الجديد برس / تقارير / علي الشراعي:
وكأن الرياض لم تستفيد من دروس الماضي واحداثه فسبع سنوات وهي تنسج خيوط آمالها واطماعها التوسعية عبر عناكب من عملائها ليتلاشى كل ذلك بصفعة مؤلمة وجهت لها فالشعب لا يبيع وطنه وأن ارتضى بذلك حكامه .
اطماع جارة السوء بحضرموت والمهرة ليست وليدة عدوان 2015م ولا قبل عقود من السنوات أو مائة سنة بل تعود تلك الأطماع منذ انشاء دويلتهم الوهابية الأولى بنجد بمنتصف القرن الثامن عشر الميلادي .
– سياسة التجزئة :
مع تقسيم الاستعمار الإنجليزي لجنوب اليمن إلى محميات غربية وشرقية عام 1937م ومن قبل ذلك عقد الاستعمار مع سلاطين وأمراء جنوب اليمن معاهدات متعددة منها معاهدات صداقة وحماية.
وللأسف رحب الزعماء المحليون سواء في المحمية الغربية أو المحمية الشرقية ( حضرموت والمهرة ) خلال تلك الفترة بتلك المعاهدات مع المحتل الإنجليزي ليساهموا بالتجزئة والانقسام لجنوب الوطن إلى كيانات متعددة وضعيفة سياسيا وعسكريا يدفعهم بذلك حماية لامتيازاتهم ومصالحهم الشخصية كحكام محليين .
في حين استغل الاستعمار ذلك لأنه وجدت في التجزئة والانقسام وصنع عملاء محليين له الوسيلة الوحيدة لاستمرار احتلاله وهيمنته على جنوب الوطن ونهب خيراته وموارده عبر وكلاء محليين وهذه السياسة نشاهدها اليوم تعود بعدوان 2015م .
– مطامع الرياض
في عام 1936م كلفت السلطات السعودية مستشارها البريطاني (جون فلبي) وصاحب الدور المهم في تأسيس الدولة السعودية الثالثة برسم خريطة مفصلة لحدود السعودية مع المملكة اليمنية ومحمية عدن الشرقية (حضرموت والمهرة ) وقضى جون فلبي خمسين يوما في وادي المسد جنوب الرياض حيث قام بجمع معلومات جغرافية واجتماعية كثيرة حول مناطق الحدود وتوجه بعدها إلى نجران ومنها إلى شبوة وقطع الربع الخالي حتي وصل إلى مدينة المكلا عاصمة السلطنة القعيطية وحينها طلبت منه السلطات البريطانية مغادرة المكلا ونشرت حكومة عدن آنذاك بلاغا رسميا نفت فيه وجود أية علاقة لها بفلبي او زيارته للمنطقة بل واكدت انها تمت دون علمها او موافقتها .
وفي الخمسينيات من القرن المنصرم شهدت العلاقة السعودية – البريطانية صراع سياسيا فيما يتعلق بترسيم الحدود الشرقية ومطامع الرياض بحضرموت والمهرة .
ومع مطلع الستينيات ازداد الاهتمام السعودي بحضرموت والمهرة ويأتي ذلك الاهتمام والأطماع مع تواطئ بريطاني واضح نتيجة للمتغيرات الاقليمية والدولية فتنامي النفوذ السوفيتي في مصر وسوريا وقيام ثورة 26 سبتمبر 1962م في شمال اليمن ومساندتها لثورة 14 اكتوبر 1963م في جنوب اليمن ضد الاستعمار الإنجليزي والتواجد المصري بشمال اليمن واعتراف موسكو وبكين بثورة سبتمبر كل ذلك اوجد تفاهم وتقارب بريطاني – أمريكي وانعكس ذلك على تحسن العلاقات السعودية – البريطانية .
فقد احتضنت السعودية رابطة ابناء الجنوب العربي وعلى وجه الخصوص فرع الرابطة بحضرموت وقدمت دعم كبير له ليكون أحد قنوات اتصالها بحضرموت وكذا أحد قوى الضغط لتوسع علاقات حضرموت بالسعودية .
كذلك اهتمت الرياض بالمهاجرين الحضارم بالمملكة واعطائهم امتيازات واستقبال اعداد كبيرة منهم وخاصة بالفترة بين سنة 1960- 1967م .
التحضير لأنشاء فرع للبنك التجاري السعودي في المكلا والوعود بأنشاء مشاريع خدمية سوف تنفذها السعودية في بعض مدن حضرموت والمهرة وارسال بعثات تعليمية سعودية .
– اتحاد فدرالي:
سياسا اقامت الرياض صلات سياسية مع سلاطين حضرموت والمهرة عبر الزيارات الرسمية للمسؤولين سعوديين للسلاطين الكثيري والقطيعي بحضرموت والمهرة بشأن تعزيز العلاقات معهم ومناقشة مشاكل الحدود .
اهمها زيارة وفد سعودي في مايو عام 1965م إلى مدينة المكلا وعقد لقاء مع وزير السلطنة القعيطية بحضرموت والتفاهم معه بشان إقامة (اتحاد فدرالي) بين سلطنات حضرموت والمهرة على ان تدخل هذا الاتحاد لاحقا مشيخة العوالق وسلطنة الواحدي وتتم مطالبة بريطانيا بإعطاء هذا الاتحاد الاستقلال الذاتي وخارج اطار اتحاد الجنوب العربي .
