تقارير

البيوت التجارية… خسائر عابرة للخيارات السياسية

الجديد برس

رشيد الحداد / الأخبار اللبنانية

  • لم ينجح أصحاب «البيوت التجارية» الذين اتخذوا موقفاً سلبيّاً من العدوان والحصار على اليمن والبعض منهم خضع لإملاءات (التحالف)، في تحييد استثمارات هذه «البيوت» من استهداف طائرات العدوان.

يبلغ عدد «البيوت التجارية» المشهورة في اليمن، التي تدير شركات عائلية خاصّة وتمتلك عشرات المصانع وتعدّ المحرّك الرئيسي للحركة التجارية والاقتصادية في البلاد، حوالي 65 % من حجم الإستثمارات التي تؤدي دوراً مهماً في رفد الإقتصاد اليمني بمداخيل مهمّة وتأمين فرص عمل لآلاف اليمنيّين.

مصادر مطّلعة أكّدت لـ(الأخبار) أنّ عدداً من رجال الأعمال والمنتجين المنتمين لـهذه «البيوت» عمدوا إلى توقيف إنتاج مصانعهم بدون مبرّرات، واستبدلوا تزويد السوق بمنتجاتهم الصناعية من مصانعهم العاملة في السعودية والإمارات كمساهمة منهم في سحب الإحتياطات المالية الأجنبية.
وطيلة العقود الماضية حقّقت «البيوت التجارية» التي استحوذت على العشرات من الامتيازات والوكالات، إضافة إلى تسهيلات من جانب الحكومات السابقة، التي ساهمت في تنامي نشاطها، أرباحاً هائلة على حساب قوت الشعب اليمني نتيجة عدم وجود منافسة شريفة لها في السوق المحلّية.

وشمل استهداف طيران العدوان أغلب مؤسّسات «بيت هائل سعيد أنعم» التجارية والخدمية التي تعرضت لأضرار فادحة في عدد من المحافظات بدأت مع قصف طائرات العدوان لصوامع الغلال التابعة للمجموعة في عدن وتدميرها بالكامل وإتلاف خمسة ملايين كيس قمح كانت في طريقها إلى السوق المحلّية، مروراً باستهداف مصنع «إسمنت الوطنية» التابع للمجموعة في محافظة لحج الجنوبية. وفي 20 أيلول الماضي قصف طيران العدوان مصنع «البحر الأحمر للصابون» التابع للمجموعة في منطقة الجند في تعز ما أدّى إلى وقوع أضرار كبيرة في المصنع ومحطّة تحلية المياه التابعة للمجموعة في مديرية المخا في محافظة تعز، وكذلك استهدفت إحدى المزارع التابعة لشركة «هايل سعيد أنعم» في منطقة الضحي في محافظة الحديدة بسلسلة غارات ألحقت فيها دماراً كبيراً. ومؤخّراً استهدف طيران العدوان مصنع «مياه يزن» في العاصمة صنعاء، واستهدف أيضاً فندق «سوفتيل» ومستشفى «اليمن الدولي» التابعَين للمجموعة في مدخل منطقة الحوبان في محافظة تعز.

أمّا «إخوان ثابت» وهم من «البيوت التجارية» التي تحتلّ المرتبة الثانية على مستوى اليمن وتنشط منذ عقود في القطاع الصناعي، فقد كانت مصانعهم واستثماراتهم الهدف الأوّل للعدوان في محافظة الحديدة، فاستهدف مصنع الألبان «يماني» للعصائر في نيسان الماضي بسلسلة غارات أدّت إلى استشهاد 37 عاملاً من عمّال المصنع وإصابة أكثر من 50 آخرين وخسائر مادّية تقدّر بأكثر من 30 مليون دولار. واستهدف الطيران مطلع الشهر الحالي مزرعة المراعي اليمنية التابعة للشركة في منطقة الكدن في الحديدة بسلسلة غارات جوية تسبّبت في تدمير المزرعة.

وطالت الغارات أيضاً، مطلع العام الحالي، مصنع «يدكو للمرطّبات» التابع لشركة «درهم للصناعات» حيث نتج عن القصف تدمير خطّين للإنتاج، أحدهما دمّر بصورة كاملة والآخر بشكل جزئي، بالإضافة إلى تدمير مخازن قطع الغيار ومخازن الإنتاج تدميراً كاملاً. وقَدّرت إدارة المصنع الخسائر المالية للشركة جرّاء العدوان بأكثر من خمسة مليار ريال يمني.
كذلك تعرّضت للإستهداف استثمارات تابعة لمجموعة «الرويشان التجارية» التي تمارس نشاطاً تجارياً واستثمارياً واسعاً في مجال القطاعات المصرفية وقطاع الخدمات والقطاع الصناعي، وتعرّض مصنع الأكياس البلاستيكية التابع لشركة «تهامة للصناعة ووسائل التعبئة» الواقع في منطقة جميشة في محافظة الحديدة لقصف من طيران العدوان تسبّب في تدمير المصنع وإخراجه من الخدمة.

تصاعد استهداف طائرات العدوان لـ»البيوت التجارية» أثار حالة استياء رسمي وشعبي، وهو ما دفع برئيس «اللجنة الثورية العليا»، محمد الحوثي إلى لقاء عدد من رجال المال والأعمال لمناقشة الإنتهاكات الممنهجة التي يتعرّض لها رأس المال الوطني من قبل «التحالف» أكان من خلال الإستهداف المتعمّد أو أعمال «القرصنة» البحرية التي تفرضها بوارج «التحالف» على الشحنات التجارية من إيقاف السفن التجارية في عرض البحر لأسابيع أو أشهر تحت مبرّر تفتيشها وفرض رسوم وجبايات غير قانونية تحت مسمّيات مختلفة منها تصاريح دخول البضائع، والتي تسبّبت في ارتفاع تكاليف السلع والمنتجات والتأثير سلباً على المعدّل العام للأسعار في الأسواق اليمنية.
وفي هذا الإطار، أكّد الحوثي على وجود تفاهمات مع الأمم المتحدة في هذا الشأن، مشيراً إلى أنه تلقّى وعوداً من المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ بأن تكون القضايا ذات البعد التجاري والإقتصادي من أولوياته.
وفي سياق متّصل، شدّد «المجلس الأعلى لرجال المال والأعمال» اليمني في بيان له، على أنّ استهداف العدوان السعودي للبنية الإقتصادية اليمنية استكمال لمسلسل التدمير لما تبقى من حركة إنتاجية داخلية في اليمن.