الجديد برس
بقلم / حسن حمود شرف الدين
عام مضى، صبت فيه قوات تحالف الغزو والاحتلال بقيادة أمريكا وإسرائيل والسعودية، جام غضبها وبشكل هستيري على الشعب اليمني الذي رفع راية الحرية والاستقلال السياسي أمام قوى الاستكبار القريبة والبعيدة. ولمجرد انتزاع الشعب حقه في الحياة بكرامة وحرية من أنياب الذئاب المفترسة، قامت قيامة المستكبرين ولم تقعد، لم يهدأ لهم بال، ولم يستكين لهم حال أمام إرادة المستضعفين في اليمن، فشنوا عدوانا غاشما وظالما صاحبه حصارا اقتصاديا وإعلاميا لم يشهد له التاريخ مثيل من قبل.. تكالبت أكثر من عشر دول جارة وصديقة على شعب أعزل يعرفون ضعف حيلته وإمكانياته.
ومع هذا العدوان المتمترس وراء طائراته الجوية ودباباته البرية وبوارجه البحرية، إلا أنه لم يستطع تحقيق أي انتصار على إرادة وعزيمة شعب متعطش إلى الحرية والاستقلال من السيطرة والهيمنة الخارجية التي ظلت جاثمة على صدره عقود طويلة.
أطلق قيادات تحالف العدوان الأمريكي السعودي صواريخها من طائراتها وبوارجها وقاذفاتها واخترقت الأجواء اليمنية في صبيحة الـ26 من مارس 2014م.. معلنة عدوانا غاشما واسع النطاق، وظهر سفير المملكة السعودية من واشنطن عبر شاشات التلفاز ، ليعلن بدء عمليات ما أسموها “عاصفة الحزم” ضد الشعب اليمني تحت ذرائع “إعادة الشرعية، وحماية الأمن القومي السعودي، وإيقاف المد الإيراني.. وغيرها” من الذرائع التي ذهبت أدراج الرياح، وأصبحوا مفضوحين أمام شعوب العالم.
عام مضى سطر فيه الشعب اليمني أروع الأمثال في الصمود والصبر أمام عدوان غاشم استهدف الإنسان أطفالا ونساءً ورجالا، استهدف بنيته التحتية كاملة دون استثناء، فقد دمر المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والطرق والجسور والآثار وأبراج الكهرباء وأنابيب النفط، والمراكز الأمنية والمطارات المدنية والعسكرية والمصانع والمراكز التجارية، والأسواق الشعبية.. بل أنه تمادى في إجرامه وانتهاكاتها إلى استهداف صالات الأفراح ومخيمات النازحين ومساكن الفئات الضعيفة من المواطنين.. لم يترك شيء إلا واستهدفه.
كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها العدوان الأمريكي السعودي في حق الشعب اليمني أدت إلى تشريد ملايين من المواطنين اليمنيين، أدت إلى ارتفاع عدد اليتامى والأرامل، أدت إلى ارتفاع نسبة الفقر، أدت إلى ارتفاع أزمة في المساكن.. كما أدت إلى ارتفاع نسبة الفقر في الشعب اليمني، أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة. العدوان أدى أيضا إلى إيقاف تصدير المشتقات النفطية التي تعتمد وزارة المالية على عائدات النفط في إعداد الموازنة العامة السنوية للدولة بنسبة تتجاوز الـ90%.. أدى أيضا إلى شل الحركة التجارية والصناعية في اليمن، فلم يعد الاستيراد والتصدير متاحا كما كان سابقا، فقد قلت بنسبة كبيرة جدا.
أشكال أخرى من أشكال العدوان، الحصار، حيث فرضت قوات التحالف الأمريكي السعودي على الشعب اليمني حصارا جويا وبحريا وبريا خانقا.. فقد منعت المواد الغذائية والاستهلاكية والدواء والمشتقات النفطية من الدخول.. في محاولة منها على الضغط على الشعب اليمني للرضوخ أمام شهوات ورغبات قيادات التحالف، وإعادة إلى حضيرة هيمنة وسيطرة قوى الاستكبار.
شكل آخر من أشكال العدوان، “الحصار الإعلامي”، ولا يخفى على الجميع ما تعرضت له القنوات الوطنية الرسمية منذ أول أيام العدوان عبر إغلاق الباقة الفضائية اليمنية الرسمية “اليمن، سبأ، الإيمان، عدن”، وما صاحبه من استنساخ للقنوات الوطنية في الرياض وتشويش للقنوات الخاصة والمستقلة المحلية والدولية المناهضة للعدوان، ثم إغلاقها من الأقمار الصناعية.. ولم يكتفوا بهذا فقط.. بل سعوا إلى استهداف المؤسسات والمقار والمكاتب الإعلامية المناهضة للعدوان في مختلف أرجاء الوطن، مما أدى إلى استشهاد عدد من الإعلاميين والإعلاميات وهم إما يؤدون واجبهم الوطني والوظيفي أو في منازلهم آمنين ومستكينين مع أولادهم.
