تقارير

174 مليار تكاليف الدعم الأمريكي اللوجستي لعاصفة الحزم

الجديد برس

 

بأموال خليجية، أمريكا تقتل الشعب اليمني

 

في الوقت الذي تنفِّذُ أَمريكا مشروعَها الكبيرَ في منطقة الشرق الأوسط عبرَ أدواتِها في المنطقة، تفتَحُ دولُ الخليج أبوابَ خزائنها على مصراعَيها لتمويلِ هذا المشروع؛ لتكون المهمةُ الثانيةُ المكلّفةُ بها إلى جوار مهمتها الأساسية باعتبارها أدواتِ التنفيذ للمشروع. فما الذي ستجنيه هذه الدولُ مقابلَ تأديتها لهذه المهمة المزدوجة، غيرَ تبديد ثرواتها؟؛ لتكتشفَ بعد انهياراتها، أن التهديدات التي كانت تستهدفُ أمنَها القومي لم تكن سوى خدعةً هوليودية.

صدى المسيرة|حسين الجنيد

كُنا قد تحدِّثْنا في العددِ السابقِ عن تفاصيلِ المشروع الأَمريكي والخطة التي أعدّتها الإدارةُ الأَمريكية لتفتيتِ المنطقة، كي تتمكّنَ من إعادة تشكيلِها وفق خارطةٍ تجعَلُ من أَمريكا الوصيةَ الكُبرى عليها لتمتصَّ ثرواتِها الضخمةَ بصورةٍ عمليةٍ تتجلى فيها عناصرُ النسخة الثالثة من الاستعمار الحديث.

وذكرنا أن هذا المشروعَ يجري تنفيذُه من خلال أدوات أَمريكا في المنطقة المتمثلة في بعضِ دول الخليج وعلى رأسها السعوديةُ والتنظيمات الإجرامية داعش والقاعدة، وأساليبه المتعددة والدول التي تم استهدافُها، وفي هذا التقرير سنتحدَّثُ عن بقيةِ أجزاء هذا المشروع استكمالاً لما بدأناه في إعادة ترتيبِ الوعي الشعبي الذي لوَّثه الفكرُ الوهابي والإخواني خدمةً لأسيادِهم الأَمريكان لتمريرِ مشاريعهم الاستعمارية والاستعبادية، ليدرِكَ الناسُ حجمَ التضليل الذي وقعوا ضحيتَه طوال هذه السنين.

وهنا علينا أن نبدأ بطرْحِ التساؤل الذي قد يدورُ في عقول الكثيرين، إذا كان المشروعُ الأَمريكي يستهدفُ كُلّ المنطقة فكيف يستثني دولَ الخليج؟ وإجابةً على هذا التساؤل، ينبغي علينا أولاً معرفةُ أن المشروعَ الأَمريكي يسيرُ باتجاهين، الاتجاه الأول يتم خلالَه استهدافُ بعض الدول بشكل مباشر، والاتجاهُ الثاني يستهدفُ البعضَ الآخر بشكلٍ غيرِ مباشر، وتأتي دولُ الخليج في خانةِ الاستهداف غير المباشر؛ ونظراً لكونها دولاً حليفةً ومحمياتٍ أَمريكيةً، كان على أَمريكا وضْعُ الخطة بالشكل المتقن الذي يجعلُ من هذه الدول تنخرِطُ وتتماهى في المشروع باندفاعٍ ذاتي، فتتقمَّص الإرادة الأَمريكية في التنفيذ وتحمُّل التبعات التي تقودُها للهلاك، وبذلك تتحقَّق الغاية الأَمريكية بالتخلص من هذه الدول وبشكلٍ غير مباشر.

الخدعة الأَمريكية والغباء الخليجي

وحين دشَّنت أَمريكا مشروعَها وبدأت بتحريكِ خُيُوط اللعبة، ابتدأت بمهاجَمة عقل الكيان السياسي الخليجي، بإثارة مخاوفه الكامنة في زوالِ العروش، مستغلةً شعورَ هذا الكيان بالعجز العسكري في قُدرته على الدفاع عن نفسه أمام أيَّةِ قوةٍ طامعة، فعملت أَمريكا على تغذية هذا الشعور من خلال استراتيجيةِ “وَحْش البحيرة»، وذلك بصناعة أعداء وهميين، فكانت إيران ومشروعُها النووي النموذج المثالي لهذا الوحش الذي ينبغي على الكيان الخليجي خشيتَه، فبدأت هستيريا شراء الأسلحة من أَمريكا؛ لتعزيز قدرات هذا الكيان الدفاعية استعداداً لأي هجومٍ إيراني.

وفي تقريرٍ نشرته منظمة أيدكس عن حجم صفقات الأسلحة التي أبرمتها دول الخليج مع الولايات المتحدة، يوضح التقرير الحجم المهول لتلك الصفقات التي بلغت قيمتها الشرائية إلى أرقام فلكيةٍ، حيث بلغ إجمالي ما تم استيراده من2002 إلي2012 حوالي 500 مليار دولار أي بمتوسط 70 مليار دولار سنوياً. ناهيك عن تكاليف الصيانة وقطع الغيار والبرامج التدريبية العسكرية التي تصل فاتورتها إلى ما يزيد عن 12 مليار دولار.