واتفق في هذا اللقاء ان يراعي الاتحاد الشرقي المصالح البريطانية ويقيم علاقات خاصة ومتميزة مع المملكة العربية السعودية . وفيما يخص الدور الامريكي في حضرموت والمهرة ومساندته لرياض فسياسا ضغطت واشنطن على لندن لمنع دخول محمية عدن الشرقية ( حضرموت والمهرة وجزيرة سقطرى) في اتحاد إمارات الجنوب العربي الذي اسسته بريطانيا في فبراير 1959م كتمهيد لفصل حضرموت والمهرة عن جسم جنوب اليمن .
اما اقتصاديا استطاعت امريكي عام 1961م عقد اتفاقية في المكلا مع وفد يمثل السلطنة القعيطية والسلطنة الكثيرية وبموجبها منحت شركة (بان امريكان) الأمريكية حق العمل والتنقيب في حضرموت ويعد هذا عملا لصالح السعودية .
– صفعة سياسية
في سبتمبر عام 1967م وصل سلاطين حضرموت والمهرة إلى المملكة العربية السعودية وذلك بعد أن شاركوا في مؤتمر لندن الدستوري ولقاء جنيف بشأن استقلال جنوب اليمن .
وقابل السلاطين اكثر من مسؤول في السعودية وعاد السلاطين إلى المكلا على ظهر باخرة سعودية ومعهم مساعدات مالية سعودية لتعينهم على مواصلة الحكم في الفترة القادمة وشراء ولاءات لرياض وللمطالبة بفصل حضرموت والمهرة ككيان مستقل عن جنوب اليمن .
لقد كان لقاء سلاطين حضرموت والمهرة بالمسؤولين السعوديين في سبتمبر 1967م هو آخر اتصال سعودي رسمي مع حضرموت . فالأحداث السياسية في جنوب اليمن سارت في اتجاه مغاير لرغبات السعودية وكذا المصالح الأمريكية ففي أثناء غياب السلاطين وقبيل وصولهم بلية واحدة سيطرت الجبهة القومية وبمساعدة جيش البادية الحضرمي على السلطة في مدينة الملا وضواحيها وفي 17 سبتمبر1967م وصلت إلى ميناء المكلا الباخرة السعودية المقلة لسلاطين حضرموت والمهرة ومنعت قوات جيش البادية والجبهة القومية السلاطين من النزول من على ظهر الباخرة السعودية إلى الميناء وطلب منهم عبر وفد قيادة الجبهة القومية أرسل إلى الباخرة التوقيع على وثيقة تنازل عن الحكم .
ولم يكن امام السلاطين سوى خيارين فقط إما التوقيع على وثيقة التنازل والعودة إلى السعودية أو الموت على ظهر الباخرة واختاروا الخيار الأول ووقعوا على وثيقة التنازل وعادت بهم الباخرة إلى جدة كلاجئين سياسيين وليس كسلاطين واستلمت الجبهة القومية السلطة في حضرموت والمهرة واعلنت بريطانيا في نهاية المطاف تخليها عن كل سلاطين وأمراء جنوب اليمن بما في ذلك اتحاد الجنوب العربي .
ليتلاشى بذلك آمال واطماع السعودية الكبيرة المتمثلة في فصل حضرموت والمهرة عن جنوب اليمن ككيان مستقل والتي ظلت سبع سنوات منذ عام 1960- 1967م تنسج خيوط اطماعها عبر سلاطين وحكام حضرموت والمهرة وتناست ان الشعوب لا تبيع اوطانها حتى ولو ارتض بذلك حكامها العملاء.
– مقصلة العدوان
مثل يوم 17 سبتمبر 1967 م صفعة سياسية مؤلمة للرياض وانهاء مطامعها الكبيرة بحضرموت والمهرة ورغم تلك الصفعة السياسية الرياض آنذاك الا إنها لم تستفد منها بعدم التدخل بشؤون اليمن الداخلية لتحقيق اهدافها ومطامعها التوسعية .
لكننا نجدها اليوم تكرر ذلك السيناريو بعدوان 26مارس 2015م على اليمن ومحاولة نسج خيوط اطماعها من جديد بحضرموت والمهرة منذ سبع سنوات عبر عناكب من العملاء والخونة صنعتهم الرياض كحكام لحضرموت والمهرة وجنوب اليمن عامة وأن كان اليوم بشراكه مع دويلة الأمارات تنفيذا لمطامع واشنطن ولندن باليمن .
وكأن التاريخ اليوم يعيد نفسه بأحداثه وشخصياته وبدروس جديدة وبصفعات سياسية وعسكرية اشد ايلاما واكثر وجعا واعمق تأثيرا.
فهل سوف تستغل وتستفيد حكومة صنعاء اليوم من المتغيرات الدولية اليوم لصالحها بالإضافة إلى قدراتها السياسية والعسكرية التي اثبتت نديتها وتفوقها لتوجه صفعة سياسية جديدة للرياض ؟!
أم انه سوف يمارس على صنعاء سياسة العصى والجزرة من خلال هدنة تجدد كل شهرين فيما تبقي اليمن بمقصلة العدوان ومشرحته والتي اقامتها واشنطن ولندن منذ سبع سنوات عبر وكلائهم الرياض وابو ظبي لتجزئه وتقسيم اليمن ونهب ثرواتها وقتل وحصار وتجويع شعبها فمقصلة العدوان ومشرحته لن تنتهي بهدنة فمنطق التاريخ يقول خلاف ذلك ما دمت تملك اسباب النصر وتستفيد من تجارب الماضي واحداثه !.
عن: البوابة الإخبارية اليمنية