الجديد برس:
تناولت مجلة “إيكونوميست” البريطانية، بالنقد والتشكيك، خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لبناء ميناء مؤقت على سواحل غزة، لـ”توصيل المساعدات إلى أهالي القطاع”، معتبرةً أنها “مؤشر على إخفاقات بايدن”، وتوقفت عند “غموض المسؤولين الأمريكيين بشأن بعض الأسئلة المهمة”.
وأكدت المجلة أنه بعد 5 أشهر من الحرب، لا تكمن المشكلة في إدخال المساعدات إلى غزة، بل في توزيعها في جميع أنحاء القطاع، مذكرةً بأنه تم قصف الشاحنات والمستودعات، وأن الدبابات دمرت الطرق.
وقالت المجلة إن الاستعانة بالجيش الأمريكي لإطعام المدنيين، تحصل عادةً في أماكن يسيطر عليها أعداء الولايات المتحدة، كما في حالة الأيزيديين المحاصرين من قبل “داعش” في العراق في العام 2014، أو في حالة سكان برلين الذين حاصرهم الاتحاد السوفياتي في العام 1948.
وتوقفت عند سعي الولايات المتحدة، هذه المرة، إلى مساعدة الناس في أراضٍ يسيطر عليها أحد أقرب حلفائها، مع استمرارها في إرسال الأسلحة إلى “إسرائيل”، واستخدامها حق النقض ضد قرارات مجلس الأمن التي تطالب بوقف إطلاق النار.
وفي الوقت الذي يقول فيه بايدن إنه لن يتم نشر أي قوات أمريكية في غزة، أكدت المجلة أن هذه القوات ستتمركز على سفن عسكرية قبالة الشاطئ، متوقعةً أن يستغرق تجهيز الرصيف العائم من شهر إلى شهرين، قبل بدء عمليات التسليم، وأن تساعد دول الخليج في دفع تكاليف الشحنات.
وتناولت المجلة الانتقادات التي وُجهت على نطاق واسع، إلى الولايات المتحدة، لإسقاطها المساعدات من الجو على غزة، باعتبارها وسيلة للتحايل وغير فعالة في توصيل المساعدات، ولا تؤمن سوى وجبة واحدة على مدى ستة أيام لنحو 5% من سكان غزة، في أحسن الأحوال.
وشددت المجلة على أن الشحنات التي تدخل عبر معبر رفح ومعبر كرم سالم تبقى أقل بكثير من المطلوب، حيث تحتاج غزة إلى ما لا يقل عن 300 شاحنة يومياً لتوصيل الغذاء والدواء وغيرها من الضروريات، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي.
وانتقدت المجلة امتناع بايدن عن استخدام النفوذ الأمريكي لإجبار “إسرائيل” على السماح بمزيد من المساعدات لغزة. ساخرةً من أنه، وبعد أن مكّن “إسرائيل” من سلوكها لعدة أشهر، يبحث الآن عن حلول بديلة من شأنها أن تعفيها من المسؤولية.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحذر من الخطوة الأمريكية
إلى ذلك، حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من الخطوة الأمريكية بإنشاء ميناء بحري مؤقت على سواحل غزة لـ”نقل المساعدات إلى القطاع”، مؤكدةً أنها “خطوة مريبة ومشبوهة تتخطى هدف إغاثة الشعب الفلسطيني وتفتح الطريق إلى تنفيذ أهداف أخرى خبيثة كمخططات التهجير تحت مسميات إنسانية وعناوين مختلفة”.
واعتبرت الجبهة الشعبية في بيان، أن إصدار الرئيس الأمريكي “مجرم الحرب بايدن” تعليمات من أجل إنشاء الميناء محاولة لتبريد الرأي العام الأمريكي، ودعاية انتخابية تأتي في الوقت الذي لم يُمارس فيه ضغطاً حقيقياً لإجبار الاحتلال على وقف حرب التجويع أو جرائمه على الشعب الفلسطيني أو تسهيل دخول القوافل إلى القطاع.
وأكدت الجبهة أنه سيتم التعامل مع الخطوة بحذر وشك، خصوصاً في ظل سلوك ومواقف الإدارة الأمريكية وخطواتها المعادية للفلسطينيين والمنحازة للاحتلال، ورأت أن محاولات تصوير هذه الخطوة كدليل على خلاف بين الإدارة الأمريكية وكيان الاحتلال ليست دقيقة، مشددةً على الشراكة بين الطرفين في العدوان والإبادة والتجويع.
وتساءلت الجبهة الشعبية عن مغزى الخطوة في الوقت الذي يمكن للولايات المتحدة فرض إدخال المساعدات بوسائل أخرى أكثر نجاعة وفرض فتح المعابر، وتقديم المساعدات عبر الطريق البري من خلال المؤسسات الدولية وخاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
واعتبرت الجبهة أن موافقة كيان الاحتلال على إقامة الرصيف البحري الأمريكي في ظل رفضه دخول المساعدات عبر المعابر الرسمية والطرق البرية يؤكد وجود أهداف خبيثة وراء هذا الرصيف.
وشدّدت الجبهة على أن البديل عن هذه الأفكار المشبوهة، هو الضغط من أجل وقف العدوان وانسحاب الاحتلال بالكامل من القطاع، وعودة النازحين إلى مناطقهم وبيوتهم، وفتح المعابر لإدخال المساعدات من دون قيد أو شرط وتوزيعها على جميع المناطق، معتبرةً أن أي خطوات تتجاوز ذلك عقيمة ومشبوهة ومعادية لشعبنا.
وختمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بيانها مؤكدةً أن عيون المقاومة ستظل يقظة، وستتصدى للتحركات الأمريكية المريبة وأي تحركات أخرى تدفع الفلسطينيين للهجرة بهدف تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدةً أن “التواجد الأمريكي سيكون أهدافاً مشروعة للمقاومة”.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد أعلن في خطاب “حالة الاتحاد” الذي ألقاه، الجمعة، أمام الكونغرس، أنه سيوجه الجيش الأمريكي لقيادة مهمة طارئة تتمثل بإنشاء ميناء مؤقت في البحر الأبيض المتوسط على ساحل غزة، يمكنه استقبال السفن الكبيرة التي تحمل الغذاء والماء والدواء والملاجئ المؤقتة. حد قوله.
وأضاف بايدن: “رغم إنشاء الميناء، على إسرائيل أن تقوم بدورها، وأن تسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع، وأن تضمن عدم وقوع العاملين في المجال الإنساني في مرمى النيران”، مشدداً على أنه “لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض”.
وسبق ذلك تصريحات لمسؤول أمريكي نقلتها وسائل إعلام أمريكية، الخميس، تناول فيها موضوع إنشاء الميناء، مؤكداً تعاون الولايات المتحدة مع “إسرائيل” بشكل وثيق في تطوير الخطة، واعتزامها التنسيق معها أيضاً بشأن المتطلبات الأمنية.
وتساءلت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير لها، أمس الجمعة، عن جدوى بناء الميناء، موضحةً أن أهم عيب فيه يتعلق بمن سيوزع المساعدات، بالإضافة إلى وجود مخاوف جدية من أن الإغاثة التي ستجلبها لن تكون كافية ومتأخرة للغاية بالنسبة للفلسطينيين الذين يواجهون المجاعة.
ونقلت الصحيفة عن رئيس السياسة الإنسانية في منظمة “أكشن إيد” الخيرية، زياد عيسى، قوله: “عندما نتحدث عن الطريق البحري، سيستغرق الأمر أسابيع لإنشائه، ونحن نتحدث عن سكان يتضورون جوعاً الآن”.