الجديد برس
بقلم / أنس القاضي
بِخُطَى الواثقِ من النصر تداعت جموعُ الشَّعْـب موحَّدة العَلَم، وبهامةِ العزيزِ في أرضه كست جبهاتهم نور الشمس، وبيقظة المجاهد في سبيل خَلاصه الإنْسَـاني وتحرره الوطني، حملوا بنادقهم، وكان الحج اليماني الأكبر جنوب الكلية الحربية، ما عادَ به الشَّعْـبُ كما ولدته ظروفه الاجتماعية ما قبل العُـدْوَان، بل ظهَرَ بها وقد نما وتنامى، أقوى عزيمةً، وأصلب عوداً، وأَكْثَر اندفاعاً لمواصَلة الثورة التي وقفت قوى الاستعمار بطريقها ولم توقفه فتصدّى لها وما زال يُعجزها ويُرهقها، واثقاً بالنصر متعطشاً للتحرّر الوطني من الاستعمار والهيمنة، والتحرّر الاجتماعي من القهر والاستغلال والفساد والاحتكار.
تظاهرةُ الشَّعْـب وعُــرْسُه الوطني الكبير قيامتُه المجيدة، في ساحات الكُلية الحربية التي ضاقت بجموعه واتسعت لهم، لم تُسقط فقط دعاوى العُـدْوَان حول أوهام الشرعية والانقلاب، بل تُسقط آمالَ القوى العالمية في استعمار هذا البلد، وإعادة الهيمنة عليه بالوسائل المُختلفة، وتدك أوهام قوى الاستبداد الداخلية في تركيعه ونهبه، وتنسف محاولة كهنة الإعلام والسياسة ودين الوهابي في تضليله وخداعه، وما هذهِ الآمال الداخلية إلّا مُرتبطةٌ بدعم الخارج ومشروعه، والذي لا حول له مع قوة اليمانيين وبأسهم.
ما يُميّز مسيرة الشَّعْـب هذهِ أنها ليست مناسبةً زمنيةً وحشدَ مهرجان لحظي، بل هي تعبيرٌ مادي مُكثّف عن تطلعات هذه الجماهير التي تخرُجُ أسبوعياً في وجه مشاريع وجرائم العُـدْوَان، وهي جماهير الثورة بوجوهها السمراء وأكفها العمالية الفلاحية، ذات المصلحة الاجتماعية الاقتصادية السياسية من الثورة، وهي القادرة على مواصلتها، وهي القوة الحية التي بيدها غير واقع البلد.
تآكلت كُلّ الأَحْــزَاب السياسية وبقت قشورها الشكلية، بطاقات، ومقرّات، ورموز انتخابية، وأنظمة داخلية، وقيادات هاربة في الرياض، فيما الجوهرُ الشَّعْـبي لهذه الأَحْــزَاب كان محتشداً جنوبَ الكُلية الحرية، متجاوزاً الأُطُرَ الحزبية، ومُنظماً قوته وتطلعاتهُ في أشكال حركية جديدة هي قوات الجيش واللجان الشَّعْـبية واللجان الثورية واللجان الرقابية والهيئات والاتحادات الشَّعْـبية الجديدة، التي تخلقت في مواجهة العُـدْوَان على أساس وطني بعد تأكل الأشكال السابقة المُخترقة التي آثرت الحيادَ الرجعي الخائن في الصمت على العُـدْوَان، مما أضرّ الشَّعْـب فصنع وسائلَ مقاومته واخترع أشكالاً فعاله لنضاله.
قامت قيامةُ الشَّعْـب، ووجد في حركة أنصار الله الوعاءَ الذي يجمع شتاتَهُ وقوتَهُ لتخرج منظمة في مواجهة المعتدي، ليس أنصار الله حزباً وهم قوة سياسية وليسوا فصيلاً حركياً ثورياً فقط، بل هُم جبهة شعبية وطنية، وجد كُلّ ثوري ووطني ومقاوم للعُـدْوَان نفسَه ضمنها يؤدي دوره التأريخي ومسئوليته الاجتماعية في الدفاع عن الوطن، كما يؤدّي أنصارُ الله في شكلِهم الجبهاوي هذا مهمتهم التأريخية في الدفاع عن الوطن، وفيما بعدَ نهاية العُـدْوَان، سيكون لهم طابعهم الحركي والحزبي بمضمونه الوطني الخاص في إطار صراعِ البرامج والتوجهات داخل البلد، فيما وطنيتهم اليوم عامة كُلّ وطني يتصل بها وتتصل بكل وطني، كما أن الوطنية العامة اليوم تأخذ شكل أنصار الله وتتسم بسمته، حيث أنه المكون الطليعي الذي يقود الفعل الوطني، كما أخذت النضالاتُ التأريخية في الخمسينيات والستينيات شكلاً شيوعياً واشتراكياً في تجارب تأريخية كالـيَـمَـن الجنوبية وكوبا وفيتنام وغيرها، رغم أنه بهذه الدول كان من ضمن المقاومين والمناضلين لأجل التحرّر الوطني قطاعات شاسعة من تيارات غير ماركسية قومية ولبرالية ودينية إسلامية ومسيحية، إلّا أن التيارَ الشيوعيَّ السائدَ طبع لنضال بطابعهُ، واليوم يأخذ النضال الوطني شكل أنصار الله وطابع أيديولوجيته القرآني رغم أن المناضلين والمقاومين من تيارات عديدة ومختلفة.