الجديد برس/ مقالات/ حلمي الكمالي:
تتصاعد حدة التوترات بين السعودية والإمارات في المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها وفصائلها في الداخل اليمني، خلال الآونة الأخيرة، فما تلبث المحاولات الأمريكية للملمة الصراع بين قطبي التحالف، ضمن حلبة المصالح والأطماع الغربية، حتى تفقد واشنطن السيطرة من جديد على الخلافات العميقة داخل أروقة قوى التحالف، والتي باتت تشكل لها أزمة حقيقية كانعكاس لفشل هذا التحالف على كافة المستويات.
وتسارعت وتيرة الصراع السعودي الإماراتي، بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، كنا اتسعت رقعة الإشتباك بين قطبي التحالف في عموم مناطق سيطرتها، فبعد الأحداث الساخنة التي شهدتها محافظات حضرموت وشبوة وأبين وعدن، على وقع هذا الصراع، كانت لحج على موعد مع حلقة جديدة من الصدام السعودي الإماراتي، عقب قيام قبائل الصبيحة بمنع قوات طارق صالح الموالية للإمارات، باستحداث معسكرات في منطقة باب المندب.
أهم ما يمكن ملاحظته في خضم الصراع السعودي الإماراتي المشتعل في المحافظات الجنوبية اليمنية، هو الصمت المخزي للمجلس الرئاسي وحكومة معين، تجاه الأحداث الدائرة على مناطق يفترض أنها تحت “سيطرتها”، حيث لم نسمع أو نرى أي موقف أو تعليق من قيادات هذه الأدوات، على أي خطوة أو أثار ناجمة عن هذا الصراع، بإستثناء مشاركتها كأرجوزات صامتة في واجهة المشهد، لتؤكد أنها عبارة عن حقيقة كونها أدوات استحدتثها قوى التحالف لتحقيق أجنداتها.
لا يجب أن نذهب بعيداً، للتحديق في صورة الدمى الصامتة التي يجسدها وكلاء التحالف في اليمن، إذ يمكن التمعن في أمر عضو المجلس الرئاسي فرج البحسني، الذي طردته السعودية قبل عدة أسابيع من مدينة المكلا، في خضم الصراع، فظل في المنفى دون أن يتفوه بكلمة واحدة، واليوم تدفع به الإمارات مجدداً إلى المكلا، في محاولة لإغاضة السعودية، والرجل مازال صامتاً على وضع الاستعداد للرحيل والعودة مع من يأتي بطائرته أولاً، في وقت لا يدرك ما الذي يجري حوله !
هذه الصورة المخزية، التي تجسد أبشع دور قد تمارسه الوكلاء والأدوات عبر التاريخ، هي اختزال لواقع المجلس الرئاسي وحكومة معين، وكل قياداتها المدرجة على جروبات “الواتس” للسفير السعودي، وهو ما يعكسه الواقع المأساوي والمهترئ في مناطق سيطرتها، في ظل تصاعد الأزمات المعيشية والأمنية المركبة واستمرار الحكومة الموالية للتحالف، بالكذب على الناس، فيما لم تحرك ساكناً لإيجاد حلول لأي أزمة أو مشكلة.
وهنا يمكن إيجاد إجابات واضحة للتساؤلات الكثيرة حول بقاء العليمي وكل مسؤوليه في المنفى، ومن قبله هادي وحكومته، والتي تعكس حجم إرتهانهم وإفراغهم من ممارسة أي دور حقيقي على الأرض غير المصادقة خطياً أو شفوياً إن لزم الأمر، لكل القرارات والإجراءات التي تتخذها قوى التحالف السعودي الإماراتي، وهذا مثبت وواضح للجميع، ولم يعد خفياً، تكشفه ألسن قيادات الفصائل في كل مرة يحتدم الصراع بين قطبي التحالف.
كل ذلك يجري، في وقت تتضح الحقيقة أمام اليمنيين الذين باتوا يدركون أن المجلس الرئاسي وحكومة معين ومختلف فصائلهما، أوجدتها قوى التحالف؛ لتكن معاول هدم وتدمير للبلد، فيما يبقى الصراع السعودي الإماراتي، الذين هم جزء من أدواته، ويقلق السكنية في عموم المحافظات الجنوبية اليمنية؛ هو نموذج مصغر للمشروع التخريبي الذي سعت قوى التحالف، عبر استخدام هذه الأدوات، لتمزيق اليمن واستنزاف ثروات شعبه.
على أية حال، فإن بقاء المجلس الرئاسي وحكومة معين، خارج المشهد السياسي والعسكري في مناطق سيطرة فصائل التحالف، يعني أنهم سيكونوا بلا شك خارج أي تسويات قادمة في حال أفضت المفاوضات القائمة بين صنعاء والرياض إلى اتفاق نهائي لإنهاء الحرب على اليمن، وهي المفاوضات التي أصرت السعودية على عدم إشراك أدواتها وفصائلها فيها، بعد سقوط الرهان عليها، ما يعني بقاء قيادات هذه الأدوات والفصائل في الخارج إلى الأبد.