صاحب “الحصار الإعلامي” الذي فرضته قوات التحالف على الشعب اليمني، حتى لا تصل مظلوميتهم إلى شعوب العالم، صاحبه تضليل إعلامي على نطاق واسع.. حيث سعت الترسانة الإعلامية الضخمة التي تمتلكها قوات التحالف الأمريكي السعودي إلى تشويه الحقائق وتجميل الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها قوات التحالف في حق الشعب اليمني، من قتل وتدمير. في ظل هذا العدوان والحصار الاقتصادي والإعلامي، تجلت كثير من مظاهر الصمود سطرها الشعب اليمني، فقد وقف شامخا أمام الجرائم التي يرتكبها العدوان بكل ثقة، معتمدا على الله سبحانه وتعالى وأبناءه الشرفاء الذين سطروا أروع البطولات في ميادين الشرف والبطولة.. ورغم كل ما واجهه الشعب اليمني خلال عام إلا أنه فتح داره للمتضررين، وأقام المخيمات الطارئة للنازحين، ووقف إلى جوار أسر الشهداء ولم يتركوهم ويدون.. فقد خدم العدوان الشعب اليمني من حيث لا يعلم، أحيى فيه روح الإيثار والمسئولية المتجذرة فيه منذ مئات السنين.
عام من العدوان، وجميع شرائح المجتمع يقومون بواجبهم الديني والوطني والأخلاقي تجاه الشعب، فالمعلمون في مدارسهم، والأطباء في مستشفياتهم، والمهندسون في أعمالهم، ورجال المال والعلماء في تجاراتهم، والعلماء والخطباء في منابرهم، والجيش واللجان الشعبية في ميادين القتال.. وكل واحد يكمل الآخر، كل واحد عمل ولا يزال يعمل في رفع وهي الشعب اليمني بمخططات وأهداف العدوان التدميرية على اليمن والمنطقة.. وكل الجهود مصحوبة بعناية الله سبحانه وتعالى تكللت بالنجاح.. فقد عرف الشعب من هو عدوه الحقيقي، إنها #امريكا_تقتل_الشعب_اليمني.
عام من العدوان، جرت فيها غربلة من هو مع الوطن ومن ضده، من هو ضد احتلال اليمن ومن هو مع العدوان، كثير من الإفرازات الذي فرزها عام من العدوان، ظهر مرتزقة، وظهر عملاء، وظهر صعاليك، وظهر دواعش، وظهر قاعدة، وظهرت مجاميع إجرامية.. وكل هذا صب في مصلحة اليمن وسيادتها العليا.. فقد تخلص الشعب اليمني من العملاء والمرتزقة، ولم يعودوا معزولون داخل المجتمع فحسب، بل فارون إلى أولياء أمورهم في الرياض والدوحة وواشنطن وتركيا وغيرها من عواصم دول التحالف.
عام من العدوان.. لكن الشعب اليمني لم يقف ساكنا أمام هذا العدوان، فقد خرج لمواجهة العدوان في ميادين القتال بكل ثقة وشرف ومسئولية.. كما شكل العديد من الجبهات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية.. وكان أبرز هذه الجبهات الجبهة الإعلامية التي كسرت حاجز صمت القنوات الإعلامية وكشفت بشاعة التضليل الإعلامي الذي كان ينتهجه إعلام العدو، من خلال عمل الحملات الإعلامية في الشوارع والطرق والوقفات الاحتجاجية في عواصم البلدان العربية والدولية كشفت خلالها بشاعة الجرائم التي ترتكبها قوات التحالف في حق الشعب اليمني.. وهي اليوم بمشئية الله تعالى تنجني ثمارها بعيدة عن مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة اللذان ساندا ودعما قوات التحالف وأيدا العدوان على اليمن.
عام من العدوان.. أضعف معنويات العدو ولم يعد ستطيع التفكير لماذا دخل الحرب، ولماذا يستمر فيها، ولماذا لا يستطيع إيقافها، ولماذا استخدم كوسيلة لاحتلال اليمن.. فعلا إن معنويات العدو الأمريكي السعودي تنهار يوما بعد يوم، ويسعى إلى إيجاد الحلول التي تخرجه من المأزق اليمني الذي وقع فيه.
إن عدوان على اليمن ركائزه جيش ضعيف، وهادي فار، وحكومة متخبطة، وذرائع لا أساس لها من الصحة، سوى تركيع الشعب اليمني.. لا محالة بأنه فاشل أمام صمود وبأس الشعب اليمني الرافض للغزو والاحتلال والساعي إلى الحرية وتشكيل دولة مدنية حقيقية تكافئ مثيلاتها من الدول العربية والأجنبية.