الجديد برس : مقالات واراء
بقلم / ميساء المقدم
أكثر من 300 يومٍ على الاعتداءات السعودية الوحشية على “اليمن السعيد” وضمير العالم في “ضمير مستتر”. حطّمت آلة الحقد السعودية على مدى أشهر كلَّ مصادر الحياة لليمنيين. على مرأى إنسانية الشعوب أجمع، يُبادُ أحرار اليمن بأطفاله ونسائه. لكن قلّة الناصر وخُذلان العرب والغرب لم يقفا حاجزاً أمام صمودٍ أذهل المراقبين.
هي صورة من بين مئات أمثالها منذ بدء العدوان السعودي على اليمن، لكنَّها بمضامينها تحمل معاني تحكي قصة الصمود اليمني.. رجل يحتضن طفلته الرضيعة، عليلةً، دون سقف يأويهما. في العراء يجلس الوالد مع صغيرته، ذات الوجه النيّر.. هاربان هما من غدر طائرات بني سعود.. من حقدٍ لآلة حرب تضربُ خبطَ عشواء، لا تستهدف أرتال الدبابات المجنزرة، ولا حتى بيوت الآمنين في مساكنهم، تستهدف جرحى في مستشفيات صعدة.. تلاحقهم بعد أن سببت هي نفسها بوحشيتها في نزف دمائهم على محراب الوطن.. وعندما لم تتمكَّن منهم في المرة الأولى لاحقتهم إلى المستشفيات التي يفترض أنها لا تمسُّ، وأنها محمية بفعل شرعية دوليَّة لا يختلف عليها أي همجيٍّ مرَّ عبر التاريخ.
ولكن “ولي النعمة” تخطى كل حدودٍ للإنسانية، داس على كل شرعية دولية وُجدت، واختصَّ بقتل النساء وتشريد الأطفال.. ولذا حمل الوالد طفلته يبحث لها عن مأمنٍ لشفائها، فلم يجد سوى شجرة يعلِّق عليها “المصل” ويجعل يده سريرًا يأويها، علها تحظى بمستقبل غير الذي تريده صواريخ الموت.. هو بلا شك يحلم أن تنتهي الحرب وطفلته على قيد الحياة..
طفلة اليمن هذه قد تكون رغم كل مآسي الحروب في عالمنا العربي، من أكثر المظلومين. فضلاً عن ظلم التشرّد والحصار، وتلقي العلاج من خلال “مصل” معلّق بغصن شجرة، تعاني ظلم “الصم البكم العمي” من أشباه وسائل إعلام ودعاة ثقافة ورأي.. باتت حتى الانسانية لديهم “استنسابية”.
أطفال اليمن سيكبرون يوماً لينظروا في عين القاتل، وسيكون الانتقام مدوّياً. سلمان بن عبد العزيز، سافك دماء اليمنيين وأطفالهم، ومشرّد المدنيين، هو نفسه الذي يظهر قبل أيام في الاعلام السعودي، كالحمل الوديع، حاملاً حفيد ابن أخيه محتفياً بولاته.. فهل من العدل أن يبات اليمنيون مع أطفالهم في العراء هرباً من عدوان سلمان وحاشيته، ويقبع القاتل دونما حساب في قصره محتفياً بجيل الأحفاد؟!