الجديد برس:
كتب ضابط سابق في البحرية الأمريكية تحليلاً عن تراجع الولايات المتحدة في تعاملها مع أزمة البحر الأحمر ولجوءها للدبلوماسية، واصفاً ذلك بـ”الرضوخ” لمن أسماهم الضابط الأمريكي (الحوثيين) بعد “انتصارهم على البحرية الأمريكية” وفشل واشنطن في هزيمتهم رغم فارق القدرات العسكرية التي لا تُقارن.
وقال جيمس دورسو، الكاتب في شؤون السياسة الخارجية والأمن القومي، والضابط السابق لمدة 20 عاماً في البحرية الأمريكية والذي عمل أيضاً في كل من الكويت والسعودية والعراق وآسيا الوسطى، في تحليل له على موقع “أوراسيا ريفيو”، إن “الخبر السار هو أن الولايات المتحدة تتجه للدبلوماسية في الشرق الأوسط بخصوص الهجمات من اليمن على السفن، الأخبار السيئة هي أن المتمردين الحوثيين في اليمن تفوقوا عليها”.
وأشار دورسو، في تحليله إلى التراجع الأمريكي – من وجهة نظره – في التعامل مع أزمة البحر الأحمر من المسار العسكري إلى المسار الدبلوماسي، إلى تحركات المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ خلال الأسابيع القليلة الماضية وتصريحاته، والتي بحسب “دورسو”، “رضخ” فيها المبعوث الأمريكي “للأمر الواقع واعترف قائلاً: نحن نؤيد الحل الدبلوماسي، ونعلم أنه لا يوجد حل عسكري”.
ويشير الضابط في البحرية الأمريكية، إلى أن الأخيرة خسرت 3 من أفرادها في عملياتها في البحر الأحمر وخليج عدن منذ أن وصلت في ديسمبر العام الماضي، حيث غرق اثنان من قوات الكوماندوز التابعين لمشاة البحرية في البحر العربي خلال مهمة اشتباك مع قارب كبير (قالت واشنطن إنها اشتبهت في أنه يحمل أسلحة لتهريبها إلى اليمن)، لافتاً إلى عنصر ثالث في البحرية الأمريكية سقط في البحر في ظروف غامضة لم يكشف البنتاغون عنها، وفي المقابل يقول دورسو إن قوات صنعاء (الحوثيين حسب توصيفه) سقط منهم 37 شخصاً و30 جريحاً بسبب سلسلة الغارات الجوية التي شنتها أمريكا وبريطانيا داخل اليمن والتي بلغت 424 غارة.
ويؤكد الضابط في البحرية الأمريكية أن واشنطن طلبت من الصين التدخل لدى إيران باعتبارها صديقة لـ”الحوثيين” بهدف الضغط عليهم لإيقافهم ومنعهم من مواصلة الهجمات على السفن ورفع الحظر عن الملاحة الإسرائيلية، إلا أنه تساءل “جميل، لكن ما الفائدة بالنسبة للصين وإيران؟”.
وفيما أشار جيمس دورسو، إلى توصيف أحد قادة البحرية الأمريكية للمعارك الدائرة بين قواته وبين قوات صنعاء البحرية بأنها تشبه في ضراوتها وحجمها تلك التي خاضتها بحرية الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، لفت إلى حقيقة هامة وهي حسب قوله “أن اعتراف المبعوث الأمريكي لليمن بأن القوة العسكرية قد فشلت في إيقاف الحوثيين هو نقطة سوداء للولايات المتحدة وحلفائها الذين فشلوا في إخضاع الحوثيين الذين لا تساوي ترسانتهم البحرية ما لدى بحرية دولة صغيرة”.
وأشار الباحث والضابط السابق بالبحرية الأمريكية، إلى أن الولايات المتحدة ليست الأولى التي تتعرض للهزيمة في مواجهة من أسماهم (الحوثيين)، حيث لفت إلى أن السعودية التي قادت تحالفاً من عدة دول وشنت حرباً عليهم منذ مارس 2015، اضطرت في أواخر مارس 2022 للاتفاق معهم على هدنة تشمل وقف أي قصف جوي سعودي على كامل الجغرافيا اليمنية والسماح بجزء من الرحلات الجوية الإنسانية التي كانت موقفة كلياً بما في ذلك الحظر البحري والبري أيضاً.
كما أشار دورسو إلى الخسائر والتكاليف الباهظة التي يتكبدها الجيش الأمريكي في مواجهاته البحرية مع قوات صنعاء بسبب كلفة الأسلحة الأمريكية الدفاعية والهجومية التي يبلغ أقل صاروخ اعتراضي 3 ملايين دولار للتصدي للطائرات المسيرة اليمنية التي تبلغ الواحدة منها ألفي دولار فقط، لافتاً إلى تكاليف الصيانة التي يفترض أن تخضع لها القطع الحربية التابعة للبحرية الأمريكية عند عودتها إلى الميناء.
كما لفت إلى أن عزوف عدد من شركات الشحن من العبور من مضيق باب المندب كان سببه “الفشل المزمن للجهود العسكرية الذي صاحب أداء التحالف الأمريكي في حماية سفن الشحن”.
ومن أبرز ما أورده الضابط بالبحرية الأمريكية في تحليله، تطرقه لإمكانية أن يستفيد خصوم أمريكا التقليديين من المواجهات في البحر الأحمر وخليج عدن من خلال دراسة تكتيكات الحوثيين التي استخدموها في مواجهتهم البحرية الأمريكية وتحالفها والتي تمكنوا خلالها من إحباط القدرات النارية للبحرية الأمريكية”.
ويضيف كاتب التحليل إن “الأداء الضعيف في هذه المعركة لم يكن مقتصراً على القوات الأمريكية والبريطانية فقط”، حيث أشار إلى أنه في فبراير الماضي “فتحت سفينة حربية تابعة للبحرية الألمانية في البحر الأحمر النار على طائرة أمريكية بدون طيار، عن طريق الخطأ بعد أن جرى الاعتقاد بأنها طائرة هجومية يمنية، وفي أبريل انسحبت الفرقاطة الألمانية هيسن البحر الأحمر ولن يصل أي بديل لها إلا في أغسطس المقبل”.
كما لفت الضابط دورسو إلى إقالة الدنمارك لقائد جيشها بعد أن أظهرت السفينة الحربية الدنماركية المشاركة في التحالف عيوباً في أنظمة دفاعها الجوي وذخيرتها”، كما أشار أيضاً إلى انسحاب السفينة الحربية الفرنسية المشاركة في التحالف من البحر الأحمر بعد نفاد ذخيرتها في مواجهة هجمات “الحوثيين”، مشيراً إلى اعتراف قائدها حين وصف المواجهات مع قوات صنعاء البحرية بالقول إن “كثافة الهجمات التي لم تتوقف كان مفاجئاً للغاية”.
وقال دورسو إن “الحوثيون اشترطوا لوقف هجماتهم، إيقاف الحرب على غزة ورفع الحصار، وهم بذلك تعمدوا أن يضعوا أنفسهم في الزاوية، وإذا اختبرت الولايات المتحدة جدية الحوثيين وأوقفت إطلاق النار في غزة ثم واصل الحوثيون هجماتهم على الشحن فإن أمريكا تكون بذلك قد كشفتهم على أنهم محتالون، لكن إذا حافظ الحوثيون على كلمتهم، فإن ذلك سيرفع من مكانتهم باعتبارهم أخضعوا الأمريكيين، وبطبيعة الحال فإن رضوخ أمريكا مؤخراً للطرق الدبلوماسية مع الحوثيين ربما يكون قد حقق هذا الهدف.