الجديد برس:
جاء الإعلان السعودي، يوم الثلاثاء الماضي، عن تقديم منحة للحكومة اليمنية بقيمة 1.2مليار دولار ليفاجئ الجميع، حيث كان من المنتظر أن تفي السعودية بما سبق أن تعهدت به من ودائع للبنك المركزي، خصوصاً أن المطالبات كانت في هذا الاتجاه وتزامنت مع مرحلة جديدة من تدهور العملة الوطنية في مناطق سيطرة الحكومة، حيث اقترب سعر صرف الدولار من الوصول إلى 1500 ريال، وانعكس ذلك على الوضع المعيشي والخدمي، خصوصاً أن البنك المركزي في عدن بدا عاجزاً عن توفير العملات الصعبة لتغطية الواردات.
وفي خبر الإعلان عن المنحة، قالت وكالة الأنباء السعودية (واس) إن ملك السعودية واستجابةً لطلب الحكومة اليمنية يعلن تقديم المملكة “دعماً اقتصادياً جديداً إلى الجمهورية اليمنية بقيمة 1.2 مليار دولار لعجز الموازنة الخاصة بالحكومة اليمنية ودعم مرتبات وأجور ونفقات التشغيل”.
وكما هو واضح من نص الإعلان فإن المنحة السعودية ستكون متاحة للحكومة للتصرف فيها ودفع المرتبات الخاصة بها، والتي يتواجد معظم كوادرها في الخارج، وهو ما أكده محافظ البنك المركزي في عدن أحمد غالب المعبقي لقناة الحدث السعودية “إن المنحة ستساعد في الخروج من الاختناقات التي تسبب بها نقص الموارد، خاصة في الحتميات، منها المرتبات ونفقات التشغيل ووقود الكهرباء ومستحقات البعثات الدبلوماسية في الخارج”، وبالتالي فإن المنحة ستجد طريقها سريعاً للخروج من البنك المركزي إلى الخارج، وهو ما يفقدها الأثر الاقتصادي الذي كان يمكن أن يحدث لو أن السعودية خصصت المنحة كوديعة للبنك.
وبحسب المراقبين فإن الوديعة تمثل غطاء للعملة المحلية وضمان استقرار تدفق الواردات الغذائية، خلافاً للمنحة التي بدا أنها جاءت تحت ضغط إعلامي مارسته الحكومة اليمنية، التي عقدت عشرات اللقاءات مع السفراء والمسؤولين في الخارج حذرت خلالها من انهيار الوضع الاقتصادي جراء توقف عائداتها من مبيعات النفط، بفعل قرار حكومة صنعاء بمنع صادرات النفط حتى يتم صرف مرتبات موظفي الدولة المنقطعة منذ سبتمبر 2016.
محافظ البنك المركزي في عدن أحمد غالب المعبقي، بدا وكأنه يؤكد تلك الفرضية عندما صرح، بالتزامن مع إعلان المنحة، للقناة السعودية قائلاً: إن المنحة جاءت ” لدعم الموازنة العامة للدولة لتعويض النقص في إيراداتها نتيجة توقف صادرات النفط”، وهو ما تم اعتباره تذمُّراً من محافظ البنك المركزي الذي كان أول المتطلعين والمطالبين للسعودية بتقديم وديعة وليس منحة.
ومنذ إعلان المنحة السعودية يجري الحديث عن أن المملكة سعت لدعم موقف الحكومة اليمنية الرافض لشروط حكومة صنعاء، المتمثلة في السماح بإعادة تصدير النفط الخام مقابل صرف مرتبات موظفي الدولة، بالإضافة إلى أن مصير المنحة سيكون نفس مصير عائدات النفط الخام التي كانت تورد إلى البنك الأهلي السعودي، وهو ما أقر به عضو المجلس الرئاسي سلطان العرادة، في مقابلة مع قناة (بي بي سي) في شهر يوليو من عام 2022م، وهو ما كان يمنع أي أثر إيجابي لتلك العائدات، بالمقارنة مع ما لو كانت تورد للبنك المركزي.
ظلال شك: المنحة على دفعات
بعد يومين على إعلان المنحة السعودية، أعلنت الأخيرة إيداع مليار ريال سعودي (266 مليون دولار) وصفتها بالدفعة الأولى من المنحة، وهو ما ألقى بظلال من الشك حول ما إذا كانت السعودية ستفي بباقي الدفعات ، خصوصاً أن الإعلان الرسمي عن المنحة لم يشر إلى أنه سيتم تقسيمها إلى دفعات متعددة، كما أن الإعلان عن إيداع الدفعة الأولى للبنك المركزي في عدن لم يصاحبه أي توضيح عن موعد تسليم باقي الدفعات أو عددها.
هذا الشك، بحسب المراقبين، تعزز من خلال عدم وفاء الحكومتين- السعودية والإماراتية- بكامل تعهداتهما بتقديم ودائع للبنك المركزي لتحسين قيمة العملة المحلية وتغطية الواردات، المعلنة بالتزامن مع تشكيل المجلس الرئاسي في شهر إبريل من عام 2022م.
وكان مصدر حكومي كشف لـ”يمن إيكو” قبل أسبوع من إعلان المنحة، أن لدى كلٍ من السعودية والإمارات مطالب متضاربة فيما يتعلق بشروطهما تجاه من يُفترض أن يدير البنك المركزي، مشيراً إلى أن رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، كان يأمل في الحصول على ودائع بقيمة ملياري دولار مناصفةً بين السعودية والإمارات، وهو ما لم يتحقق.
المصدر: يمن إيكو