الجديد برس:
قال ضابط مخابرات سابق في مشاة البحرية الأمريكية، إن فشل الولايات المتحدة في ردع قوات صنعاء ووضع حد لهجماتها البحرية يكشف حدود القوة العسكرية الأمريكية أمام العالم أجمع، مشيراً إلى أن واشنطن وقعت في فخ من تصميمها الخاص من خلال استخدامها لنهج القوة.
وفي مقالة نشرها موقع “إنرجي إنتليجنس”، كتب سكوت ريتر ضابط المخابرات السابق في مشاة البحرية الأمريكية، والذي شغل منصب كبير مفتشي الأسلحة لدى الأمم المتحدة في العراق من عام 1991 إلى عام 1998، أن “الجهود العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الهجمات التي تشنها ميليشيا الحوثي اليمنية على الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، وردع الهجمات المستقبلية من هذا النوع، تتخبط، ولم يتم تحقيق أي من الهدفين، حيث لا تزال السفن التجارية تتعرض للهجوم، وليس هناك ما يشير إلى أن الضربات العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد أعطت الحوثيين وقفة”.
وأضاف أنه “قد تم تقويض الأدوات الدبلوماسية التقليدية بسبب عوامل جيوسياسية خارج إطار التفاعل بين الولايات المتحدة والحوثيين، وتحديداً الصراع المستمر بين إسرائيل وحماس في غزة”.
وأشار إلى أن “الآلية الوحيدة المتاحة لتنفيذ سياسة الولايات المتحدة هي الآلية التي تم اختيارها في البداية: الخيار العسكري، والآن، في مواجهة عجز القوة العسكرية عن تحقيق أهدافها السياسية، وقعت واشنطن في فخ من تصميمها الخاص، مضطرة إلى مواصلة مسار سياسي خالٍ من احتمالات التوصل إلى نتيجة إيجابية بسبب العواقب السياسية والجيوسياسية المترتبة على الاعتراف بالفشل، وعلى هذا النحو، فإن تجربة الولايات المتحدة مع الحوثيين هي دراسة حالة حول حدود القوة”.
وقال إن” نهج (كل شيء أو لا شيء) الذي اتبعته إسرائيل أثر على قدرة الولايات المتحدة في تشكيل الصراع باستخدام الدبلوماسية التقليدية، ففي الظروف العادية، سيتم التقليل من التهديد باستخدام القوة العسكرية، وإذا تم إلغاء ذكره على الإطلاق، فلن يكون ذلك إلا في سياق ردع التصعيد، أو كقوة استقرار أو ضامنة للسلام في أي مناقشات لحل الصراع، ولكن القيود التي يفرضها موقف إسرائيل المتشدد دفعت بالقوة العسكرية الأمريكية إلى المقدمة، فمنذ البداية، ركزت الولايات المتحدة على تسهيل أهداف السياسة الإسرائيلية في مواجهة حماس، وتزويد إسرائيل بالأسلحة العسكرية في حين نشرت قوات عسكرية في المنطقة لردع حزب الله وإيران عن الدخول في الصراع إلى جانب حماس، وقد تم تحويل الدبلوماسية إلى دور داعم، وهو منع أي تدخل من مجلس الأمن الدولي يعتبر غير متوافق مع الأهداف والغايات الإسرائيلية”.
واعتبر أن “الردع العسكري الأمريكي، الذي تم نشره بشكل غير فعّال وغير حاسم، تحول إلى فخ سياسي، حيث يسلط أي استخدام للقوة الضوء على الفشل في تحقيق النتائج المرجوة، مما يؤدي إلى الحاجة الواضحة إلى المزيد من العمل”.
وأضاف: “في 11 يناير، وفي مواجهة فشل عملية (حارس الازدهار) في إنهاء هجمات الحوثيين على الشحن الدولي، بدأت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة سلسلة من الضربات الجوية ضد أهداف عسكرية في اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون، وكان أحد الأغراض المعلنة لهذه الضربات هو ردع المزيد من هجمات الحوثيين على الشحن الدولي”.
وتابع: “بعد أكثر من شهر من بدء الضربات، أقر صناع السياسة الأمريكية بأن الهجمات كان لها تأثير ضئيل على الحوثيين، فلم تعطل قدرتهم على ضرب الشحن الدولي في البحر الأحمر وخليج عدن، ولم تردعهم عن الاستمرار في هجماتهم، وإذا كان هناك أي شيء، فهو أن تصرفات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لم تؤدِ إلا إلى تفاقم الوضع”.
وأشار إلى أنه “بما أن الوضع الراهن لم يغير شيئاً، فإن البلدين يواجهان الحاجة إما إلى التصعيد أو البحث عن حلول غير عسكرية (دبلوماسية)، فإحجام إسرائيل عن الموافقة على أي شيء يتعارض مع عمليتها العسكرية المستمرة يمنع الولايات المتحدة من إشراك الحوثيين بشكل هادف بشأن شروطهم لإنهاء الصراع، وخاصة وقف إطلاق النار”.
واختتم بالقول إن “خيارات التصعيد العسكري يعوقها توافر القوة العسكرية، فالولايات المتحدة لا تملك سوى عدد قليل من مجموعات حاملات الطائرات المقاتلة، كما أنها تفتقر إلى الدعم السياسي لمثل هذا العمل، حيث شكك بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، ومن بينهم حلفاء مقربون للرئيس جو بايدن، في شرعية العملية العسكرية الحالية ضد الحوثيين، وفي ظل افتقارها إلى أي مخرج عملي، ليس أمام الولايات المتحدة خيار سوى مواصلة الضربات العسكرية ضد الحوثيين، والتي، مع كل إجراء غير فعال، لا تؤدي إلا إلى المزيد من تقويض مبدأ الردع، وتكشف حدود القوة العسكرية الأمريكية ليراها العالم أجمع”.