الجديد برس:
طالب مسؤولون وخبراء وإعلاميون إسرائيليون حكومة الاحتلال بضرورة إنهاء الحرب في غزة، نظراً لعواقبها السلبية والوخيمة على مكانة “إسرائيل” الدولية واقتصادها، وذلك بعد أن طالت الطائرات اليمنية المسيّرة “تل أبيب” وفشل دفاعات الجيش الإسرائيلي في اعتراضها، وفقاً لما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس حكومة الاحتلال السابق، إيهود أولمرت، تحذيراته من أن استمرار الحرب سيكلف “إسرائيل” ثمناً باهظاً ودموياً، محذراً من حرب شاملة قد تتسبب في خسائر فادحة لـ”إسرائيل”، حتى وإن تسنى لها هزيمة حزب الله ولبنان.
ومن جهته شدد رئيس مجلس “الأمن القومي” الإسرائيلي سابقاً، غيورا آيلاند، على ضرورة إنهاء الحرب في قطاع غزة، لتجنب تأثيراتها السلبية على مكانة “إسرائيل” الدولية والاقتصاد والتوتر الاجتماعي، مشيراً إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب.
وقال مذيع في القناة الـ13 الإسرائيلية إن “الطائرة المسيّرة التي أطلقتها جماعة الحوثي من اليمن انفجرت في تل أبيب، وأسفر الانفجار عن مقتل رجل يبلغ من العمر 50 عاماً وإصابة 9 آخرين”، مؤكداً- نقلاً عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري- أن صفارات الإنذار لم تُطلق أثناء الحادث.
وفيما أعرب نوعام أمير، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “مكور ريشون” للقناة الـ14 عن دهشته من أن الطائرة المسيّرة لم تُعترض طوال رحلتها، أشار إلى أن جميع أجهزة الأمن كانت نائمة وفشلت في تجهيز الدفاعات الجوية.
ووصف يوسي يهوشوع، محلل الشؤون العسكرية في “يديعوت أحرونوت”، الحادث بالفشل الكبير للجيش الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الانفجار وقع على مقربة من منطقة استراتيجية مهمة، وهي مقر للسفارة الأمريكية في “تل أبيب”، مما يعكس الفشل الأمني الكبير.
وأشار أودي سيغال، وهو مقدم برامج سياسية في القناة الـ13 الإسرائيلية، إلى أن نتنياهو سيحاول أثناء زيارته القادمة للكونغرس الأمريكي تقديم صورة متماسكة باللغة الإنجليزية عن كيفية إدارة الحرب، لكنه في الداخل يدعي عدم معرفته بالتفاصيل الدقيقة، وهو ما يثير تساؤلات بشأن أهليته للقيادة.
من جانبها أكدت مقدمة برامج سياسية في قناة “كان 11” إيالا حسون، أن التحقيقات أظهرت فشل الاستخبارات الإسرائيلية في فهم تهديد حركة حماس وتحليل المعلومات الاستخبارية بشكل صحيح، مما أدى إلى عدم التنبؤ بهجوم 7 أكتوبر الماضي.
ولفتت إلى أن التحقيق الذي أجرته الاستخبارات نفسها أشار إلى وجود استهتار بحماس وفشل في تقدير تأثير العقيدة والدين في قراراتها، فضلاً عن عدم الشك في تناقضات المعلومات المتاحة، كما أظهر أن منهجية الاستخبارات كانت تركز على ملاءمة المعلومات للمفهوم السائد بدون البحث في التناقضات.
هآرتس: نتنياهو يخاف من الحوثيين
وفي سياق متصل، أكدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يخاف من الحوثيين في اليمن، وأنه لو استطاع، لكان قد تهرب من الرد هذه المرة أيضاً، كما كان يفعل دائماً.
وفي مقال للمحلل الاقتصادي نحميا شترسلر، بعنوان “بيبي خائف أيضاً من الحوثيين”، استعادت الصحيفة لحظة دخول قوات صنعاء معركة طوفان الأقصى للمرة الأولى، في 19 أكتوبر 2023، من خلال إطلاق 4 صواريخ “كروز” وعدة طائرات مسيّرة على “إيلات” (أم الرشراش).
ورأت الصحيفة أن السفينة الحربية التي أرسلها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البحر الأحمر، لم تلحق ضرراً حقيقياً بالحوثيين، ففهم العالم على الفور أن “إسرائيل” ضعيفة ومستباحة.
وبحسب شترسلر، فإن خوف نتنياهو، وإحجامه عن الرد بقوة غير متناسبة، وتركه الأمر للأمريكيين والبريطانيين لحماية “إسرائيل”، حوّل “إسرائيل” إلى “الصبي المضروب في الشرق الأوسط”، المحاط بحلقة من النار.
ورأى شترسلر أن الحوثيين أدركوا ضعف نتنياهو، فأطلقوا نحو “إسرائيل” 200 صاروخ وطائرة مسيّرة في الأشهر الـ9 الماضية، وهاجموا السفن في البحر الأحمر من أجل شل حركة الملاحة البحرية إلى ميناء “إيلات”، ونجحوا.
