الجديد برس:
كشف صديق مقرب من الطيار الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه أمام سفارة “إسرائيل” في واشنطن، أن آرون بوشنل قال إن لديه معلومات سرية عن القوات الأمريكية التي تقاتل في غزة، قبل ساعات فقط من إشعال النار في نفسه احتجاجاً على الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
ووفق ما نقلته صحيفة “New York Post” الأمريكية الأمريكية، فإن بوشنل البالغ من العمر 25 عاماً، قال في اتصالٍ بصديقه ليلة السبت 24 فبراير، إنه حصل على “تصريح سري للغاية” لبيانات الاستخبارات العسكرية في الولايات المتحدة.
وقال صديقه، الذي تأكدت صحيفة “نيويورك بوست” من علاقاته ببوشنل: “أخبرني يوم السبت أن لدينا قوات في تلك الأنفاق، وأن جنوداً أمريكيين يشاركون في عمليات القتل”.
وأضاف: “وظيفته الفعلية تنطوي على التعامل مع البيانات الاستخباراتية. بعض ما كان يتعامل معه كان له علاقة بالحرب الإسرائيلية في غزة”.
وتابع الصديق قائلاً: “أحد الأشياء التي أخبرني بها هو أن ما مرَّ على مكتبه هو أن الجيش الأمريكي متورط في عمليات الإبادة الجماعية الجارية في فلسطين”، في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي على غزة.
وقال: “أخبرني أن لدينا قوات على الأرض، وأنها تقتل أعداداً كبيرة من الفلسطينيين”.
كما قال صديق الطيار الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه، إنه فوجئ لأن بوشنل لم ينتهك تصريحه العسكري من قبل.
عن محادثتهما أضاف: “لقد حصل على تصريحٍ أمني منذ أربع سنوات، وهذه على حد علمي هي المرة الوحيدة التي خرق فيها البروتوكول وأفشى معلوماتٍ لا ينبغي أن يفصح عنها”.
كما قال عن بوشنل، الذي نشأ في مجتمعٍ ديني مثيرٍ للجدل في بلدةٍ ساحلية صغيرة في ولاية ماساتشوستس الأمريكية: “لقد كان خائفاً”، لكن انتهى به الأمر بإشعال النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن حوالي الساعة الواحدة ظهر يوم الأحد وهو يصرخ: “فلسطين حرة”.
فيما قال صديق بوشنل إنه لم يكن يتوقع أن هذا المسيحي المتدين قد ينتحر، خاصةً أن صديقه الطيار أخبره في وقتٍ سابق أنه ضد هذا الفعل.
كيف كان يُفكر الطيار الأمريكي؟
من جهة أخرى، قال صديق الطيار الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه إنه لم يكن يتوقع أن هذا المسيحي المتدين قد ينتحر، خاصةً أن صديقه الطيار أخبره في وقتٍ سابق بأنه ضد هذا الفعل. وأضاف أنه عندما علم بواقعة انتحار صديقه، التي بُثَّت على الهواء مباشرةً “كان رد فعلي الأوَّلي هو أن ذلك لا يمكن أن يكون حقيقياً”.
كما قال إنه عندما ناقش كلاهما ما قال بوشنل إنه كشفه عن الحرب، “طلبت منه أن يتبع ضميره، فهذا ما قاده دائماً في الاتجاه الصحيح من قبل”، رغم أن بوشنل لم يلمح إلى ما سيفعله في اليوم التالي.
فيما قال صديقه عنه: “كان آرون تحليلياً للغاية، وكان يتخذ القرارات الكبيرة بعد تفكيرٍ مليٍّ فيها”. وأضاف: “ظاهرياً يبدو آرون الشخص الأهدأ والأكثر تماسكاً الذي يمكن أن تعرفه على الإطلاق”.
كان هذا الصديق، الذي يعرف بوشنل منذ أن كان مراهقاً، يريد في الأصل الانضمام إلى الجيش الأمريكي، ولكن بعد نظر الاثنين عن كثبٍ إلى جميع فروع القوات المسلحة، قرر الشاب إما الانضمام إلى القوات الجوية وإما إلى القوات البحرية.
حيث قال: “لقد لفَّ عملةً معدنية وسقطت على القوات الجوية. كان ذلك في العام 2019”. وعلى مدار السنوات القليلة التالية، فإن بوشنل، الذي كان “صادقاً” ويتسم بـ”النزاهة” و”يفعل أي شيء لمساعدة أي شخص في أي وقت”، وجد نفسه يعاني من الالتزام المستمر بالخط العسكري، بحسب ما قاله صديقه.
كما قال في إشارة إلى نظام الاتصالات والمعلومات الخاص بالجيش الأمريكي: “أي شخص يذهب إلى الجيش فخورٌ وذو كرامة مثل آرون، وينخرط في أمورٍ تتعلق باستخبارات الإشارة، سينتهي به الأمر إلى أن يسقط في عقلية فيلق الإشارة أو سيغادر”.
