الجديد برس:
كشفت مصادر سودانية عن نشاط مريب لسفير دولة الإمارات في السودان حمد الجنيبي وسر تسلله إلى بورتسودان رغم إغلاق حركة الملاحة بسبب الاقتتال الداخلي في البلاد ومن دون تنسيق مسبق مع سلطات الاختصاص.
وقالت المصادر إن سكان بورتسودان فوجئوا قبل أيام بوجود السفير الإماراتي في فندق كورال بعد إقامته وجبة إفطار فاخرة دعا إليها أكثر من 48 شخصية من المقربين للتوجه الإماراتي في الولاية وعدد آخر من الوجاهات.
وذكرت المصادر أنه عقب انتهاء مراسم الإفطار وتوزيع الهدايا تعجب مراقبون من رغبة السفير الإماراتي وإصراره على الذهاب إلى الخرطوم في ظل أجواء الحرب.
وبحسب المصادر حرص السفير على إبلاغ المدعويين لوجبة الإفطار بأنه كان في الخرطوم قبيل اندلاع الحرب وأنه يرغب بالعودة إليها بينما كانت جهات محلية على علم بدخوله حديثا عن طريق البحر سواكن، فيما هذا التناقض جعل السلطات تتحفظ على إقامته وتقيد حركته في فندق كورال حتى يتم معرفة ملابسات وصوله.
وجعلت عودة السفير الإماراتي المفاجئة في هذه الظروف لجنة الأمن بولاية البحر الأحمر برئاسة الوالي فتح الله الحاج أحمد تعقد اجتماعاً مع السفير في فندق كورال للاستيضاح من عودته فأخبرهم أن له متابعة أعمال مع الرباعية لكنهم أبلغوه أن اللجنة الرباعية قد انتهى عملها.
ويتردد أن السفير الإماراتي غادر الخرطوم قبل يومين من اندلاع الأحداث وقد كان على علم بأدقّ تفاصيل المخطط الحالي وقد أشرف على بعض الجوانب السياسية مع بعض قوى الحرية والتغيير وبعض من مجموعة الاتفاق الإطاري ورسم خطة لإضفاء صبغة شعبية على تمرد ميليشيات قوات الدعم السريع في حال تم حسم الانقلاب سريعا.
لكن الإمارات فوجئت بالتتالي العاصف للأحداث الأمر الذي دعاها لدفع سفيرها دفعاً الرجوع إلى الخرطوم بأي طريقة ولذلك سلك طريقاً وعراً عبر ميناء بورتسودان وكان يريد الخرطوم عبر الطريق البري لكن الأجهزة الأمنية أخطرته أنها لا تستطيع ضمان سلامته إن غامر بالسفر إلى الخرطوم براً.
وتحدثت تسريبات من الأوساط التجارية أن السفير الإماراتي عقد صفقة بطريقة غير مشروعة على اثنين ونصف طن من الذهب المهرب ودفع ثمنها نقداً على أن يتسلم الشحنة في الإمارات لكن وقع ما وقع بفعل الاقتتال الحاصل في البلاد.
ويبقى السؤال المهم بحسب مراقبين لماذا اختارت الإمارات ترسيخ نفوذها في بورتسودان؟ مع الأخذ في الاعتبار أن البرهان لا يعارض صراحة نشاطها الذي بدأ منذ الانقلاب العسكري الأول وإنما كان يتنافس مع حميدتي في من يكون الوكيل المحلي للتعامل معها.
وعندما بدأت الإمارات نشاطها في شرق السودان كانت تضمن ولاء حميدتي وكانت تعتمد كذلك نسبيا على عدم معارضة البرهان لمشاريعها ومنها عزم مجموعة موانئ أبو ظبي على إنشاء ميناء جديد شمال بورتسودان مباشرة مع منطقة حرة مصاحبة والسيطرة على سواحل السودان.
وفيما يشكل شرق السودان أمنا قوميا للسعودية فهو لا يبعد سوى أقل من 300 كم عن جدة وموقعه الجيوسياسي يشكل أهمية أمنية واقتصادية لها، فهل حرصت الإمارات على هذه البقعة من أجل كسب النقاط لمنافسة أخرى غير معلنة؟ وهل أهدافها ومن وراءها تتجاوز السودان بكثير؟.