واعتبر شترسلر أن الهجوم اليمني على “تل أبيب” كان دليلاً دامغاً على أن “سياسة الاحتواء الجبانة” التي ينتهجها نتنياهو لم تفلح مع الحوثيين، كما لم تفلح مع حماس أو حزب الله أو إيران، مذكراً بادّعائه أن حماس مردوعة قبل 7 أكتوبر، وبتزود حزب الله بـ130 ألف صاروخ، وبفشل نتنياهو في مهمته الرئيسة ضد إيران وهي وقف برنامجها النووي.
وشدّد شترسلر على أنه لو كان باستطاعة نتنياهو التهرب من الرد هذه المرة أيضاً لفعل، ولكن الهجوم هذه المرة كان على المركز الاقتصادي – المالي – التكنولوجي لـ”إسرائيل”، وعلى الرغم من أن نتنياهو كان جباناً ضعيفاً، إلا أنه أدرك أنه إذا لم يرد، فستستمر الهجمات، وستصاب “تل أبيب” بالشلل، وسيجد الاقتصاد نفسه في أزمة ضخمة وبطالة رهيبة من شأنها أن تعرض كرسي نتنياهو للخطر.
وتوقفت الصحيفة عند ادعاء نتنياهو الدائم بأنه “الرجل القوي”، وعند الهوة التي تفصل بين خطابه وبين أدائه على الأرض، وذكّرت بهجومه على نفتالي بينيت ويائير لابيد، أثناء توليهما الحكم، من زاوية ضعفهما أمام إيران، ثم قوله الأسبوع الماضي “في الشرق الأوسط يقدرون القوي والمصمم، وليس الضعيف والواهن”.
وأكدت الصحيفة أن نتنياهو ليس الأقوى والأكثر تصميماً، بل الأضعف والأوهن، وأن حماس هاجمت “إسرائيل” في 7 أكتوبر بعد أن فهم يحيى السنوار منذ فترة طويلة أنه لا توجد صلة بين تهديدات نتنياهو الخطابية وبين أفعاله على الأرض.
وبالعودة إلى العدوان الإسرائيلي على ميناء الحديدة، أكدت الصحيفة أن سجالاً اندلع حول حفاظ “إسرائيل” على الغموض أو إعلان مسؤوليتها عن الهجوم علناً، وأن نتنياهو حسم الأمر لصالح نشر علني مكثف، لمبررات شخصية، حيث كان المهم بالنسبة إليه استعادة صورة “الرجل القوي” التي انهارت في 7 أكتوبر.
وختمت الصحيفة بالتأكيد أن “الرجل القوي” الذي يبحث عنه الناخب الإسرائيلي كان سيهاجم اليمن في وقت مبكر من 19 أكتوبر، أو بعد ذلك مباشرة، عندما أمطر الحوثيون “إسرائيل” بـ200 صاروخ وطائرة مسيّرة، و”لأنه لم يفعل، فقد حصل الهجوم على تل أبيب، الذي أثبت مرة أخرى أن نتنياهو أحقر رجل في تاريخ إسرائيل، وأنه ضعيف ومسوف وجبان أيضاً”.
وكانت الطائرة المسيّرة اليمنية “يافا” قد اخترقت أجواء فلسطين المحتلة من جهة البحر، يوم الجمعة، وسقطت في شارع “شالوم عليكم” في “تل أبيب”، ما أدى إلى وقوع أضرار كبيرة نتيجة اصطدامها بأحد المباني، واعترف الاحتلال بقتيل.
ووقع الانفجار في أحد أضخم شوارع “تل أبيب” وفي منطقة أمنية تعج بالأبراج والسفارات والدفاعات الجوية الإضافية، لا سيما القنصلية الأمريكية التي تبعد عشرات الأمتار عن مكان الانفجار.
وبعدها، استهدفت غارات إسرائيلية معادية، يوم السبت، منشآت تخزين النفط في ميناء الحديدة، غربي اليمن، في عدوان تبناه المتحدث باسم جيش الاحتلال، وأكدت وزارة الصحة بصنعاء أنه أسفر عن ارتقاء 6 شهداء وأكثر من 80 جريحاً.
وأكد قائد حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، أن “العدو الصهيوني اختار أهدافه في الحديدة في سياق استهداف الاقتصاد اليمني”، وأن “لديه هدفاً آخر، استعراضي، وهو مشاهد النيران والدخان المتصاعد لتصوير ضربته بصورة الإنجاز الكبير”، موضحاً أن “العدو يريد من مشاهد النيران أن يصور لجمهوره الغاضب والخائف أنه حقق إنجازاً كبيراً ووجه ضربةً موجعة لليمن”.
وعلى الرغم من العدوان الإسرائيلي، أكد الحوثي قائلاً إن “العدو لم يعُد آمناً في ما يسمى تل أبيب، وهي مشكلة حقيقية للعدو ومعادلة جديدة ستستمر بإذن الله، وتدل على فشل الحُماة والعملاء”.
مشاهد استهداف موقع هام في "يافا" مايسمى "تل أبيب" المحتلة بطائرة يافا المسيرة مع مشاهد افتتاح المعرض pic.twitter.com/GW6gi58JI8
— الإعلام الحربي اليمني (@MMY1444) July 23, 2024