الأخبار المحلية عربي ودولي

تقرير دولي: رغم مؤشرات التعافي.. الاقتصاد العالمي لم يخرج من المأزق بعد

الجديد برس:

أكد تقرير دولي أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني التباطؤ، رغم مؤشرات التعافي من تأثيرات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، مشيراً إلى الكثير من التحديات التي من شأنها أن تعزز التنبؤات بتباطؤ النمو في مستواه العام، خلال الفترة المقبلة.

وقال التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي، إن الاقتصاد العالمي لا يزال يتعافى بالتدريج من الجائحة والحرب الروسية في أوكرانيا، مشيراً إلى بوادر على تحقيق تقدم على المدى القصير، لا يمكن إنكارها، حيث أن “الأزمة الصحية التي سببتها جائحة كوفيد-19 قد انتهت رسمياً، والانقطاعات في سلاسل الإمداد عادت إلى المستويات التي كانت عليها قبل الجائحة. وكان النشاط الاقتصادي في الربع الأول من السنة قد أثبت صلابته، برغم البيئة المحفوفة بالتحديات، والقوة المثيرة للدهشة التي تتسم بها أسواق العمل. وانخفضت أسعار الطاقة والغذاء انخفاضاً حاداً عن مستويات الذروة التي بلغتها نتيجة للحرب، وهو ما سمح بانحسار الضغوط التضخمية العالمية بوتيرة أسرع من المتوقعة. ولا يزال عدم الاستقرار المالي الذي أعقب اضطراب القطاع المصرفي في شهر مارس قيد الاحتواء بفضل الإجراءات القوية التي اتخذتها السلطات الأمريكية والسويسرية”.

وقال التقرير إنه وعلى الرغم من ذلك فإن “هناك الكثير من التحديات التي لا تزال تخيم على الآفاق، ولا يزال الوقت مبكراً على الاحتفال بهذه التطورات”، مضيفاً: “وفق تنبؤاتنا في السيناريو الأساسي، سوف يتباطأ النمو من مستواه العام الماضي حين بلغ 3,5% إلى 3% هذا العام والعام التالي، بارتفاع قدره 0,2 نقطة مئوية لعام 2023 مقارنة بتوقعاتنا في إبريل الماضي. ويُتوقع تراجع التضخم العالمي من 8,7% العام الماضي إلى 6,8% هذا العام، بانخفاض قدره 0,2 نقطة مئوية، وإلى 5,2% في 2024″.

وقال التقرير إن التباطؤ يتركز في الاقتصادات المتقدمة، حيث سينخفض النمو من 2,7% في 2022 إلى 1,5% هذا العام ويظل ضعيفاً فلا يتجاوز 1,4% العام القادم، ويُتوقع تباطؤ النمو بشدة في منطقة اليورو، التي لا تزال مفتقرة إلى التوازن بفعل الارتفاع الحاد في أسعار الغاز العام الماضي من جراء الحرب”، وعلى العكس من ذلك، لا تزال التوقعات تشير إلى ارتفاع النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، مع تسارع وتيرة النمو على أساس سنوي مُقارَن من 3,1% في 2022 إلى 4,1% هذا العام والعام القادم”.

وكشف التقرير عن تطورات سلبية قد تعترض مسار انخفاض التضخم عن المستويات المتوقعة، يأتي في مقدمتها المؤشرات المتزايدة على أن النشاط العالمي بدأ يفقد زخمه بفعل تشديد السياسة النقدية في أنحاء العالم، ما جعل أسعار الفائدة الأساسية في نطاق الانكماش، “وقد بدأ ذلك يؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي، ويبطئ نمو الائتمان الممنوح للقطاع غير المالي، ويزيد مدفوعات الفائدة التي تسددها الأسر والشركات، ويفرض ضغوطاً على أسواق العقارات.

