الجديد برس:
حتى قبل شهر واحد من الآن، لم يكن أحد يعرف شيئاً عن أشكال التعذيب الذي يمارسه جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين الذين اعتقلهم من غزة خلال الحرب المستمرة على القطاع منذ زهاء 10 أشهر، إذ لم يُحدث الأسرى الذين أُفرج عنهم أخيراً أي كوة في جدار السرية السميك الذي يحيط به العدو سجونه المستحدَثة، ولا سيما سجن “سدي تيمان”.
لكن الاختراق الكبير في ستائر العتمة، تكفّل به الصحافي محمد عرب، الذي اعتقله جيش الاحتلال من مستشفى “الشفاء”، مطلع أبريل الماضي، فأدلى بشهادته لمحامي “هيئة شؤون الأسرى”، خالد محاجنة، قبل شهر، حين لم يكن الجيش الإسرائيلي قد نقله بعد من “سدي تيمان”.
ويومها، أشار عرب الذي عمل مراسلاً للتلفزيون “العربي” في غزة، إلى أن السجانين والمحقّقين ارتكبوا تجاوزات جنسية بحق الأسرى، وقد اغتصبوا فعلاً عدداً منهم. غير أن الجديد الذي كشفه محاجنة، بعد لقائه الأسيرَين عرب وطارق عابد بعد نقلهما من “سدي تيمان” إلى سجن “عوفر” الصحراوي في النقب، هو تعمُّد العدو تعذيب الأسرى جنسياً أمام زملائهم.
ووفق ما ينقل محاجنة عن عرب: “تمّ تجريد أحد المعتقلين من ملابسه بشكل كامل، وتم إدخال نربيج طفاية الحرائق في مؤخرته، حيث قاموا ببخّ المواد، والمعتقل بات في حالة صحية ونفسية صعبة جداً”.
وتحدّث عرب عن معتقل آخر “تمّت تعريته بشكل كامل، وضُرب على مؤخرته بصعقة كهربائية، وسحبت أعضائه التناسلية، إلى جانب أساليب تعذيب جنسية أخرى، قال عرب إنه من الصعب شرحها”.
وفي شهادته أيضاً، ذكر عرب أنه “يتم وضع المعتقلين على الأرض وأيديهم مكبّلة وراء رؤوسهم، وتقوم الكلاب بنهش أجسادهم، إلى جانب عمليات الشبح التي يرافقها الاعتداء عليهم بالضرب من خلال الكلاب البوليسية”.
وفي مؤتمره الصحافي، بيّن محاجنة أن عرب لم يكن يدرك أنه نُقل، قبل نحو أسبوع، رفقةَ 100 أسير آخرين من “تيمان” إلى سجن “عوفر”، إلا بعدما أبلغه المحامي بذلك، إذ “تجري عمليات النقل بينما الأسرى معصوبو العيون ولا يدركون إلى أين يتوجّهون، كما أنه لا يُسمح لهم في كل سجون الاحتلال، بفك القيود البلاستيكية عن معاصمهم، حيث يأكلون ويشربون ويذهبون إلى الحمام وهم مقيّدون”.
وعن ظروف “عوفر”، قال المحامي: “تختلف بُنى السّجن من الناحية الشكلية: الزنازين عبارة عن غرف من البطون من دون تهوئة بحجم 5 إلى 6م، فيها أسرة حديد بلا فرشات ولا وسائد ولا أغطية، ويُحتجز في الغرفة ما معدله 25 معتقلاً، قسم منهم ينام على الحديد وقسم على الأرض. أما بالنسبة إلى قضاء الحاجة، فالحمام مكشوف داخل الغرف أمام الجميع، وكاميرات المراقبة موجّهة في داخل زاويا الغرف حتى في الحمام”.
وأضاف: “في عوفر، يوجد عنبران، الأول اسمه جهنم، والثاني جحيم، وهما عنبرا تعذيب لا يمكن من في داخل الغرف رؤية الأسرى الذين يتم تعذيبهم داخلهما، ولكن يسمعون صراخهم وقت التعذيب”. وأوضح أيضاً أن “مجموع ما توفّره مصلحة السجون من طعام يومياً، هو عبارة عن 100 غرام خبز، خيارة أو بندورة وكيس لبن، وذلك هو فطورهم وغداؤهم وعشاؤهم”.
وتحدث المحامي الذي سُمح له بزيارة الأسرى للمرة الثانية، عن قسم في داخل الأسر اسمه “العيادة”، يحتجز فيه جيش الاحتلال أكثر من 100 أسير من المرضى ومبتوري الأطراف، والذين يصرخون منذ أشهر مطالبين بعلاجهم، لكن من دون أن يحظوا بأي رعاية أو اهتمام.