الجديد برس:
قالت صحيفة “تشاينا ديلي” الصينية، إن الولايات المتحدة الأمريكية تصنع وضعاً كارثياً يخسر فيه الجميع في البحر الأحمر، وإن تحركها العسكري في عملية “حارس الإزدهار” لم ينجح في معالجة أزمة الشحن، بل دفع نحو المزيد من التصعيد، مؤكدةً أن المطلوب هو معالجة السبب الجذري للأزمة والمتمثل في وقف الحرب الإسرائيلية على غزة.
ونشرت الصحيفة الصينة المطبوعة باللغة الأنجليزية، تقريراً هذا الأسبوع، بعنوان “يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن خلق كارثة يخسر فيها الجميع في البحر الأحمر”، جاء فيه أن “هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أحدثت انعكاسات خارج أسوار غزة، وخاصة على أحد أهم طرق التجارة في العالم: البحر الأحمر، حيث تعرضت سلامة المرور بالفعل لتهديد شديد في هذا الممر المائي الحيوي، والآن سيكون من الأصعب ضمان مثل هذه السلامة في ظل الغارات العسكرية المستمرة في غزة وسلسلة من الإجراءات غير البديهية التي اتخذتها الولايات المتحدة”.
وأضاف التقرير أنه “بدلاً من الضغط على إسرائيل لوقف عقابها الجماعي لسكان غزة وتنسيق المزيد من المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة للقطاع لإنهاء الأزمة الحالية في البحر الأحمر، أعلنت الولايات المتحدة عن مبادرة أمنية بحرية مشتركة تسمى (عملية حارس الرخاء) من أجل (ضمان حرية الملاحة وتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين) فشنت جولات متعددة من الضربات ضد أهداف الحوثيين في اليمن، وباعتبارها أكبر مساهم، أوقفت مؤقتاً تمويل الأونروا، وهي وكالة إنسانية تابعة للأمم المتحدة تمثل العمود الفقري لجميع الاستجابة الإنسانية في غزة”.
وأكدت الصحيفة أن “ما فعلته الولايات المتحدة لم يقدم سوى القليل من المساعدة لتهدئة التوترات في البحر الأحمر، ولم يتم تعزيز الأمن والرخاء في المنطقة، بل يترتب على ذلك المزيد من العداء والفوضى”.
وأشارت إلى أنه “في إطار عملية حارس الرخاء، فقد أصيبت العديد من السفن كنتيجة مباشرة للضربات التي قادتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين والمعاناة المستمرة المفروضة على المدنيين في غزة”.
واعتبرت أنه “نتيجة لذلك، كان هناك نزوح جماعي تقريباً لسفن الحاويات الأكبر حجماً من هذه المياه التي توفر أسرع طريق شحن من آسيا إلى أوروبا، وبدلاً من ذلك، تسلك المزيد والمزيد من السفن التجارية طرقاً تمتد عدة آلاف من الأميال حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، مما يضيف ما قيمته مليون دولار من تكلفة الوقود لكل رحلة وأسابيع من التأخير في تسليم البضائع”.
وأوضح تقرير الصحيفة الصينية أن “الأزمة المطولة في البحر الأحمر الناجمة عن التدخل الأمريكي غير المبرر يمكن أن تتسبب في كارثة يخسر فيها الجميع، مما يؤدي إلى تحطيم الآمال في التعافي الاقتصادي العالمي وتوجيه المزيد من الضربات للنظام الدولي”.
وقال التقرير إن “هذه ليست المرة الأولى التي يتسبب فيها التدخل الأمريكي في خلق معضلة يخسر فيها الجميع”.
