الجديد برس:
يواصل الاحتلال الإسرائيلي حصار واقتحام آخر مستشفيين يعملان في شمال قطاع غزة، الذي بات قريباً من إعلان توقفه بالكامل عن تقديم الخدمات للجرحى الفلسطينيين، بعد اقتحام مستشفى “العودة” وإفراغه من الطواقم الطبية، بينما تطوق آليات الاحتلال مستشفى “الشهيد كمال عدوان”.
وبدأت قوات الاحتلال في 11 مايو، عملية عسكرية جديدة في شمالي قطاع غزة دمرت خلالها مئات المنازل والمؤسسات والمحال التجارية، في استمرار لجرائم الحرب التي يرتكبها في مختلف مناطق القطاع منذ أكثر من 8 أشهر.
وبعد حصار استمر أربعة أيام، اقتحمت قوات الاحتلال، الأربعاء 22 مايو، مستشفى “العودة” (غير حكومي) الذي يقع شرق مخيم جباليا في شمال قطاع غزة وأفرغ الطواقم الطبية منه واحتجزهم رفقة عدد من المرضى.
في نفس الوقت، تتمركز آليات الاحتلال الإسرائيلي على بضع مئات الأمتار من مستشفى “الشهيد كمال عدوان” (حكومي) في بيت لاهيا، وتمنع الحركة -عبر القناصة- أمام بوابته الشمالية.
حصار واقتحام مستشفيات شمال قطاع غزة
وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مستشفيا “العودة” و”كمال عدوان” للاستهداف الإسرائيلي؛ إذ سبق اقتحامهما وتدمير أجهزة ومعدات رئيسية فيهما في ديسمبر الماضي؛ ما أدى لخروجهما عن الخدمة قبل أن تجرى فيهما عمليات إصلاح لاحقاً، وعادا لتقديم جزء من خدماتهما.
وإلى جانب “العودة” و”الشهيد كمال عدوان” يوجد في محافظة شمال غزة مستشفى ثالث هو “الإندونيسي” الرئيسي في المحافظة، لكنه خارج عن الخدمة بشكل كامل منذ اقتحامه وتدمير معداته في ديسمبر 2023.
وفي محافظة غزة، يقدم مستشفى واحد هو “المعمداني” الخدمات الطبية بالحد الأدنى، بعد خروج مستشفى الشفاء عن الخدمة بعد حصاره وتدميره بشكل كلي في مارس الماضي.
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة دق ناقوس الخطر، وقال في بيان صحفي، الأربعاء، إن توقف الخدمة الصحية بمحافظتي غزة وشمال قطاع غزة ينذر بكارثة تهدد 700 ألف إنسان، مطالباً بإقامة مستشفيات ميدانية وإدخال وفود طبية بشكل فوري وعاجل.
القائم بأعمال مدير مستشفى “العودة”، محمد صالحة، أكد في تصريحات لوسائل إعلام، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت المستشفى مساء الأربعاء واحتجزت الطواقم الطبية والمرضى المتواجدين فيه، وحذر من تداعيات كارثية جراء اقتحام المستشفى، محملاً الاحتلال المسؤولية عن حياة المرضى والكوادر الطبية.
وقال صالحة إن نحو 150 شخصاً من الكوادر الطبية كانوا يتواجدون في المستشفى قبل اقتحامه، ويقدمون الخدمات بالحد الأدنى لـ15 مريضاً، مؤكداً أن المستشفى لم يستقبل أي مريض أو مصاب منذ حصاره قبل أربعة أيام.
صالحة أفاد بأن آليات الاحتلال اقتحمت حرم المستشفى وأقسامه بعدما كانت الآليات والجنود القناصة يتواجدون في الشارع الملاصقة له منذ أربعة أيام.
استهداف متعمد بالمدفعية
وأفاد صالحة بأن قوات الاحتلال فجرت، الثلاثاء 21 مايو، جدران المستشفى الجنوبية ما أحدث أضراراً في قسم الصيانة والمختبر.
أيضاً بحسب صالحة؛ استهدفت مدفعية الاحتلال، الإثنين 20 مايو، الطابق الخامس المخصص لإدارة المستشفى بقذيفة واحدة، بالإضافة لاستهداف خزانات المياه ما أدى لعدم وصول المياه لبعض الأقسام.
وأكد المسؤول الطبي أن المستشفى تعرض لإطلاق نار من قناصة جنود الاحتلال بشكل مستمر منذ بدء حصاره.
وأضاف صالحة: “لدينا تجربة مريرة إذ حاصرت قوات الاحتلال المستشفى لمدة 18 يوماً في ديسمبر الماضي واستهدفته بشكل مباشر ما أدى لاستشهاد 3 من الطواقم الطبية”.
