الأخبار المحلية تقارير

«التحالف» يهيكل ميليشياته… بحثاً عن توازن جديد

الجديد برس / تقارير / جريدة الأخبار اللبنانية:

 

أخيراً، وبعد شهرَين من الانقلاب على عبد ربه منصور هادي، شكّلت الرياض وأبوظبي اللجنة التي ستُوكل إليها مهمّة إعادة الهيكلة العسكرية والأمنية، كجزء من مهامّ «المجلس الرئاسي». وعلى رغم اتّخاذ خطوة عملياتية في هذا الاتّجاه، إلّا أن ما يجري على الأرض يكاد يكون معاكساً لها؛ إذ إن العمل على تفريخ المزيد من الميليشيات تحت اسم «اليمن السعيد» لا يزال سارياً، فيما يبدو الهدف الرئيس من تشكيل «اللجنة المشتركة» تحجيم قوات «المجلس الانتقالي» تمهيداً لابتلاعها. وأيّاً يكن، فالأكيد أن التحالف السعودي – الإماراتي غير معنيّ بتشكيل قوّة مركزية ذات إمكانات نوعية، يمكن أن تنقلب عليه يوماً ما

 

بعد مُضيّ شهرين على تأسيس «المجلس الرئاسي»، أُعلن عن تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة لتوحيد الميليشيات في المحافظات الخاضعة لسيطرة المجلس. وعلى رغم أن مهامّ الأخير السياسية والاقتصادية تبدو معقّدة، إلّا أن عملية إعادة الهيكلة الأمنية والعسكرية قد تكون الأكثر صعوبة، خصوصاً وأن القوات التابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» ترفض برنامج الدمج برمّته، وتتمسّك بمواقعها ومسمّياتها، على رغم المناورات التي يؤدّيها رئيس «الانتقالي»، عيدروس الزبيدي، بصفته عضواً في «الرئاسي». كذلك، بدا لافتاً حجم الخلاف بين أعضاء «الرئاسي» حول هويّة الشخصية التي ستترأّس لجنة إعادة ترتيب الخريطة العسكرية والأمنية في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الرياض وأبو ظبي.

 

وبعد المشاورات المستفيضة التي جرت داخل أروقة المجلس، وبإشراف الضبّاط السعوديين والإماراتيين ومعهم الأميركيين، تمخّضت تلك المشاورات عن اختيار وزير الدفاع الأسبق، هيثم قاسم طاهر، رئيساً للجنة المشتركة، وطاهر العقيلي نائباً، وحسين الهيال عضواً مقرّراً، إلى جانب 59 عضواً.
ويبدو أن «الانتقالي» قَبِل على مضض تصعيد طاهر، على رغم أن الأخير يُعدّ واحداً من القيادات العسكرية التي دفعت بها أبو ظبي للعودة إلى اليمن في عام 2015، حيث أُوكلت إليه مهمّة السيطرة على الساحل الغربي، ووُضعت تحت تصرّفه أربعة ألوية. وحتى عام 2018، حظي الرجل باهتمام كبير من قِبَل الإمارات، غير أن وصول طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، إلى عدن خلال تلك الفترة، مثّل نوعاً من الإزاحة الناعمة لطاهر، خصوصاً أن كلّ الميليشيات في الساحل الغربي وُضعت تحت قيادة طارق. وبرأي محلّلين، فإن الدفع بهيثم لترؤّس اللجنة يُعدّ بمثابة «طُعم» لـ«الانتقالي»، حتى تَسهل عملية ابتلاع الميليشيات التابعة للأخير، ووضعها تحت تصرّف «الرئاسي»، لا سيّما وأن طاهر يغرّد حالياً خارج سرب «الانتقالي» وأدبيّاته المتعلّقة بـ«عودة دولة الجنوب»، ويعمل وفق الأجندة الإماراتية تماماً، بصفته موظّفاً لدى أبو ظبي كخبير عسكري ميداني لا علاقة له بالسياسة، فضلاً عن أنه يحمل الجنسية الإماراتية، ويقيم في أبو ظبي منذ ما يقارب الثلاثين عاماً.

 

تنشط مساعي «الرئاسي» لتأسيس قوات جديدة تحت اسم «اليمن السعيد»

في موازاة ذلك، تنشط مساعي «الرئاسي» لتأسيس قوات جديدة تحت اسم «اليمن السعيد»، حيث يجري حالياً تجنيد عدد من الألوية في المحافظات المحيطة بعدن (أبين ولحج والضالع). وفي مؤشّر إلى استمرار عملية تضييق الخناق على «الانتقالي»، وضعت الرياض وأبو ظبي، على رأس تلك القوات، شخصيات عسكرية وسياسية تنتمي إلى حزب «المؤتمر الشعبي العام»، الأمر الذي يثير تساؤلات كثيرة حول المغزى من هذه الخطوة في وقت يشكّل فيه التحالف السعودي – الإماراتي لجنة مشتركة لدمج الميليشيات. وينمّ هذا، بحسب مراقبين، عن أن «التحالف» غير جادّ في عملية تأسيس «جيش موحّد»، وأنه يسعى فقط لكسب ولاء الميليشيات، بغضّ النظر عن صراعاتها البينية. إذ إنه وفق الخطّة الأميركية – السعودية – الإماراتية، فإن اليمن لا ينبغي أن يكون لديه جيش نظامي يمتلك أسلحة نوعية، والمطلوب فقط جيش أشبه بالوحدات الأمنية المتفرّقة التي تخضع للوصاية الخارجية بشكل مباشر، على غرار قوات «الحزام الأمني» المتواجدة في عدن، والتي يشرف عليها ضبّاط إماراتيون.

 

وإذ تُنبئ المهمّة المعلَنة للجنة المشتركة بأنه سيكون عليها دمج أربعة كيانات رئيسة في إطار واحد، وتشكيل قيادة جديدة لها (حرّاس الجمهورية، ألوية العمالقة، قوات المجلس الانتقالي، الجيش الوطني التابع لحزب الإصلاح)، فإنها على أرض الواقع تكاد تكون مختزلة بتذويب القوات التابعة لـ«الانتقالي» في إطار التشكيلات التي يقودها طارق صالح، بحُكم أن الأولى تسيطر على عدن، وتشكّل عائقاً أمام خطوات «الرئاسي». لكن محلّلين يرون أيضاً أن مصلحة «التحالف» تقتضي أن يظلّ الصراع مشتعلاً في المحافظات الجنوبية، لكن هذه المرّة بصورة جديدة؛ فبدلاً من أن يكون، على غرار ما يزيد عن أربع سنوات ماضية، بين «الانتقالي» من جهة و«الشرعية» من جهة أخرى، فإن طرفَيه اليوم سيكونان «الرئاسي» و«الانتقالي».