الجديد برس / تقارير / جريدة الأخبار اللبنانية:
تتكاثف، يوماً بعد يوم، المؤشّرات إلى احتمال عودة الأوضاع في اليمن إلى ما قبل الهدنة، في ظلّ استمرار التعثّر في مفاوضات تمديدها وتوسيعها، وغياب أيّ علامة على إمكانية تَحلحلها قريباً. وإذ يُسجَّل استغلال كلّ من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات حالة اللاحرب واللاسلم من أجل تعزيز وجودها في المحافظات الجنوبية والشرقية، تقرأ صنعاء في ذلك، إلى جانب وقائع أخرى من بينها استمرار عمليات التحشيد العسكري ووضْع قيود جديدة على مطار صنعاء وميناء الحديدة، تذخيراً لـ«قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أيّ لحظة»
من جانبها، تُواصِل صنعاء رصْد تلك التحرّكات التي تصفها بـ«المستفزّة للشعب اليمني»، وتدرس الردّ «المناسب» عليها. وفي هذا السياق، اتّهم رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط، الولايات المتحدة بإفشال مساعي السلام في اليمن، وإجهاض التقدّم الذي أحرزتْه الوساطات الإقليمية والدولية خلال الفترة الماضية، واصفاً الوضع الحالي بـ«القنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أيّ لحظة». وأشار المشاط، خلال تدشين «مدوّنة العمل السلوكي» في صنعاء، إلى أن «هناك أطرافاً مستفيدة من الحرب تدْفع نحو عودة التصعيد العسكري وانهيار المفاوضات»، مضيفاً أن «مفاوضات الهدنة سبق لها أن وصلت إلى مستوى جيّد، إلّا أن المبعوث الأميركي، تيم لينيدركينغ، تعمّد إفشالها خلال جولته السابقة في المنطقة». وإذ لفت إلى وجود تفاهمات غير معلَنة مع أطراف إقليمية لإدامة اتّفاق وقف إطلاق النار، فقد أضاف أن صنعاء «تمنح بعض دول العدوان فرصة لإعادة النظر بعد أن اقتنعت تلك الدول بأنها خاسرة».
المفاوضات لا تزال متعثّرة فيما تغيب أيّ مؤشّرات إلى انفراجة فيها في المدى المنظور
وجاء كلام المشاط في وقت لا تزال فيه المفاوضات متعثّرة، من دون وجود أيّ مؤشّرات إلى انفراجة فيها في المدى المنظور، وفق ما أفادت به مصادر دبلوماسية مطّلعة «الأخبار»، موضحةً أن الحراك الديبلوماسي الأميركي الذي شهدتْه الرياض أخيراً، تَركّز حول ضمان إمدادات الطاقة، في وقت اختتم فيه المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، زيارة للسعودية، ناقش فيها مع سفراء «الدول الراعية للسلام» سُبل إحياء الهدنة، في محادثات وُصفت بـ«الجيّدة». وللغاية نفسها، يُجري المبعوث الأميركي لقاءات مع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وعدد من القيادات السعودية واليمنية. ومع ذلك، لا ترى صنعاء جدّية في هذا الحراك، كونه يتجاهل، من وُجهة نظرها، المطالب الإنسانية الملحّة، وعلى رأسها صرف مرتّبات الموظفين والمتقاعدين، وفتْح طرقات تعز والمحافظات الأخرى، وتسهيل حركة المواطنين والبضائع مِن وإلى ميناء عدن.
ميدانياً، شهد عدد من الجبهات، ومنها مأرب، تصعيداً ملحوظاً، يُضاف إلى استمرار عمليات التحشيد جنوباً خصوصاً في الضالع وأبين ولحج. وينضمّ هذا المؤشّر إلى مؤشّرات أخرى حول احتمال عودة الأوضاع في اليمن إلى مرحلة ما قبل الهدنة، كاستمرار احتجاز سفن المشتقّات النفطية ومنْع دخولها ميناء الحديدة، واستخدام «التحالف» طائرات من دون طيّار لشنّ هجمات جوّية في جنوب الحديدة، ووضع شروط جديدة على الراغبين في السفر جوّاً من صنعاء إلى الأردن، تَمثّلت في الحصول على موافقة الجهات الأمنية في الحكومة الموالية لـ«التحالف» قبل السفر، وموافاة الجانب الأردني بالموافقة اليومية قبيل كلّ رحلة جوّية.