الجديد برس:
يثير الاهتمام الذي أولته السعودية لمحافظة حضرموت في الآونة الأخيرة تساؤلات عديدة، حول أهدافه، ومخاطره.
منذ أيام جرى الإعلان في العاصمة السعودية الرياض عن تشكيل “المجلس الوطني الحضرمي” كحامل لـ “القضية الحضرمية” التي أوجدتها السعودية من العدم، في سياق صراعها مع الانتقالي، أو مع الإمارات إن صح التعبير.
بعد تشكيل المجلس بأيام قليلة، كلفت السعودية رشاد العليمي، رئيس المجلس الذي شكلته هي بعد الإطاحة بهادي، بزيارة إلى محافظة حضرموت، للإعلان عن تدشين مشاريع اقتصادية، بمبلغ مليار ومئتي مليون ريال سعودي.
من حضرموت وعد العليمي بتمكين أبناء المحافظة من إدارتها ماليا وأمنيا، لافتا إلى أنه وفي حال نجاح التجربة ستعمم على بقية المحافظات.
إلى جانب أن هذه الخطوة تستهدف تهميش عدن، التي كان التحالف السعودي ـ الإماراتي قد اعتبرها عاصمة مؤقتة، لها أيضا هدف أكبر وأخطر يتعلق بمستقبل حضرموت وأيضا المهرة وسقطرى.
ومع أن بعض التفسيرات ذهبت إلى أن الهدف من كل ما شهدته حضرموت أخيرا هو قطع الطريق على الانفصال، أو تحقيق لمشروع الدولة الاتحادية، إلا أن خارطة السيطرة التي أفرزها الصراع في اليمن لا تؤيد هذا فكرة الدولة الاتحادية، أما قطع الطريق على الانفصال فلا يكون بتدشين انفصال جديد.
ـ تحقيق الدولة الاتحادية:
وفقا لتقسيم الأقاليم، لا يبدو تفسير ما يجري في حضرموت على أنه تحقيق للدولة الاتحادية، منطقيا، فحكومة صنعاء تسيطر على 4 من الأقاليم في خارطة هذا المشروع المزعوم، كما أن السعودية أقدمت على هذه الخطوة في إطار صراعها على النفوذ مع دولة الإمارات، وقد تجلى ذلك بوضح في التصعيد الذي شهدته الأشهر الماضية وردود الأفعال بين الطرفين. من خلال المتابعة، تبدو الفكرة التي يروج لها محسوبون على حزب الإصلاح، بعيدة ومتماهية مع الرغبة السعودية في اقتطاع جزء من اليمن.
لا يبدو أن هذا مهما بالنسبة إلى الحزب مادام أن الثمن هو الانتقام من الانتقالي. قبل أيام كتب القيادي الإصلاحي الحضرمي، صلاح باتيس، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: يقول علماء الجغرافيا إن هناك تشابها كبيرا جدا بين هضبة نجد بالمملكة العربية السعودية وهضبة حضرموت بالجمهورية اليمنية حتى في المناخ، حرها ساخن جدا وبردها قارس جدا. وهنا لا يبدو أن هناك فرقا بين يدينون بالولاء لأبوظبي وبين من يقولون إن حضرموت سعودية الهوى والهوية.
على رغم ذلك، ظهرت أصوات مناهضة للإجراءات السعودية، من داخل معسكر التحالف نفسه. على سبيل المثال، حذر الخبير العسكري علي الذهب من التحركات السعودية، واعتبرها “مؤامرة” تستهدف اليمن ووحدته واستقراره. وكتب الذهب: حضرموت لن تذهب وحدها ضحية مؤامرات الأطماع الإقليمية والدولية، بل ستأخذ معها محافظتي المهرة و سقطرى.
وأضاف: ما قيمة أن يقوم رئيس مجلس القيادة، د. رشاد العليمي، بزيارة المكلا، في هذا التوقيت؟. الرسائل والرسائل المضادة التي تقف على طرفيها الإمارات و السعودية، مستخدمة العليمي والزبيدي، سجال مكشوف الأهداف، ولا يخدم القضية الرئيسة التي نشبت لأجلها الحرب، وتدخل لأجلها التحالف.
ـ خلاصة:
لا يخرج ما يجري في حضرموت عن سياق صراع النفوذ بين السعودية والإمارات على جنوب اليمن وجنوبه الشرقي، والذي يحتل قطاعا طويلا من الحدود الجنوبية مع المملكة. وتبدو الرياض جادة في عدم السماح لهذا الصرع بأن يبلغ حدودها، ولو استدعى ذلك اقتطاع حضرموت والمهرة من خارطة الجنوب واليمن عموما تحت مسمى تمكين أبناء المحافظات الشرقية من الإدارة الذاتية لها. صحيح أن المجلس الجديد، المشكل سعوديا، لم يفصح عن نوايا انفصالية، إلا أنه شدد على أحقيَّة أبناء حضرموت في الاستئثار بإدارة شؤون محافظتهم، سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا.
*عرب جورنال – عبدالرزاق علي