وأكد التقرير أن التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء، لا يزال أعلى بكثير من أهداف البنوك المركزية، ومن المتوقع أن يتراجع بالتدريج من 6% هذا العام إلى 4,7% في 2024، بارتفاع قدره 0,4 نقطة مئوية. والأمر الأكثر مدعاة للقلق هو أن معدل المتوسط السنوي للتضخم الأساسي في الاقتصادات المتقدمة من المتوقع أن يظل بدون تغيير عند 5,1% هذا العام، قبل أن يتراجع إلى 3,1% في 2024. ومن الواضح أن الحرب ضد التضخم لم تضع أوزارها بعد.

وأضاف أن من العوامل التي لها دور رئيسي في استمرار التضخم تطورات سوق العمل وديناميكيات الأجور والأرباح، حيث “لا تزال أسواق العمل نقطة مضيئة بصفة خاصة مع انخفاض معدلات البطالة، وارتفاع مستويات توظيف العمالة، مقارنة بما كانت عليه قبل جائحة كوفيد في كثير من الاقتصادات، ما أدى إلى تراجع الأجور الحقيقية، بنحو 3,8% بين الربع الأول من 2022 و2023 في الاقتصادات المتقدمة وكبرى اقتصادات الأسواق الصاعدة.

وتابع بالقول إن “انخفاض الأجور الحقيقية يُترجم إلى انخفاض في تكاليف العمالة. وقد يفسر ذلك جزءاً من قوة سوق العمل برغم تباطؤ النمو. ولكن الزيادة المُلاحظة في الوظائف في كثير من البلدان تتجاوز ما قد يشير إليه تراجع تكاليف العمالة. ومن الإنصاف قول إن الأسباب ليست مفهومة بشكل تام”.

فإذا ظلت أسواق العمل قوية، ينبغي أن نتوقع استعادة الأجور الحقيقية ما فقدته، وأن نرحب بذلك. ويعني ذلك أن نمو الأجور الاسمية سيظل قوياً لفترة حتى مع تراجع تضخم الأسعار. وبالفعل، فقد بدأت الفجوة بين الاثنين تتقلص. ولأن هوامش أرباح الشركات في المتوسط نمت بقوة في العامين الماضيين، فإنني لا أزل على ثقة من أن المجال متاح لاستيعاب ارتداد الأجور الحقيقية بدون إثارة دوامة من الارتفاعات المتعاقبة في الأجور والأسعار. ومع ثبات التوقعات التضخمية في كبرى الاقتصادات، وتباطؤ النشاط الاقتصادي، من المتوقع أن تساعد ضغوط السوق على احتواء انتقال آثار تكاليف العمل إلى الأسعار.

وأكد التقرير أن الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل تشهد تباطؤاً أشد حدة مقارنة بالاقتصادات مرتفعة الدخل، مشيراً إلى إن ارتفاع مستويات الدين يمنع كثيراً من الاقتصادات منخفضة الدخل والاقتصادات الواعدة من تنفيذ الاستثمارات التي تحتاجها للنمو بوتيرة أسرع، مع زيادة مخاطر الوقوع في حالة المديونية الحرجة في أماكن كثيرة.

وأرجع التقرير هذا التباطؤ في النمو إلى تداعيات السياسات الضارة، كزيادة التشتت الجغرافي – الاقتصادي، مع انقسام الاقتصاد العالمي إلى كتل متنافسة، ما “سيوقع أبلغ الضرر بالاقتصادات الصاعدة والنامية التي تعتمد بقدر أكبر على اقتصاد عالمي متكامل، وعلى الاستثمار المباشر ونقل التكنولوجيا. وعدم كفاية التقدم نحو التحول المُناخي سيجعل البلدان الأفقر أكثر تعرضاً لصدمات مناخية حادة متزايدة وارتفاع درجات الحرارة، حتى وإن كانت تسهم بجزء صغير من الانبعاثات العالمية. وفي كل هذه القضايا، يظل التعاون متعدد الأطراف أفضل وسيلة لضمان تحقيق اقتصاد آمن ومزدهر للجميع”.