الجديد برس:
كشفت الصحافة الفرنسية، عن تفاصيل جديدة حول انتهاكات شركة “توتال” في اليمن، مسلطة الضوء على ممارسات وانتهاكات واسعة ناجمة عن أعمال الشركة في حقل خرير النفطي، المعروف باسم بلوك 10، في حضرموت، مؤكدةً أن “توتال” أفرغت 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في المحافظة.
وذكر تحقيق صحافي دولي، نُشر باللغة الفرنسية في صحيفتي “ماريان” و”لوبس” ثم ترجم إلى العربية على مدونة الصحافي المستقل كوينتين مولر، أن الكميات التي أفرغتها توتال عبارة عن سائل يحتوي على إشعاعات نووية ومعادن ثقيلة والـ BTEX، (البنزين، التولوين، إيثيل بنزين، الزيلين)، والباريوم وهو مزيج كيميائي مسبب للسرطان ويحدِث مشاكل في العضلات والقلب.
وحسب التحقيق، إن المئات من الأحواض، التي يمكن ملاحظتها من مناظر الأقمار الصناعية سممت هواء المناطق المحيطة منذ ما يقرب من خمسة وعشرين عاماً. وقال التحقيق- نقلاً عن مهندس نفطي فرنسي- “ربما فعلت توتال ذلك لأنه في اليمن، حيث لا توجد سيطرة، وكانوا يراهنون على حقيقة أن أحداً لن يذهب ويتفقد منشآتهم”.
وكشف التحقيق عن تقرير سري لتوتال في ديسمبر 2010، أكد أنه تم ضخ 87 ألف برميل من المياه السامة كل يوم، أي ما يعادل 14 مليون لتر، وأثبتت التسريبات الجديدة أن الشركة كانت على علم تام بممارساتها غير القانونية والخطيرة، وأن الحكومة اليمنية تعتزم أيضاً اتخاذ إجراءات قانونية ضدها.
ومنذ عام 1996 بداية نشاط توتال في اليمن، لم تحترم الشركة متعددة الجنسيات بعض المعايير الأساسية لإدارة النفايات السامة الناتجة عن ظهور النفط. وفق التحقيق الذي نقل عن موظف في الشركة قوله: “لقد صدمت، كانت توتال تفعل عكس ما تعلمته تماماً أثناء تدريبي”، وتابع: “عندما يرتفع الزيت إلى السطح يتم خلطه بشكل طبيعي مع الماء، ويطلق عليه الماء المنتج، لجعل الهيدروكربون قابلاً للاستغلال، وكان على توتال فصله”.
وقال التحقيق: بدلاً من اختيار العلاج من ثلاث مراحل من أجل القضاء على جميع المكونات الخطرة على صحة السكان الذين يعيشون حول حقول النفط، اختارت الشركة متعددة الجنسيات “أحواض التبخر”، وهو حل أرخص بكثير ولكنه غير قانوني في اليمن وخارج المعايير الدولية تماماً. يشكل تبخر هذه المياه مخاطر صحية خطيرة لأن BTEX، وهو مادة مسرطنة للغاية، شديد التقلب أيضاً. وفق اعتراف الشركة للمحققة ماريان.
وكان 120 يمنياً، رفعوا دعوة قضائية على شركة “توتال” أمام القضاء الفرنسي، أمام محاكم نانتير وباريس، على خلفية ما كشفته الصحيفتان الفرنسيتان ماريان ولوبس، من الجرائم الصحية والبيئية التي تسببها شركة النفط العملاقة توتال، في اليمن. وفق ما أكده التحقيق الدولي.
وكان 58 يمنياً أيضاً في الثاني من يناير الماضي، رفعوا دعاوى قضائية في فرنسا، بعد نشر سلسلة تحقيقات في صحيفتي “ماريان” و”لوبس” الفرنسيتين، كشفت عن خطورة التلوث الذي تسببه شركة “توتال” النفطية في اليمن.
وذكرت صحيفة “ماريان”- يومها- أن المدَّعين اليمنيين الذين يمثلهم محامون فرنسيون، يأملون في إلزام شركة “توتال” المتعددة الجنسيات بإصلاح حجم الأضرار القاتلة التي لحقت بمحافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن، حيث كانت تعمل الشركة.
وأضافت الصحيفة أن شركة “توتال” تخضع لإجراءات موجزة، لإجبارها على تقديم إرشيف أعمالها في اليمن، حيث يمكن أن يفيد المدَّعين اليمنيين مع محاميهم لتحميل شركة النفط العملاقة مسؤولية التعويض.
يُشار إلى أن تحقيقاً صحافياً نشره موقع صحيفة “لوبس” الفرنسية، في أبريل 2023م، اتهم شركة “توتال” الفرنسية بالتورط في انتهاك قوانين البيئة وصحة الآلاف من اليمنيين، من خلال إلقاء آلاف الأطنان من المواد الكيميائية السامة في المياه بمحيط المناطق التي تعمل فيها.
وقال التحقيق: “إن شركة توتال استغلت عملها في حوض نفطي شرق اليمن منذ عشرين عاماً، ودفنت خلالها ملايين اللترات من المياه السامة، والنفط وتقنيات التشغيل غير القياسية.
وأكد أن شركة توتال لوّثت- بتجاهلها إعادة تدوير النفايات السامة- الأنهار والمياه الجوفية والأراضي الزراعية، مما تسبب في مرض خطير بين السكان المحليين، ولم تبلغ عن تسربات وانسكابات كيماوية، منتهكة بذلك قوانين البيئة في البلاد.
ووصف معد التحقيق- الذي اطلع في زياراته الميدانية على عشرات الوثائق وقابل عدداً من المسؤولين اليمنيين- ما يجري هناك بالموت الذي يطال الأرض والحيوانات والبشر، جراء تسرب مواد كيميائية، وتلوث الهواء، وتأثر المناطق المحيطة.
وفي مايو من العام المنصرم حمَّلت المنظمة البيئية الدولية “غرينبيس”، شركات النفط العالمية التي تكتفي بجني الأرباح، مسؤولية تعرض الشعب اليمني ومنطقة البحر الأحمر للخطر، لعدم مشاركتها في حل أزمة الناقلة النفطية صافر العائمة قبالة سواحل الحديدة غرب اليمن.