الجديد برس:
كشفت وثيقة رسمية مؤرخة في 12 يونيو الجاري عن مساعي إماراتية لاستعادة السيطرة على إدارة ميناء عدن الاستراتيجي جنوبي اليمن.
ووفقاً للوثيقة الموجهة لرئيس الحكومة الموالية للتحالف أحمد عوض بن مبارك، طالب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، المدعوم من الإمارات، شركة عدن لتطوير الموانئ بتوضيح الوضع القانوني والإداري والمالي للشركة.
وذكرت الوثيقة أن هناك لجنة وزارية مشكَّلة بقرار مجلس الوزراء للتفاوض مع مجموعة أبو ظبي وموسسة موانئ عدن للاستثمار المشترك، وهي على وشك إنجاز الاتفاقية النهائية.
وشدد الزبيدي على ضرورة تفعيل الاتفاقية الملغاة مع الإمارات قبل أكثر من 10 سنوات، والتي بموجبها ساهمت موانئ أبوظبي في تدمير ميناء عدن لصالح ميناء دبي وجبل علي.
وفي سياق تعليقه على الوثيقة، حذر البرلماني علي عشال من كارثة جديدة محتملة تلوح في الأفق، بسبب أوضاع الانقسام وحالة الفساد المسيطرة.
وذكر عشال في تغريدة على حسابه على منصة “إكس” أن “بسبب صفقات الفساد، مر ميناء عدن بمحنتين: الأولى مع الشركة السنغافورية التي كلفت خزينة الدولة ما يقرب من 150 مليون دولار حتى ينتهي العقد الكارثي، والثانية مع شركة دبي حيث تم دفع مبلغ 23 مليون دولار لإنهاء العقد الذي وصفه بالمصيبة”.
فيما قال الصحفي رشيد الحداد: “وثيقة تكشف توجه الإمارات للعودة إلى موانئ عدن بصفقة جديدة للتحكم في موانئ عدن وتدميرها. الوثيقة تؤكد وجود مفاوضات منذ عام بين تلك الحكومة ومجموعة موانئ أبوظبي لإبرام اتفاق جديد يتيح للإمارات إماتة حركة ميناء الحاويات لصالح موانئ دبي وميناء جبل علي، يجب وقف هذا التحرك الخطير”.
ويأتي الإعلان عن هذه الاتفاقية، لأول مرة على الرغم من أن المفاوضات بشأنها بدأت العام الماضي، وفي مرحلة أصبحت فيها الإمارات تتمتع بحضور عسكري وسياسي واستثماري كبير في جنوب اليمن، من خلال سيطرتها العسكرية على معظم الموانئ في مناطق نفوذ الحكومة التابعة للتحالف، كميناءي بلحاف وقنا في شبوة، وميناءي المكلا والشحر في حضرموت، وميناء المخا في تعز، بالإضافة إلى سيطرتها من خلال اتفاقية على ميناء قشن في المهرة، والمخصص للنشاط التعديني، وفق ما تم الإعلان عنه، فيما الاتفاقية الموقعة تذهب به كميناء متعدد الأغراض؛ وها هي تحرص أن تسيطر على ميناء عدن من خلال اتفاقية تمنحها حضوراً قانونياً، سعياً لأهداف معروفة، وتأتي في سياق تمددها العسكري والاقتصادي؛ وهو ما سبق وكان لها في القرن الإفريقي.
كما تسيطر الإمارات على عددٍ من القواعد العسكرية الحكومية كقاعدة العند، وتبني عدد من القواعد العسكرية في جزيرتي سقطرى وميون وميناء المخا، علاوة على تدريب وتمويل ميليشيات تتولى حماية أهدافها وأجندتها هناك، ممثلة في قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي التي يرأسها عيدروس الزُبيدي، وقوات العمالقة التابعة لأبو زرعة المحرمي، وقوات النخبة الحضرمية، وقوات دفاع شبوة، وقوات المقاومة الوطنية التابعة لطارق صالح، والتي تكرس جميعها حضور الإمارات وتحرص من خلالها على إبقاء الصراع قائماً وعدم الاستقرار شائعاً لحماية أطماعها.
ووفق الوثيقة، فإن الاتفاقية، المزمع الإعلان عنها قريباً دون تمريرها على مجلس النواب، كما كان مع اتفاقية بيع طاع الاتصالات في عدن لشركة “إن إكس” الإماراتية العام الماضي، ستتيح للإمارات العودة للاستحواذ على ميناء عدن بعد 12 عاماً من إلغاء اتفاقية تشغيله من قبل مجموعة موانئ دبي، وبالتالي، في حال تم تمكين “موانئ أبوظبي” من ميناء عدن، فسيمثل ذلك تعزيزاً إضافياً لحضور الإمارات الاقتصادي والسياسي في جنوب اليمن بلا شك كما سبقت الإشارة، بالإضافة إلى ما تحقق لها من هيمنة عسكرية.
كما يأتي تشغيل “موانئ أبوظبي” لميناء عدن تمكيناً جديداً للإمارات إقليمياً في ظل ما تحقق لها من حضور في القرن الإفريقي، علاوة على ما يشكله ميناء عدن من تهديد (بما يملكه من إمكانات وخصائص) على ميناءي جبل علي وراشد الاستراتيجيين في الإمارات.
ويُعد ميناء عدن أحد أكبر الموانئ الطبيعية في العالم، وقد تم تصنيفه في الخمسينيات من القرن الماضي كثاني أهم ميناء في العالم بعد ميناء نيويورك لتزويد السفن بالوقود. ويتميز ميناء عدن بموقعه الاستراتيجي على الخط الملاحي الدولي، حيث يربط بين الشرق والغرب، ويمكن للسفن الوصول إلى محطة إرشاد الميناء في غضون أربعة أميال بحرية فقط.
ويتمتع ميناء عدن بمزايا طبيعية تجعله محمياً من الأمواج والرياح الموسمية من جميع الاتجاهات، وذلك بفضل موقعه المحمي بين مرتفعات جبل شمسان وجبل المزلقم. ويغطي الميناء مساحة واسعة تبلغ 8 أميال بحرية من الشرق إلى الغرب، و5 أميال بحرية من الشمال إلى الجنوب.
وتعتبر الإمارات أن ميناء عدن يشكل تهديداً إستراتيجياً لميناء دبي، وبالتالي سعت منذ البداية إلى تعطيل ميناء عدن والسيطرة عليه عسكرياً وسياسياً بعد الحرب على اليمن من خلال تواجدها الميداني في عدن والمحافظات الجنوبية، بالاعتماد على أدواتها في الداخل.