الجديد برس:
تواصل الحرب التي يشنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة التسبب في خسائر كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي، بسبب تكلفة تمديد الخدمة، للجنود النظاميين والاحتياط، والتي تتراوح ما بين 7 إلى 13 ألف دولار شهرياً لكل جندي، أو لجهة كلفة إعفاء “الحريديم” من الخدمة الإلزامية، إضافة إلى كلفة الخسارة في المشاريع التجارية والممتلكات، والتي تقدّر بنحو 6 مليارات دولار حتى اليوم.
وأشارت التقارير، إلى تسجيل خسائر إقتصادية، طالت المستوطنات شمالي فلسطين المحتلة. لاسيما في القطاع الزراعي. كما تعيش المستوطنات جنوبي فلسطين المحتلة، واقعاً اقتصادياً سيئاً بسبب الحرب، عبّر عنها في أوضح صورة واقع ميناء “إيلات” الذي أعلنت إدارته عن نيتها إقالة نحو نصف عمالها بعد أن هبطت إيرادات الميناء بأكثر من 80 %.
أضرار الحرب على المشاريع التجارية والممتلكات
ونشر الخبير الإقتصادي الرئيسي في وزارة المالية لحكومة الاحتلال صموئيل أبرمزون، تحليلاً شرح فيه الفروقات والكلفة على المرفق الإقتصادي من جراء تمديد خدمة الإحتياطيين مقابل تمديد الخدمة النظامية. وأشار إلى أن تكلفة تمديد خدمة الإحتياطيين أعلى بكثير من تمديد خدمة للجنود النظاميين، ويمكن أن تصل إلى أكثر من مليار شيكل في الشهر الواحد، وهذه كلفة تقريبية، لأنه “لا يمكن نشر الكلفة الدقيقة لأنه من الضروري الحفاظ على أسرار نظم القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي”.
ويأتي هذا التحليل، وفقاً لـ أبرمزون، لإيضاح تداعيات تمديد الخدمة العسكرية على المرفق الاقتصادي، في ظل صراع وزارة المالية مع موازنة الأمن الموسّعة التي حصلت عليها وزارة الأمن في أعقاب الحرب.
ارتفاع مصاريف الجنود
وبحسب تحليل أبرمزون فإن تمديد خدمة الإحتياط للرجال لمدة شهر للفئة العمرية 40-45 سنة، تقدّر بنحو 17 ألف دولار لكل جندي ذكر، وأكثر من 10 آلاف دولار لكل أنثى؛ وللفئة العمرية 31 حتى 39 سنة تبلغ 15 ألف دولار لكل ذكر، ونحو 9 آلاف دولار للإناث؛ أما الفئة العمرية 22 حتى 30 سنة، فتصل إلى 9 آلاف دولار في الشهر للذكر، ونحو 7500 دولار للأنثى.
وفي مقارنة بين جنود الإحتياط الرجال والنظاميين تصل الكلفة المتوسطة إلى 13 ألف دولار شهرياً للإحتياطيين، وإلى 7500 دولار لكل جندي نظامي. فأما النساء، فكلفة الجندية في الإحتياط شهرياً تبلغ 9 آلاف دولار، ولتمديد الخدمة للجنديات النظاميات تكون الكلفة نحو 6 آلاف دولار شهرياً. ولفتت “يديعوت أحرونوت” إلى أن الكلفة محسوبة فقط بالنسبة للرجال والنساء غير “الحريديم”، الذين لهم حسابات مغايرة.
وبشأن هذه القضية، قالت رئيسة المجال الاقتصادي، ليئل كايزر، في قناة “كان” الإسرائيلية، إنه عوضاً عن دفع كلفة تمديد الخدمة النظامية أو للاحتياط، تستيطع الحكومة تجنيد شبان من “الحريديم” في سن التجنيد، والبالغ عددهم 66 ألف شاب سنوياً، بحسب معطيات المؤسسة الأمنية، والذين لا يتجندون حالياً. وأضافت كايزر أن تجنيد 50 ألف عنصر بسن التجنيد من المعفيين سيوفّر على “إسرائيل” نحو 300 مليون دولار شهرياً.
وأدى طول مدة الاحتياط الى إلحاق الضرر بالمصالح التجارية لعناصر الاحتياط، إذ وفقاً لصحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية، من بين الـ 16 ألف مصلحة التي أغلقت أبوابها منذ اندلاع الحرب، 6 % منها يعود لجنود في الاحتياط.
وفي سياق ذي صلة، نقلت “يديعوت أحرونوت” عن مدير مصلحة الضرائب في “إسرائيل”، شاي أهرانوفيتش، أن أضرار الحرب على المشاريع التجارية والممتلكات تقدّر بـ 6 مليارات دولار حتى اليوم، من بينها نحو 300 مليون دولار عند الحدود الشمالية، التي يوجد صعوبات في تقدير الأضرار فيها بدقة الآن.
