الجديد برس:
لم تكن التهيئة لشهر رمضان هذا العام في اليمن نفسية ومعيشية فقط ككل عام، بل تهيئة عسكرية أيضاً في ظل فشل المساعي الدولية لوقف الحرب التي يشنّها الكيان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إذ تسعى حركة «أنصار الله»، في الوقت الحالي، إلى تكثيف عملياتها التصاعدية ضد السفن التجارية الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية، واستكمال عمليات الإنهاك التي تخوضها ضد البوارج والمدمّرات الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وإذا كان المجتمع اليمني ألِف أن يشهد شهر رمضان تحوّلات عسكرية كبيرة، باعتباره بالنسبة إليهم “شهر الجهاد والتضحية”، فقد دشّنت القوات البحرية التابعة لحكومة صنعاء، معركة رمضان للعام الحالي، بأوسع اشتباك بحري ضد البوارج والسفن الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن، السبت، مؤكدة من خلاله امتلاكها هامشاً واسعاً للتحكم بزمام المواجهة وإرباك العدو في أكثر من مسرح عملياتي.
وفيما يعدّ الهجوم الأكبر والأوسع منذ بداية الحرب، أكدت مصادر عسكرية مطلعة في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن الاشتباك الذي استخدمت فيه قوات صنعاء البحرية 37 طائرة مسيّرة، يأتي في إطار التدشين العملياتي لمعارك شهر الصيام، والتي توقّعت المصادر أن تكون أكثر شدة من سابقاتها.
وعلى رغم تراجع حدّة التوتر نسبياً في البحر الأحمر خلال الساعات الماضية، إلا أن ذلك يعود إلى عدم مرور أي سفينة محظورة، وفقاً لأكثر من مصدر ملاحي، بعدما فقدت شركات ملاحية عالمية عديدة ثقتها بالبحريتين الأمريكية والبريطانية.
وفي الوقت نفسه، أكدت مصادر محلية في مدينة الحديدة أن الطيران التجسّسي والحربي الأمريكي تراجع بشكل لافت منذ أول من أمس، واعتبرت هذا مؤشراً إلى نجاح صنعاء في إرباك طيران تحالف «حارس الازدهار»، والذي كان ينطلق من البوارج والمدمرات وحاملات الطائرات، لينفّذ هجمات في عدد من المحافظات اليمنية.
وكان عضو «المجلس السياسي الأعلى» الحاكم في صنعاء، محمد علي الحوثي، قد دعا الأمريكيين والبريطانيين إلى عدم الإقلاع من البوارج والمدمّرات كونها مرصودة من قبل القوات اليمنية البحرية.
تراجع حدة التوتر نسبياً في البحر الأحمر، خلال الساعات الماضية، يعود إلى عدم مرور أي سفينة محظورة
وفي الوقت الذي تواصل فيه التكتم على نتائج الضربات التي تتعرّض لها، تعيش الولايات المتحدة ارتباكاً في محاولتها التقليل من شأن العمليات اليمنية. فخلال اليومين الماضيين، لجأت القيادة المركزية إلى أكثر من رواية للحديث عن الاشتباك العسكري الذي حدث يوم السبت؛ وبعدما اعترفت في رواية سابقة بتعرّضها لهجوم يمني اعترضت خلاله 15 طائرة مسيّرة، تراجعت وأصدرت بياناً آخر قالت فيه إن عدد الطائرات المسيّرة التي تم اعتراضها من قبل السفن الأمريكية وسفن فرنسا وبريطانيا بلغ 28.
وجاء ذلك بعد بيان للمتحدث باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، أكد فيه استخدام البحرية اليمنية في الهجوم الذي طاول بارجتين أمريكيتين، 37 طائرة مسيّرة. ومن شأن استخدام هذا العدد من الطائرات المسيّرة تهشيم صورة الردع التي تحاول واشنطن تثبيتها، وتأكيد فشل عملياتها العسكرية التي استهدفت تقليص قدرات اليمن وتحييدها.
وتعليقاً على ذلك، قال نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي في صنعاء، العميد عبد الله بن عامر، إن «السؤال المهم كان: كيف يمكن التصدّي لكل ذلك العدد من الأهداف في وقت واحد، فيما السؤال الأهم هو: كيف استطاع اليمن إطلاق هذا العدد في هجومه الواسع؟ علماً أن ما حدث ليس إلا محاكاة لمعركة أوسع قد تحدث عما قريب».
ويرى مراقبون أن الهجوم يهدف إلى استنزاف قدرات السفن الحربية، حيث يؤدي استنفاد الصواريخ الدفاعية لدى تلك السفن إلى جعلها أهدافاً سهلة، فيما يصعب عليها القيام بإعادة التزود في وسط البحر.
وكانت كثافة العملية الأخيرة قد دفعت البحريتين الأمريكية والبريطانية إلى الاستنجاد بكل القطع البحرية الأوروبية، ومنها السفن الفرنسية والألمانية، في إطار محاولاتها تخفيف وطأة الهجوم الذي كان مركّزاً حول القطع الأمريكية.
وفي هذا الإطار، اعترفت وزارة الدفاع الفرنسية بتعرض إحدى بوارجها لهجوم يمني في خليج عدن. وذكر بيان صادر عنها أن أربع طائرات مسيّرة انطلقت من اليمن، في اتجاه فرقاطة فرنسية موجودة في خليج عدن، قائلاً إنه «تم إسقاط تلك الطائرات».
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية