغطية على تقليص وجودها العسكري في الشرق الأوسط و للتركيز على التصدي لتهديد الصين وروسيا لمصالحها
وتقدّر مصادر إسرائيلية مراقبة لما يجري في اليمن، أن “أنصار الله يبادرون إلى تنفيذ عمليات من دون انتظار موافقة من أي جهة خارجية“. كما تناول الإعلام الإسرائيلي ما سمّاه “التصميم الفردي”، مشيراً إلى “قدرة تشغيل وتنفيذ في آن واحد، من خلال إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة نحو عدة أهداف، إضافة إلى الجرأة ومستوى عالٍ من التطور، في حوزة أنصار الله من صواريخ بعيدة المدى، وقوارب مفخخة، وصواريخ تطلق من على الكتف“.
ورأت “هآرتس” أن المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله تسمح لهم بتهديد الممرات الملاحية إلى إيلات في البحر الأحمر في بحر العرب، لافتةً إلى أن “إسرائيل” تولي أهمية استراتيجية لحرية الملاحة البحرية من الجنوب، لذا يعمل سلاحا الجو والبحر منذ عشرات السنين في ساحة اليمن“.
وأوضحت “هآرتس” أنه “وفق تقارير أجنبية تتحدث عن تهديد الممرات الملاحية إلى إيلات، تواصل المؤسسة الأمنية في إسرائيل حتى هذا اليوم أيضاً إعطاء أهمية لهذا التهديد، على الرغم من أن احتمال ذلك متدنٍ، إلا أن إسرائيل تأخذ في الحسبان احتمال الدخول في مواجهة شاملة إذا تعرّضت لهجوم من اليمن أيضاً“.
* الوقت