وحتى تتسارع وتيرة التقدم في تنفيذ المشروع، أوعزت أَمريكا للسعودية بالانتقال من مربع الاستعداد الدفاعي، إلى مربع الهجوم الاستباقي، وفق منهجية واستراتيجية الجيل الرابع من الحروب المعتمدة على خوض الحروب بالوكالة، عبر تنظيمات تستهدف المجتمعات الداخلية، في استراتيجيةٍ خليجيةٍ لضرب الدول التي تعتقد أنها تشكل تهديداً لأمنها القومي، فعمدت بعض الدول الخليجية على رأسها السعودية والإمارات إلى تمويل وتوجيه تنظيم القاعدة وتنظيم داعش باتجاه الدول المستهدفة أَمريكياً بشكلٍ مباشر كالعراق وسوريا وليبيا والـيَـمَـن. وهكذا تكون أَمريكا قد حققت المرحلة الأولى من تنفيذ مشروعها بنجاح.

عاصفة الحزم والربح الأَمريكي الأكبر

لم تكتفِ أَمريكا بالوحش الإيراني، فعمدت إلى صناعة وحش بحيرةٍ آخر لتدفع فيها دول الخليج لتنفيذ مشروعها عن قناعةٍ تامةٍ بأن هذا الوحش ينبغي عليها مواجهة خطره؛ حرصاً منها على أمنها الاستراتيجي القومي، فكان اختيار الولايات المتحدة للـيَـمَـن تحديداً؛ كونه الأنموذج الذي استعصى عليها تدميره في مخطط الربيع العربي وشب عن طوق الإرادة الأَمريكية عبر ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المباركة التي نفضت غبار الارتهان للخارج عن كاهل الوطن، فرسمت أَمريكا ملامح وحشها الافتراضي في هذه الثورة وقادتها، وصدّرت هذا الوهم لدول الخليج على أساس ربطه بالتبعية لإيران واستهدافه لأمن المنطقة بكذبة مُيُول مشروع الـيَـمَـن الثوري التوسُّعي باتجاه دول الجوار وفق أجندةٍ إيرانية، فأعلنت دول الخليج حالة الاستنفار وهبّت للدفاع عن أمنها الاستراتيجي القومي، والذي توهّمت بأنه مستهدفٌ من قِبَل الـيَـمَـن، بشن حربٍ استباقيةٍ عليها، وكانت الكارثة التي راحت تقضي على الأخضر واليابس في الـيَـمَـن مدمرةً كُلّ شيءٍ فيها، وهنا تكون أَمريكا قد حققت انتقامها من الـيَـمَـن بأيدي الكيان الخليجي الغبي، وربحت في الاتجاهات الثلاثة، الأول تدمير الـيَـمَـن لإخضاعها، والثاني، الأرباح التي ستجنيها من هذه الحرب، والثالث، إغراق الكيان الخليجي في مستنقع هذه الحرب ليتم استنزافها اقتصادياً ومالياً فتتجه نحو الانهيار.

فاتورة الحزم الخليجي

وبعد مرور عشرة أشهرٍ من عمر العدوان على الـيَـمَـن، والأنظار تتركز على حجم الدمار الذي تحدثه آلة الحرب الأَمريكية بأدواتها الخليجية في الـيَـمَـن، دون الالتفات إلى حجم الخسائر المهولة في الجانب الآخر، بعض المراقبين يرون أن الـيَـمَـن خسرت خسائر فادحة جراء هذا العدوان، على المستوى البشري والمستوى البنيوي والاقتصادي، ولكن صمود الشعب الـيَـمَـني طوال هذه المدة أحدث صخباً عالمياً، ليس على مستوى الانتصارات العسكرية التي أدهشت الجميع بالإمكانات العسكرية البسيطة فقط، بل على مستوى قصم الظهر الاقتصادي لأغنى دول العالم، حيث نشرت صحيفة الـ «فورن بوليسي» الأَمريكية تقريراً أوضحت فيه بعض تكاليف حرب الخليج على الـيَـمَـن، حيث كانت الصدمة لكل المراقبين والمحللين وعلى ضوء التقرير الذي لخص فاتورة العدوان خلال ستة أشهرٍ فقط، وسنقوم بعملية توسعة لهذه الفاتورة لتشمل العشرة أشهر وذلك في الجدولٍ التوضيحي المرفق

  • لم يتم حسابُ تكاليفِ الغارات الجوية، فإحصائيةُ الصحيفة الأَمريكية خلال ستة أشهرٍ من العدوان تفيدُ أن ما يقاربُ 35 أَلف غارة قامت بها أَكْثَـر من 150 طائرة، حیثُ ألقت خلالها 140 أَلفَ صاروخ على أَهْدَاف معظمها مدنية وآهلةٌ بالسكان (بأشكالها وأَنْوَاعها ومنها المحرم دولياً)، ومنها 40 أَلف صاروخ (حجم صغير) و یبلغ تكلفه الواحد منه 150 أَلف دولار، حیثُ يبلغ الإجمالي لها 6 مليارات دولار، کما ألقى طيرانُ التحالف 50 أَلفَ صاروخ من الحجم المتوسط وَتبلغ تكلفة الواحد منه 300 أَلف دولار، مما جعل كلفتها الإجمالية 15 مليارَ دولار، کما ألقت طائرات التحالف 50 أَلفَ صاروخ من الحجم الكبير، حیث بلغ تكلفة الواحد منه 500 أَلف دولار باجمالي 25 مليار دولار.