وتابع: “بعد وقت قصير من هجمات 11 سبتمبر، أعلنت الولايات المتحدة حربها على الإرهاب وقادت بعد ذلك قوات متعددة الجنسيات إلى أفغانستان، وكانت الأهداف المعلنة هي تفكيك تنظيم القاعدة، والإطاحة بحكومة طالبان، وتحقيق قدر أكبر من السلام والأمن للعالم، وتوفير الغذاء والحرية لأفغانستان، ولكن الواقع ليس كذلك بعد أن غادرت الولايات المتحدة البلاد بعد ما يقرب من 20 عاماً من الحروب غير المجدية، لقد استمر تنظيم القاعدة، الذي دخل عقده الرابع، في التطور والنمو، وكانت حركة طالبان في طريقها لاستعادة السلطة حتى قبل رحيل الولايات المتحدة. ولم تتم إعادة بناء أفغانستان لتصبح دولة حرة وحديثة ومستقرة”.
وأضاف: “الشيء نفسه ينطبق على العراق، ففي عام 2003، اتهمت الولايات المتحدة الحكومة العراقية بامتلاك أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهابيين، وتعهدت بحماية الديمقراطية والسلام والأمن في المنطقة وتحرير الشعب العراقي، ثم بدأت عمليتها العسكرية التي أدت إلى حرب دامت ما يقرب من عقد من الزمن في العراق، ولم تكتشف أسلحة الدمار الشامل، بل أصبح هناك جحافل من الإرهابيين الجدد، وقتل ما يقدر بنحو 300 ألف عراقي، وحتى يومنا هذا، ما زال العراقيون يعانون من سلسلة من أعمال العنف وفشل الدولة الناجمة عن الحرب الأمريكية”.
وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة نفسها لم تستفد “فقد كلفت تدخلاتها العسكرية في أفغانستان والعراق الولايات المتحدة بشكل مباشر تريليونيّ دولار و2.3 تريليون دولار على التوالي”.
وقالت الصحيفة إنه “في عالم تطغى عليه بالفعل التوترات الجيوسياسية المتزايدة والشكوك الاقتصادية المتزايدة، لم تعد العديد من الحكومات تركز على الفوائد المطلقة التي يوفرها النظام الدولي والتعاون العالمي، كما يقول تقرير ميونيخ الأمني لهذا العام، والذي حذر من أن هذا قد يؤدي إلى ديناميكيات الخسارة للجميع والتي تقوض النظام الدولي القائم”.
وأضافت أن “التكلفة الإجمالية للأزمة الحالية في البحر الأحمر تقدر بالفعل بمليارات الدولارات، وحتى التقدير المتحفظ لهذه الخسائر، الذي يتم حسابه من خلال الجمع بين الخسائر في قناة السويس، وزيادة الإنفاق على الشحن الدولي وارتفاع تكاليف المعاملات الدولية، يعد تقديراً فلكياً، ومن المتوقع ألا يرتفع هذا المبلغ ويتضاعف ما دامت الأزمة قائمة فحسب، بل إن البلدان النامية الأقل استعداداً للتعامل معها ستتحمله في المقام الأول”.
وخلص التقرير إلى أنه “لوضع حد لمشكلة معقدة، لا نحتاج إلى حل الأعراض فحسب، بل نحتاج أيضاً إلى حل السبب الجذري، كما تخبرنا الحكمة الصينية القديمة، ولإنهاء الأزمة في البحر الأحمر، من الواضح أن قواعد اللعبة التي تمارسها الولايات المتحدة ليست الحل”.
واختتم بالقول إن “جذور هذه الأزمة ترجع إلى الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة، والوقف الفوري لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وتقديم مساعدات إنسانية أكبر من المجتمع الدولي إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب، والأهم من ذلك، التوصل إلى حل شامل وعادل ومستدام للقضية الفلسطينية الإسرائيلية على أساس حل الدولتين، هي المبادئ التي تشكل جوهر المقترحات الصينية، وهي كل ما هو مطلوب لعكس اتجاه الكارثة التي يخسر فيها الجميع، وخلق الظروف الملائمة لتحقيق الفوز للجميع”.