الجديد برس / إبراهيم القانص:
تزداد الأطماع الأمريكية في محافظة المهرة اليمنية انكشافاً ووضوحاً أكثر من أي وقت مضى، فما إن وصل قائد الأسطول الخامس رفقة السفير الأمريكي لدى اليمن إلى المحافظة، والاستعراض بالتجول في أرجائها كما لو كانت إحدى مستعمراتهم؛ حتى بدأ خبراء عسكريون بتثبيت “رادارات”،
أو بمعنى أدق، أجهزة تجسس على امتداد سواحل المهرة، كما تم استحداث مواقع عسكرية أوكلت لأحد الفصائل الموالية للتحالف، لتأمين تلك الأجهزة الاستخباراتية التجسسية، وبدأت عمليات نصب أجهزة التجسس عقب يوم على اجتماعات عقدت بين قائد الأسطول الخامس الأمريكي وقيادة القوات السعودية في المهرة، والتي حضرها ستيفن فاجن، سفير واشنطن لدى اليمن، حيث أسفرت اللقاءات عن الاتفاق على إلحاق قطاع الأمن في سواحل المهرة والمنافذ البرية بقيادة القوات الأمريكية في البحرين بشكل مباشر.
في الوقت نفسه، لم توفر القوات الأمريكية المتمركزة في مدينة الغيضة، عاصمة محافظة المهرة، وقتاً ولا جهداً، لفرض وجودها وانتشارها؛ حيث طردت مجموعة من الصيادين، حاولوا التقاط أرزاقهم من الصيد في سواحل المدينة، بل وصادرت قواربهم، وهو إجراء يأتي بمثابة استتباع حتمي لوجود أي قوة أجنبية في أي بلدٍ كان، إذ لا بد من تضييق الخناق على الأهالي وإخضاعهم لقانون القوى المسيطرة على الأرض أيَّاَ كانت أهدافها أو أجنداتها، الأمر الذي يضع أبناء المهرة على محك خطير في التعامل مع هذا التواجد العسكري الأجنبي في محافظتهم، ولا خيار لهم سوى المواجهة واستعادة السيادة، أو الرضوخ والقبول بكل ما يترتب على ذلك الوجود، الذي لن يضع أي اعتبار لهم أو لكرامتهم، فأهدافه هي أولويته ولا يهم أن يكون ثمن تحقيقها قتلهم أو إذلالهم وتجويعهم، حسب مراقبين.
ويرى المراقبون، أن وصول قائد الأسطول الأمريكي الخامس، إلى محافظة المهرة واستعراض الخبراء العسكريين الذين رافقوه من خلال تجولهم في مدينة الغيضة بكل ثقة لاختيار أماكن ينشئون عليها قواعد عسكرية جديدة؛ ليس له أي تفسير ولا تبرير سوى أن الولايات المتحدة الأمريكية مصرة على تثبيت تواجدها العسكري في الأراضي اليمنية، متسببةً بتعريض مساعي السلام بين صنعاء والرياض إلى التقويض أو الفشل، ولا يهمها أبداً ما سيترتب على ذلك من عواقب كارثية فيما يتعلق بالأمن القومي للسعودية، التي ستصبح منشآتها الحيوية- خصوصاً النفطية- في مرمى نيران قوات صنعاء، التي هددت ولا تزال تهدد بأنها لن تسمح ببقاء الوضع كما هو في حالة لا حرب ولا سلم، وقطعت الطريق على أي مساومة تخص شرطاً من شروطها الأساسية لتمديد الهدنة، وفي مُقَدَّمِها الملف الإنساني والاقتصادي المتمثل في صرف رواتب موظفي الدولة ورفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة.
ويؤكد المراقبون أن الولايات المتحدة لا تضع اعتباراً سوى لتنفيذ أجندة أطماعها، المتمثلة في تكثيف تواجدها العسكري في المهرة، على طريق الاستحواذ عليها وإغلاقها كمنطقة عسكرية خاضعة لقواتها، وهو انتشار يفرض تموضعاً عسكرياً جديداً، ربما رأت فيه واشنطن مساراً مجدياً لتعزيز التقدم في حروبها الاقتصادية مع دول العالم، من خلال هيمنة عسكرية تجبر الاقتصاد العالمي على الخضوع لقوتها وسطوتها.
والتساؤل عن: لماذا المهرة بالذات؟ يفسره أنها هدف أمريكي سعودي قديم حديث، فالتحكم في الساحل الطويل الذي تمتلكه على المحيط الهندي، يضمن تجاوز الشحنات التجارية نقطتي اختناق تشكلان خطراً على: صادرات النفط السعودية، إذا ما أغلقت إيران مضيق هرمز، وهو ما جعل المملكة تسعى منذ عقود لمد أنبوب نفطي من منطقة خراخير عبر أراضي المهرة إلى بحر العرب، ومثلها الواردات الحيوية التي تمر عبر مضيق باب المندب، حسب موقع “هاف بوست” الأمريكي، الذي أكد أيضاً أن الإمارات تمتلك أجندة مشابهة في أرخبيل سقطرى اليمني، الذي تحكم سيطرتها عليه منذ سنوات.
نقلا عن: البوابة الإخبارية اليمنية