الجديد برس:
دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء، إلى ضرورة وضع حدٍ فوري للصراع الدامي في السودان، والذي دخل شهره العاشر في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية على نحو مأساوي وتقاعس المجتمع الدولي في حماية المدنيين، الأمر الذي أدى إلى وقوع خسائر بشرية مروعة والتسبب بأكبر موجات النزوح الداخلي في العالم.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنه ينبغي اتخاذ إجراءات حاسمة من كافة الأطراف الدولية لوقف النزاع على السلطة والنفوذ في السودان، مبيناً أن نحو عشرة ملايين و700 ألف شخص أجبروا على ترك منازلهم— منهم نحو تسعة ملايين نازحين داخل السودان ومليون و700 ألف لجأوا في الدول المجاورة— في ظل وضع إنساني كارثي وتدمير للبنى التحتيَّة الحيوية الأساسية، من مستشفيات ومراكز طبية ومدارس وطرقات، إلى جانب خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات.
وكانت الأمم المتحدة وثقت أن حوالي 25 مليون شخصاً في السودان— من ضمنهم 14 مليون طفلًا— بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة، فيما فقد 65% من السكان القدرة على الوصول للخدمات الصحيَّة بعد أن خرجت 70%-80% من المستشفيات الواقعة ضمن مناطق النزاع عن الخدمة، وذلك في ظل الشكوك بوجود 10500 حالة كوليرا خلفت 292 حالة وفاة، وتفشي عدد آخر من الأوبئة مثل الملاريا.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن 37% من السكان في السودان (حوالي 18 مليون نسمة) دخلوا مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد، في وقت يواجهون الموت في كل لحظة بفعل القصف العشوائي والانتهاكات الميدانية الواسعة، بما فيها أعمال النهب والاغتصاب.
وشدد الأورومتوسطي على أن الأوضاع الإنسانية المتفاقمة هي مسؤولية الأطراف المتنازعة التي لا تنفكّ تنتهك قواعد القانون الدولي الإنساني، وذلك على الرغم من تصريحها دائمًا أنَّها تعمل على مساءلة ومحاسبة من ينتهكون هذه القواعد، دون أي خطوات عمليَّة على الأرض.
من جانبه، قال مدير المكتب الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في لبنان “محمد المغبط”: “من الواضح أن طرفي النزاع في السودان لا يراعيان في أعمالهما العسكرية الأفراد المدنيين والأعيان المدنية، ضاربان بعرض الحائط مبدأ التمييز بين ما هو مدني وما هو عسكري ومبدأ التناسب بين الهدف العسكري المحقق من عمليَّة ما والمصلحة المدنيَّة التي يجب أن تتمتع بحماية أعلى من الأهداف العسكريَّة”.
وأضاف: “بعد عشرة أشهر من العمليات العسكرية وصلنا إلى أزمة إنسانية شديدة، وهنالك نقص شديد في الغذاء ومقومات الحياة، فيما المستشفيات والمراكز الطبيَّة في أغلبها متوقفة عن العمل، بينما يبقى ملايين النازحين وأكثر من مليون لاجئ خارج الحدود، كل ذلك من أجل صراع على السلطة بين أطراف عسكرية”.
وشدد “المغبط” على أن الحل للأزمة الدامية في السودان يتمثل بضرورة احترام طرفي النزاع لإرادة الشعب السوداني الذي خرج في العام 2019 يطالب بحكم ديمقراطي من خلال انتخابات حرَّة ونزيهة يختار عبرها ممثليه بما يضمن التداول السلمي للسلطة والعمل على تأمين حاجاته.
ومنذ بدء النزاع الحالي في أبريل من عام 2023 في السودان، تمَّ وُثقت العديد من الجرائم التي ارتكبها طرفا النزاع، والتي قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيَّة بحسب نظام روما للمحكمة الجنائيَّة الدوليَّة التي لديها اختصاص محدود فيما يتعلَّق بالنزاعات داخل السودان.
وبحسب مركز تنسيق الاستجابة للطوارئ الأوروبي، تضمنت هذه الجرائم الخطف والعبودية الجنسية لفتيات قاصرات في منطقة خرطوم الكبرى، في حين أن هناك على الأقل 842 مدنياً تعرضوا للإخفاء القسري من بداية النزاع، وتمَّ توثيق احتجاز ثمانية أطفال على الأقل من قبل قوات الدعم السريع في غرب دارفور.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أطراف النزاع بوقف انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومعاقبة مرتكبي تلك الانتهاكات وتحقيق العدالة للضحايا، وضمان الممرات الآمنة والإنسانيَّة لوصول المساعدات للمدنيين، إضافة إلى ضرورة وقف الأعمال العسكريَّة واحترام إرادة الشعب السوداني.
وحث الأورومتوسطي المجتمع الدولي على لعب دور أكبر لإنهاء النزاع المسلح في السودان وحماية المدنيين من الانتهاكات والاعتداءات، إلى جانب التحرك الفاعل في سبيل تأمين احتياجات الشعب السوداني الإنسانية إلى حين عودة الحياة لطبيعتها.