وأضاف صديق الطيار الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه: “لم يقتنع آرون بعقلية فيلق الإشارة. وأفضل وصف لهذه العقلية هو عقد مساومات بسيطة لثباتك الداخلي، بحيث لا تصبح الشخص الذي اعتدت أن تكونه”.
من هو الطيار الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه؟
بعد انتشار مشاهده وهو يضرم النار في نفسه أمام مقر سفارة “إسرائيل” في واشنطن؛ “للتنديد بالإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة”، ظهرت تساؤلات عن الطيار الأمريكي آرون بوشنل.
بحسب وسائل إعلام أمريكية، فإن الطيار الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه، البالغ 25 عاماً، حاصل على درجة البكالوريوس في هندسة البرمجيات من جامعة “ويسترن جوفرنرز” بولاية يوتا الأمريكية.
درس بوشنل أيضاً علوم الحاسوب ثم حصل على شهادة CompTIA Security+ للأمن السيبراني في سبتمبر 2020 من جامعة ميريلاند.
يذكر الحساب الشخصي لبوشنل على موقع LinkedIn مشاركته في تلقي تدريب أساسي وفني في القوات الجوية الأمريكية لمدة سبعة أشهر، ومراقبة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لمدة عامين.
فيما كان الطيار الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه يعمل مهندس “ديف أوبس” في البرمجيات ضمن القوات الجوية الأمريكية، كما عمل أخصائياً في تكنولوجيا المعلومات وتطوير الشبكات في شركة Paraclete Press بين عامي 2015-2017.
وفق حسابه على فيسبوك، فإن بوشنل يتابع صفحة مجتمع “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” التي تأسست في جامعة ولاية كينت.
بينما قال الطيار الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه وهو يسير نحو السفارة الإسرائيلية في واشنطن: “سأنظم احتجاجاً عنيفاً للغاية الآن، لكن احتجاجي ليس كبيراً بالمقارنة مع ما يعيشه الفلسطينيون على أيدي محتليهم”.
لدى وصوله أمام السفارة، سكب بوشنل البنزين على رأسه وأضرم النار في نفسه وهو يصرخ: “الحرية لفلسطين” مراراً وتكراراً حتى سقط على الأرض.
وبحسب ما نقلته شبكة “سي إن إن” الأمريكية، فإن متحدثة القوات الجوية الأمريكية روز رايلي، أكدت أن الطيار الأمريكي الذي أشعل النار في نفسه، كان عسكرياً في قيادة القوات الجوية.
بينما قالت رايلي في هذا الخصوص: “أستطيع أن أؤكد أن هذا الشخص (آرون بوشنل) هو طيار في الخدمة الفعلية حالياً”.
“حماس” تحمل إدارة بايدن مسؤولية وفاة “آرون بوشنل”
وكانت حركة “حماس”، حملت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المسؤولية عن وفاة الطيار بالجيش الأمريكي “آرون بوشنل” بفعل سياستها الداعمة لـ”إسرائيل”.
وأعربت حركة “حماس” في بيان، عن تعازيها الحارة وتضامنها الكامل مع عائلة وأصدقاء الطيار الأمريكي.
وأكدت أن “الطيار خلد اسمه كمدافع عن القيم الإنسانية ومظلومية الشعب الفلسطيني المكلوم بسبب الإدارة الأمريكية وسياساتها الظالمة”، مذكرة بالناشطة الأمريكية “راشيل كوري” التي سحقتها جرافة إسرائيلية في رفح في عام 2003.
وشددت على أن “رفح هي نفس المدينة التي دفع بوشنل حياته ثمناً للضغط على حكومة بلاده لمنع جيش الاحتلال الإسرائيلي المجرم من الهجوم عليها واقتراف مجازر وانتهاكات فيها”.
وأوضحت أن “الحادث المأساوي الذي أفقد بوشنل حياته هو تعبير عن حالة الغضب المتنامي بين الشعب الأمريكي الرافض لسياسة بلاده التي تساهم في قتل وإبادة الشعب الفلسطيني، والرافض لتعدي حكومة بلاده على القيم الإنسانية العالمية، عبر تقديم الغطاء لضمان إفلات الكيان وقادته النازيـين من العقاب والمحاسبة”.
الجبهة الشعبية: الحادثة رسالة للإدارة الأمريكية
وفي السياق، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن “قيام جندي أمريكي بالتضحية بنفسه من أجل فلسطين أرفع تضحية ووسام ورسالة مؤثرة للإدارة الأمريكية لوقف تورطها في العدوان”.
وأكدت أن “الحادثة تدل على حالة الغضب في صفوف الشعب الأمريكي جراء التورط الأمريكي الرسمي في حرب الإبادة الصهيونية التي تُشن على قطاع غزة، كما تُدلل على أن مكانة القضية الفلسطينية خاصة في الأوساط الأمريكية تتعمق أكثر فأكثر في الضمير العالمي، كما وتكشف حقيقة الكيان الصهيوني باعتباره أداة استعمارية رخيصة في أيدي الإمبريالية المتوحشة”.
وختمت الجبهة بيانها مؤكدةً أن “فلسطين ستنتصر طالما أنها حفرت عميقاً في وجدان وضمائر العالم”.