الجديد برس:
لقي قرار السلطات الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي في مدينة عدن، الصادر، الأربعاء، بمنع تجوال الدراجات النارية بمديريات المدينة خلال عشرة أيام، استياءً وسخطاً اجتماعياً واسعاً، باعتباره يأتي في أوضاع معيشة بالغة السوء يعتمد فيها آلاف الأسر على العمل في هذه الدراجات، خاصةً أنها تمثل مصدر رزق لآلاف الشباب الذين يعولون أسرهم في المدينة.
وأوضح الصحافي العدني، ريام محمد عبدالله، لصحيفة “القدس العربي”: “سيصطدم تنفيذ القرار مع وضع صعب يعيشه الناس في عدن، بما فيهم جنود الحزام الأمني أنفسهم، الذين يعمل بعضهم خارج وردياتهم على درجات نارية، يغطون من خلالها احتياجات عائلاتهم، التي تعيش وضعاً صعباً، يُضاعف منه تأخر صرف المرتبات وتراجع قيمة الريال واتساع دائرة الضائقة المعيشية”.
ومنحت إدارة شرطة عدن، ملاك الدراجات النارية عشرة أيام لترتيب أوضاعهم؛ إذ سيتم ابتداء من تاريخ 14 أكتوبر، مصادرة أي دراجات تتجول في الشوارع.
ويقول ريام: “في تقديري أن هذا القرار لن يُنفذ كقرار سابق اصطدم برفض مجتمعي اضطر قيادة الدولة للتدخل؛ وبالتالي التراجع عن القرار، خوفاً من أن يتحول الاستياء والسخط في الوقت الراهن إلى غضب يُشعِل شرارة الشارع المحتقن في عدن، لاسيما مع وصول الأوضاع المعيشية إلى مستويات لا تُطاق، وبخاصة مع تأخر صرف المرتبات والارتفاع المتواتر في الأسعار، وتحديداً أسعار المواد الغذائية”.
وجاء تحديد موعد بدء الحملة في تاريخ 14 أكتوبر (ذكرى إطلاق شرارة ثورة جنوب اليمن ضد المستعمر البريطاني عام 1963) ليطرح أكثر من سؤال عما يتم الترتيب له أو التخوف منه خلال هذا التاريخ مع حديث وسائل إعلامية محلية عن مخاوف لدى قوات الانتقالي من تصعيد محتمل من قوى مناوئة لها في المحافظة، كقوات درع الوطن المدعومة حكومياً وسعودياً، لاسيما وأن القرار اُتخذ مع جملة من الإجراءات، بما فيها استمرار التنفيذ الصارم لحملة منع حمل السلاح في المدينة، وضبط السلاح غير المرخص.
تأتي هذه الإجراءات بالتزامن مع تصعيد تنفذه قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في محافظة حضرموت، ضد القوات الموالية للسعودية والقوى المحلية المناوئة لها، وبعض من تعتبرهم “خارجين عن القانون”.
وأثار القرار، الذي اتخذه اجتماع لإدارة شرطة محافظة عدن برئاسة نائب مدير شرطة المحافظة، اللواء أبو بكر حسين جبر، الأربعاء، استياءً في الأوساط الاجتماعية بالمحافظة، التي اعتبرت القرار استهدافاً لشريحة واسعة من المجتمع يعتمد دخلها على هذه الدراجات.
وكانت الأجهزة الأمنية بعدن قد اتخذت في مرحلة سابقة قراراً يُلزم ملاك الدراجات بإضافة كرسي مع إطار ثالث للدراجة بهدف إبطاء حركتها، وبالتالي إعاقة استخدامها في تنفيذ عمليات مخلة بالأمن كالاغتيال.
وقال الصحافي ذو يزن مخشف، في منشور على فيسبوك: “أي قرار أمني لا يحمل حلولاً لمئات الشباب العاطلين في ظل وضع معيشي مزر، يعد قراراً خاطئاً ومستهتراً، معتبراً “السلطات التي أقرت هذا القرار هي بعيدة كل البعد عما تكابده الشريحة التي استهدفتها”.
ويعتقد ذو يزن أن “القرار سيفتح على مصدره، أبواب غضب شعبي كبير، ينتظر الناس في عدن شرارته، نتيجة سوء الإدارة والفساد المستفحل من أعلى هرم داخل كل السلطات! صحيح هناك إشكاليات تحدث بسبب الدراجات النارية، واستهتار بعضهم وفوضى في الشوارع والطرقات، ولكن هناك إجراءات أخرى يمكن العمل بها لتنظيم هذه الوسيلة”.
الجدير بالذكر أن سوء الحال المعيشي في عدن وغيرها من مدن اليمن اضطر كثيرٌ من السكان للجوء للدراجات النارية، كوسيلة مواصلات ميسرة ووسيلة من وسائل كسب العيش المتاح، والتي لا تتطلب رأس مال يُصعب توفيره.