وأوردت الصحيفة كمثال عن الوضع عند الحدود الشمالية، الحالة الصعبة التي تعيشها مستوطنة المطلة التي تأسست سنة 1896، إذ تحولت منذ أكثر من خمسة أشهر إلى منطقة عسكرية مغلقة، بعد أن نزح منها 2500 نسمة، وحالياً “لا يُرى في أفقها أي بشري”، ولا يتم قطف أشجار التفاح والحمضيات فيها. الصحيفة أشارت إلى أنه على رغم الأضرار المتواصلة التي تصيب المطلة، لا يصل إليها أي مخمن عقاري، أو عنصر تأمين، لفحص الأضرار.
وأجرت الصحيفة مقابلة مع رئيس المجلس المحلي في المطلة، دافيد أزولاي، الذي اشتكى من أنه منذ نصف سنة، نحو 100 ألف نسمة يعيشون خارج منازلهم، كما أن الشريط من السياج بعمق نحو خمسة كيلومتر جنوباً خالٍ من السكان، ويوجد فيه فقط جنود.
مستوطنة ثانية تعيش واقعاً صعباً عند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، هي المنارة، التي أخلاها كل سكانها، بحسب موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي، الذي أعد تقريراً عنها، ورد فيه أن المنارة هي المستوطنة الشمالية التي تضررت بأقسى طريقة، وتحولت إلى رمز للمعركة مقابل حزب الله، إذ أصيبت فيها أكثر من 104 وحدة سكنية من أصل 155، بعضها دُمر تماماً.
الموقع أضاف أنه في المنارة تضررت أيضاً مبانٍ عامة وبنى تحتية، كما أصيب قطاع الزراعة، بأضرار جسيمة؛ فالعمال لا يمكنهم الاقتراب من البساتين، التي لم يخسر أصحابها فقط ثمار الموسم الحالي، والتي لم تُقطف، بل المواسم المقبلة أيضاً لأنه لا يمكن الاهتمام بالأشجار وتهيئتها للفصل القادم حالياً، و”بستان لا يلقى اهتماماً، لن يجني ثماراً في الفصل القادم، ومن الصعب ترميمه وإعادته إلى حالته السابقة”، بحسب خبراء.
وتطرق موقع “واللا” في تقريره إلى نية عدد من سكان المنارة عدم العودة إليها بعد إنتهاء الحرب، وفي هذا السياق، نقل عن إحدى المستوطنات في المنارة امتعاضها لأن ابنها وزوجته وولده، قرروا عدم العودة إلى المنارة، في كسر لسلسلة من أربعة أجيال سكنت في المطلة.
ميناء “إيلات” يواجه صعوبات ونصف عماله معرّضون لخطر الإقالة
وإسوة بشمالي فلسطين المحتلة، تعيش المستوطنات جنوبي فلسطين المحتلة واقعاً اقتصادياً سيئاً بسبب الحرب، ومثال على ذلك، أفاد موقع “كالكاليست” الاقتصادي الإسرائيلي أن إدارة ميناء “إيلات” أعلنت عن نيتها إقالة حوالي 60 عاملاً من ضمن 120 عاملاً، بسبب الهجمات التي يشنها اليمنيون على السفن المتجهة إلى الميناء، والتي أدت إلى هبوط في حجم النشاط وإيرادات المرفأ، التي هبطت بأكثر من 80 %.
علماً أن أبرز نشاط ميناء “إيلات”، بحسب “كالكليست”، هو استقدام السيارات، بحيث دخل إلى “إسرائيل” في العام 2022 نحو 166 ألف سيارة عبر ميناء “إيلات”، أما في العام 2023 فدخلت فقط 149 ألف سيارة، (بسبب الحرب في أخر فصل من السنة)، والجدير ذكره أنه في العام 2024 لم تدخل أي سيارة إلى “إسرائيل” عبر ميناء “إيلات”.
وأثار قرار إدارة الميناء إقالة نصف عماله، موجة اعتراض، حيث اتهم مدير الوحدة البحرية في نقابة عمال المواصلات فيالهستدروت (اتحاد النقابات في إسرائيل)، المحامي نير ايزنبرغ، إدارة الميناء باستغلال وضع الحرب للمس بقوت يوم عاملات وعمال مخلصين. كما اتهم رئيس منطقة “إيلات” في “الهستدروت”، موشيه أزولاي، إدارة الميناء بأنها تجاوزت تفاهمات سابقة تم التوصل إليها مع العمال.
موقع “القناة 14” الإسرائيلية أجرى مقابلة مع مدير عام ميناء “إيلات”، جدعون غولبر، الذي قال إنه من اللحظة التي أغلق فيها اليمنيون مضيق باب المندب، توقف نشاط الميناء، ومنذ ذلك الوقت “نحن عاطلون عن العمل”.
وأضاف غولبر أنه عبر هذا الميناء، يدخل نحو 50 % من إجمال المركبات إلى “إسرائيل” سنوياً، كما تصدر “إسرائيل” عبره نحو مليوني طن من البوتاسيوم والفوسفات من البحر الميت، كما تستورد العجول والأغنام من استراليا، و”كلّ هذه الأمور توقفت الآن”.