وتتصدر الأحداث المتلاحقة من اقتتال داخلي في السودان المشهد في الشرق الأوسط والساحة الإقليمية والدولية فيما يعزو مراقبون خفايا الصراع المسلح في البلاد إلى مؤامرة تقودها الدول الأجنبية المعادية ووكيلها الإقليمي دولة الإمارات.
وتقوم المؤامرة المذكورة على دعم ميليشيات قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي ومحاولة تفكيك الجيش السوداني الرسمي وتحويل السودان إلى قطاعات مفككة يسهل التحكم بها.
وعدد المفكر السوداني البارز تاج السر عثمان على حسابه في تويتر أبعاد الصراع المسلح الحاصل في السودان وهي:
أولاً: تحقيق مصالح أجنبية جيوسياسية، كالسيطرة على منطقة القرن الافريقي، وما يعنيه ذلك المجال الحيوي البالغ الأهمية من موانئ وسواحل وسيطرة على التجارة والملاحة الدوليتين، وعلى وجود القواعد الاجنبية.
ثانياً: تهديد الأمن القومي العربي من باب الأمن المائي لمصر والسودان، والتحكم به من خلال سد النهضة في اثيوبيا.
ثالثاً: السيطرة على الموارد والثروات الطبيعية التي يزخر بها السودان والعمل على نهبها.
رابعاً: تحقيق مصالح مادية تتعلق بإنعاش العصابات والمافيات المعنية بتهريب الأسلحة والإتجار بالبشر وغيرها من خلال إشعال فتيل الفوضى.
خامساً: إضعاف أي دور استراتيجي عربي للسودان كقطر أساسي لدعم ونصرة قضايا الأمة العربية.
لذا تشهد هذه الآونة نشاطاً دولياً وإقليمياً باتجاهين رئيسيين، فمن هذه الدول من يدعم الاستقرار الحقيقي والصادق في السودان وذلك إدراكا منها لحجم وخطورة تداعيات الفوضى والاقتتال فيه على أمنها واستقرارها.
أما الاتجاه الآخر فإنه يمثل الدول والقوى العالمية والأطراف التي من مصلحتها تحقيق كل أو جزء من الأهداف أعلاه على حساب الشعب السوداني، لأن مثل هذه الدول تزدهر في ظل استمرار النزاع، ساعية الى عدم الاستقرار فيه ولا في الوطن العربي والقرن الإفريقي.
عربياً دعت جامعة الدول العربية وأقطار عربية منها المملكة العربية السعودية والكويت وقطر الى وقف القتال و إنهاء التصعيد.
أما مصر فإنها تميل بطبيعة الحال إلى الجيش السوداني لأسباب متعددة لعل واحدا منها أنه يمثل المؤسسة الرسمية، باعتبار أن الدعم السريع هي ميليشيات مسلحة منفلتة.
ولأن ميليشيات الدعم السريع تتمتع بعلاقات قوية مع إثيوبيا، لذا فإن وصولها السلطة في السودان قد ينجم عنه تأثيرات سلبية على الأمن القومي المائي لمصر بسبب سد النهضة في إثيوبيا. ولذلك أكدت مصر استعدادها للعب دور الوساطة للوصول إلى تهدئة في السودان.
أما دولة الكيان الصهيوني فان أي فرصة تحول دون قيام نظام ديمقراطي هي الأفضل لها، لأن النظام الديمقراطي سيثير التوجه القومي التحرري للسودان في دعم وإسناد النضال الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
وأخيرا تمارس الإمارات بقصد أو بدون قصد دور الوكيل الإقليمي لتنفيذ هذه الأجندة المهددة للأمن القومي العربي مقابل إغرائها بتشغيل الموانئ وتسيير الحركة التجارية البحرية وربط تشغيل المرافق الدولية بإنعاش موانئ دبي وتعتقد أن وجود ميليشيا مرتهنة للدرهم يسهل لها التحكم بالنفوذ.
*المصدر: موقع اماراتي ليكس