الجديد برس| تقرير*:
على مدى الأيام الماضية، تصاعدت مطالب شرائح واسعة من المغتربين اليمنيين بفتح الطريق الدولي الرابط بين صنعاء ومحافظتي مأرب وحضرموت، بعد تزايد الضحايا في الطريق الصحراوي الذي يُجبر المواطنين على المرور عبره أثناء عودتهم أو ذهابهم إلى الأراضي السعودية. ويصف السائق فيصل عبدالله، الطريق الصحراوي الرابط بين منفذ الوديعة الذي يصل اليمن بالسعودية ومنطقة اليتيمة شرقي الجوف، بـ«المميت»، وينصح المغتربين العائدين من المملكة بعدم المرور عليه من دون أن يكون معهم دليل مسلّح لكي يجنبهم الوقوع في شراك قطّاع الطرق الذين ينتشرون عليه ويصطادون ضحاياهم بشكل يومي. ويلفت عبدالله، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الكثير من المغتربين يتوهون في الصحراء، والبعض منهم لا يتمّ إنقاذهم لانقطاع خدمات الهاتف النقال في تلك الصحاري التي تمتد من شرق الجوف إلى غرب حضرموت وتنعدم فيها أي خدمات». ويضيف فيصل الذي يعمل في مجال النقل المتوسط من صنعاء إلى المنفذ الحدودي الذي يسلكه أكثر من مليون مغترب سنوياً من إجمالي ثلاثة ملايين يمني يعملون في السعودية، إلى أن السفر على الطريق الصحراوي في الجوف صار إجبارياً بالنسبة إلى الراغبين في السفر إلى حضرموت أو السعودية، ويتمنى أن يتم وضع قضية الطرقات المغلقة في أولوية أي وساطات محلية أو إقليمية أو دولية بين أطراف الصراع، لافتاً إلى أن إنهاء هذه المعاناة ممكن في ظل حالة التهدئة التي تشهدها الجبهات، خاصة أن فتح الطريق الدولي بين صنعاء ومدينة مأرب المغلقة منذ منتصف 2016، سيسهّل مرور المركبات ويقلّل من الخسائر البشرية والمادية التي يدفعها المغتربون باستمرار منذ سنوات.
والواقع أن هذا الملف الإنساني الذي وضعته اللجنة العسكرية في صنعاء ضمن أولوياتها منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ مطلع نيسان 2022، ترفض الحكومة الموالية لـ»التحالف» في عدن حسمه بشكل كلي، وتركّز مطالبها على فتح طرقات تعز حصراً. وعلى رغم إطلاق صنعاء مبادرات أحادية تمثّلت في فتح طرقات عبور آمنة في تعز، إلا أن المساعي التي بُذلت في هذا الجانب، فشلت في عدة جولات رعتها الأمم المتحدة في عمّان العام الماضي، جراء رفض وفد عدن مقترحات أممية قُدمت الشهر الفائت، تركّزت على فتح طرقات آمنة في تعز والضالع ومأرب كخطوة أولى، وتأجيل النقاش حول الطرقات التي لا تزال مثار خلاف إلى مرحلة مقبلة.
أما الرحلة من تعز إلى عدن، فكانت تستغرق ساعتين ونصف ساعة، إلا أن المواجهات التي اندلعت خلال السنوات الماضية في منطقة كرش الواقعة في مديرية القبيطة شمالي لحج، واستهداف طيران «التحالف» في نيسان 2015، جسر عقان الذي يُصنّف كواحد من أكبر الجسور في اليمن بطول 180 متراً، أديا إلى إغلاق الطريق الدولي، ليدفعا المواطنين إلى التنقّل عبر طرق غير معبّدة شديدة الوعورة تستغرق الرحلة عبرها من ثمانٍ إلى عشر ساعات. والأسبوع الماضي، خسر العشرات من اليمنيين أرواحهم على طريق سائلة – القبيطة جراء نزول سيل مفاجئ نتج منه جرف عدد من السيارات القادمة من عدن إلى تعز عشية العيد.
وعلى رغم إغلاق الطريق الشرقي الذي كان يربط بين صنعاء ومحافظة الضالع منذ عام 2018، إلا أن هناك طرقاً بديلة أقل خطورة يسلكها السائقون للوصول إلى الضالع عبر طريق يربط محافظة إب بالضالع.
وكانت صنعاء قد أطلقت خمس مبادرات لفتح ممرات آمنة في عدد من المحافظات، فيما قادت شخصيات اجتماعية عدداً من المحاولات لفتح الطرقات في تعز ، إلا أن تلك المبادرات اصطدمت بحسابات عسكرية ومصالح مادية، بما فيها اتفاق «استكهولم» بخصوص تعز. ونظراً إلى المعاناة الناتجة من إغلاق الطرقات، احتل هذا الملف أولوية المحادثات التي جرت بين الأطراف بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ. ومطلع العام الجاري، قدّم المبعوث الأممي عدة مقترحات أبرزها المبادرة الأخيرة التي طالب فيها الطرفين بالموافقة على الفتح التدريجي للطرقات، داعياً إلى فتح منافذ إنسانية في تعز ومحافظات أخرى.