الجديد برس:
سلطت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية الضوء على إستراتيجية الحوثيين في اليمن وكيف أثبتوا صمودهم في مواجهة الحملات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها. ووفقاً لتقرير المجلة، فإن محاولات إخضاع الحوثيين من خلال القصف الجوي لم تنجح، بل على العكس، عززت هجماتهم في البحر الأحمر وضد “إسرائيل”.
ويشير التقرير إلى أن الحوثيين يتمتعون بدعم شعبي واسع داخل اليمن، خاصة مع تبنيهم للقضية الفلسطينية وتنظيمهم لاحتجاجات مؤيدة لفلسطين. وقد وضع هذا الدعم الصريح أعداءهم في موقف دفاعي، مما يصعب من جهود مواجهتهم.
وأكدت المجلة في تقريرها، أنه حتى لو تم قصف جميع مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن بشكل مكثف، فإن ذلك لن يوقف هجماتهم ضد “إسرائيل” أو في البحر الأحمر، مشيرةً إلى أن الحوثيين أثبتوا أنهم مشكلة عنيدة ومستمرة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها.
وأضافت المجلة أن “أفضل جهود التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لكبح جماحهم فشلت، وبعد تباطؤ وجيز في أبريل ومايو، تصاعدت وتيرة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بشكل كبير في يونيو، مسجلة أكبر إجمالي منذ ديسمبر الماضي، ولم تؤكد هجمات يوليو إلا على إصرار مجموعة لا تبدو مستعدة للتراجع”.
وبحسب التقرير فإن “محاولات إخضاع الحوثيين بالقصف لن تنجح، لأنهم يستطيعون أن يتحملوا حملة كبيرة وأن يستمروا في شن الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل”.
واعتبر التقرير أن “المشكلة التي تواجه الولايات المتحدة هي أنها ركزت كثيراً على الأبعاد العسكرية للصراع”، مشيراً إلى أن “ضربات الحوثيين في البحر الأحمر وضد إسرائيل عززت شرعيتهم بشكل كبير داخل اليمن وفي المنطقة الأوسع، فقد نزل الآلاف من اليمنيين إلى الشوارع في يناير في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين نظمها الحوثيون، مما سلط الضوء على شعبية القضية ودور الحوثيين كحامل للوائها”. وأضاف أن “الدعم الصريح للفلسطينيين وضع أعداء الحوثيين في موقف دفاعي”.
وبحسب التقرير فإن “الولايات المتحدة لا تملك سوى خيارات قليلة جيدة عندما يتعلق الأمر بالرد على الحوثيين، فحتى الآن، فشلت الضربات العسكرية، والعقوبات التي تستهدف قيادتهم، في وقف الهجمات، ومن غير المرجح أن يؤدي تصعيد نطاق وشدة الضربات التي تقودها الولايات المتحدة إلى تغيير حسابات الحوثيين أو تغيير الديناميكيات العسكرية للصراع بشكل كبير”.
وأضاف: “يستطيع الحوثيون استخدام التكنولوجيا المنخفضة التكلفة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار في الجو والبحر، وبعد عقود من الحرب، أصبحوا ماهرين في نقل وإخفاء أصولهم، وحتى لو أسقط التحالف الذي ترعاه الولايات المتحدة القنابل في جميع أنحاء أراضي الحوثيين، فإن مثل هذا الهجوم لن يقلل من القدرات العسكرية للحوثيين إلى الحد الذي يوقف هجماتهم”.
واعتبر التقرير أن “الأسوأ من ذلك هو أن حملة القصف المتسارعة من شأنها أن تزيد من خطر التصعيد وسوء التقدير”، لافتاً إلى أنه “من المرجح أن يؤدي توسيع الضربات الجوية إلى قتل المزيد من المدنيين وإلحاق الضرر بالبنية التحتية المدنية، الأمر الذي يعيد الولايات المتحدة إلى نفس الفوضى التي واجهتها عندما دعمت تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في عام 2015. فقد أدانت العديد من البلدان والمؤسسات الدولية هذا التدخل- والدور الأمريكي في تمكينه- بسبب الخسائر المروعة التي خلفها من الضحايا المدنيين والكارثة الإنسانية التي أعقبت ذلك”.
وأكد التقرير أن “حملة القصف الأمريكية الأكثر تنسيقاً الآن لن تؤدي إلى إيذاء اليمنيين وتعميق أزمتهم الداخلية فحسب، بل ستمنح الحوثيين ومحور المقاومة زخماً أكبر لشن هجمات ضد الأصول الأمريكية في المنطقة، ولا تريد واشنطن أن تدعو إلى مثل هذا التصعيد”.
ورأت المجلة أن “أفضل فرصة للولايات المتحدة لردع هجمات الحوثيين هي إيجاد السبل اللازمة لإدارة حملة إعلامية خاصة بها لمواجهة رسائل الحوثيين”، معتبرة أن “تحييد الدعاية الحوثية هو أفضل وسيلة لردع هجمات الجماعة”. كما تؤكد على أن “الطريقة الأكثر مباشرة هي التوصل إلى وقف إطلاق نار مستدام في غزة”.