وحول الإمكانيات المتوفرة، أوضح أن المستشفى لم يزود بأي كمية من الوقود والمستلزمات الطبية منذ 22 أبريل الماضي، موضحاً أن الكمية التي دخلت إلينا كانت تكفي لأسبوعين فقط.
وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية التي تزودنا بالاحتياجات، “أبلغتنا قبل أيام أنها لن تتمكن من إدخال الوقود للمستشفى، ما أدى إلى توقف مولدات الكهرباء الكبيرة”.
وتابع القائم بأعمال مدير مستشفى العودة: “كانت لدينا كمية سولار محدودة نشغل من خلالها المولدات الصغيرة (بشكل متقطع) فقط لشحن البطاريات”.
أوضاع مأساوية
ويعد مستشفى العودة الوحيد في شمالي قطاع غزة الوحيد الذي يقدم خدمة جراحة العظام للمرضى، وفق ما قاله صالحة الذي أكد أن 70-80% من مصابي الحرب بحاجة إلى تدخل جراحة عظام.
وحذر من أن خروج مستشفى عن الخدمة، يعني أن جروح المصابين ستتعفن، وهو ما حدث خلال الحصار الأول في ديسمبر الماضي؛ ما اضطر الطواقم الطبية حينها لبتر أطراف الجرحى المتعفنة.
ويهدد حصار المستشفى النساء الحوامل خصوصاً اللواتي بحاجة إلى عمليات الولادة القيصرية، ما يضعهن أمام خطر الولادة في البيوت ومراكز الإيواء، بحسب صالحة.
واستطرد صالحة: “توجد حالتا ولادة قيصرية لنساء داخل المستشفى، وخروج المستشفى عن الخدمة يعني أن النساء الحوامل سيلدن في الشوارع والبيوت ومراكز الإيواء دون تقديم أي خدمات طبية ما يعرض حياتهن لخطر كبير”.
ولفت إلى أن المستشفى يتواصل مع شركائه الاستراتيجيين؛ أبرزهم منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة ومنظمة “أطباء بلا حدود” للضغط من أجل تحييد المستشفى عن الاستهداف من قوات الاحتلال، معرباً عن أمله في نجاح تلك الجهود.
وأكد صالحة أن مستشفى العودة أهلي مدني وغير حكومي ويقدم خدمة إنسانية خالصة ولا علاقة لها بالصراعات والحروب.
قذائف الاحتلال على أبواب “كمال عدوان”
على صعيد مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، تتمركز آليات الاحتلال الإسرائيلي على بُعد بضع مئات الأمتار عنه وسط مخاوف من معاودة حصاره واقتحامه مجدداً.
وأطلقت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء 21 مايو، قذيفتين قرب البوابة الشمالية للمستشفى؛ ما أحدث خوفاً وإرباكاً لدى المرضى والطواقم الطبية داخله.
وأجرى المستشفى، الثلاثاء، عملية إجلاء للمرضى من غرف العناية المركزة والأطفال من الحضانات، إضافة لمغادرة عدد من الطواقم الطبية بفعل الاستهداف الإسرائيلي.
لكن “كمال عدوان” عاد إلى العمل مجدداً، صباح الأربعاء، وجرت إعادة المرضى إلى الأقسام، بحسب ما أكده مدير التمريض في المستشفى عيد صباح.
وحذر صباح، من أن تحييد مستشفى كمال عدوان عن العمل يعني انتهاء الخدمة الطبية لسكان شمال غزة، لاسيما مع استمرار حصار مستشفى العودة.
وشارفت المستلزمات الطبية والوقود على النفاد في ظل عدم وصولها إلى المستشفى منذ نحو 3 أسابيع، ما يضع حياة المرضى أمام خطر كبير، بحسب صباح.
وناشد مدير التمريض في المستشفى كل المؤسسات الدولية خصوصاً الصحية بالوقوف عند مسؤولياتها والعمل على استمرار تقديم الخدمة الصحية للسكان في شمال قطاع غزة.
وشدد صباح على أن “الخدمة الطبية تقدم لأطفال خدج ونساء حوامل، ويجب تجنيبها عن الأعمال العسكرية”، مطالباً قوات الاحتلال باحترام القانون والاتفاقيات الدولية التي حرمت استهداف المستشفيات.
وتشنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، أسفرت حتى الأربعاء 22 مايو، عن استشهاد 35 ألفاً و709 شهداء و79 ألفاً و990 مصاباً، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، إلى جانب تدمير مئات آلاف الوحدات السكنية والمؤسسات.