الجديد برس|
كشفت تصريحات محافظ البنك المركزي في عدن عن تناقضات واضحة بشأن قراراته الأخيرة المتعلقة بنقل مقرات البنوك التجارية من صنعاء ومعاقبة ستة منها لعدم الامتثال. يتضح من هذه التناقضات أن القرار لم يكن مستقلاً، بل جاء بتوجيهات خارجية، وتحديداً من الولايات المتحدة الأمريكية عبر وكلائها في الخليج الذين لا وزن لديها لمصالح اليمنيين إلا ما عمقت معاناتهم والإضرار بهم.
في مقابلة متلفزة عام 2023، صرح محافظ البنك المركزي بعدن أحمد غالب المعبقي أن بقاء البنوك في صنعاء ضروري، مشيراً إلى عدم قدرة البنك في عدن على تحمل أعباء النقل وسداد ديون البنوك للمودعين والتي تبلغ 1.7 تريليون ريال بسبب الظروف الاقتصادية المتدهورة في مناطق حكومة الشرعية. ورغم أن هذه الظروف لم تتغير، إلا أن المعبقي أصدر قرار النقل، ما يعكس تنفيذ توجيهات خارجية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو أن الظروف المتدهورة التي تحدث عنها المعبقي لا تزال قائمة بل أصبحت أكثر سوءاً، ومع ذلك لم يتردد عن إصدار قرار النقل، الأمر الذي يكشف أن القرار لم يُتَّخَذ إلا تنفيذاً لتوجيهات خارجية، وتحديداً من الولايات المتحدة الأمريكية التي تتحكم في السياسات المالية للبنك وخططه وقراراته منذ سنوات، عبر ما يسمى بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ضمن اتفاقيات مساعدة شملت السياسات المالية والنقدية والتجارة الدولية وغيرها، والتي بدأت منذ عام 2017م.
أما التناقضات التي ظهرت في حديث المعبقي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده، الجمعة الماضية، وأكد فيه أن قرار نقل البنوك كان سيادياً ومستقلاً، فقد قال في الوقت نفسه إن من أسباب اتخاذ القرار هو تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية للحوثيين كمنظمة إرهابية، وهو ما يكشف أن القرار كان منسجماً تماماً مع التوجهات والمواقف الأمريكية، بالإضافة إلى حديثه عن أن البنك مستعد للحوار من أجل التوصل إلى حلول لكل ما يعرقل عمل القطاع المصرفي.
القرار الذي أصدره البنك المركزي في صنعاء، الجمعة الماضية، بوقف التعامل مع 13 بنكاً تعمل في مناطق حكومة الشرعية والتي يملكها مسؤولون نافذون في الحكومة، خصوصاً من منتسبي المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، يبدو أنه شكل ضربة قوية للحكومة، خصوصاً أن النسبة الأكبر من تعاملات هذه البنوك هي في مناطق حكومة صنعاء، وهو ما يظهر أن المجلس الرئاسي بدأ يلمح بالتراجع تدريجياً عن قرار نقل البنوك، ففي اجتماعه لإعلان دعمه قرارات البنك، والذي تم عبر تقنية الفيديو، برئاسة رشاد العليمي رئيس المجلس وحضور الأعضاء، حدد بعضاً من عمليات ووظائف البنوك المستهدفة بالقرار والتي قال إن على البنوك الالتزام بها، رغم أن القرار كان على أساس نقل كامل وظائفها.
وفي الاجتماع طمأن المجلس الرئاسي القطاع المصرفي والمودعين بأن هذه الإجراءات تقضي فقط بإلزام البنوك والمصارف في مناطق سيطرة “الحوثيين” بنقل إدارات العمليات الرئيسية لها وهي: نظم المعلومات، مراكز البيانات، إدارة العمليات الدولية، إدارة الامتثال، وهو مؤشر على التراجع عن القرار الذي كان ملزماً بنقل وظائف وعمليات تلك البنوك كاملة.