الجديد برس:
أفادت صحيفة “التلغراف” البريطانية بأن قوات صنعاء تمكنت من تحقيق نصر كبير على البحرية الأمريكية، مما أجبرها على الانسحاب من البحر الأحمر، إلى جانب القوات البريطانية، وبذلك، لم يتبقَ أي وجود لحاملات الطائرات أو السفن الحربية التابعة لتحالف “حارس الازدهار” في المنطقة.
وفي تقرير أعده الكاتب والصحفي البريطاني توم شارب، بعنوان “الحوثيون يهزمون البحرية الأمريكية“، ذكرت الصحيفة أن عملية “حارس الازدهار” تأسست في ديسمبر 2023 رداً على هجمات الحوثيين على السفن التجارية التي تمر عبر جنوب البحر الأحمر، وكان الهدف من العملية هو تشكيل جبهة دولية موحدة لردع الحوثيين وطمأنة شركات الشحن التي بدأت تتخذ الطريق الطويل حول رأس الرجاء الصالح بسبب المخاطر المرتبطة بالهجمات وتكاليف التأمين المتزايدة.
ومع ذلك، أكدت الصحيفة أن هذه الجهود لم تحقق النجاح المطلوب، فقد استمر الحوثيون في شن هجماتهم على السفن المرتبطة بـ”إسرائيل”، ولم تُقنعهم سوى التصريحات التي أعلنوا فيها أنهم سيتوقفون عن الهجمات إذا تم وقف الحرب والحصار على غزة.
وأوضحت الصحيفة أنه “بناءً على ذلك، بدأت عملية “بوسايدون آرتشر” في يناير 2024، والتي تضمنت شن ضربات مضادة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على أهداف الحوثيين. ومع ذلك، كما أثبتت التجارب السابقة للمملكة العربية السعودية بين عامي 2015 و2023، فإن محاولة تعطيل الحوثيين من خلال الضربات الجوية الحركية أثبتت عدم فعاليتها، حيث كانت أشبه بمحاولة لكم الدخان، وهو ما ثبت بالفعل”.
“وأشارت الصحيفة إلى أن “هذه الجهود لم تحقق أي تقدم ملموس، حتى عندما شكّل الاتحاد الأوروبي ائتلافاً منشقاً أطلق عليه اسم “أسبيدس” لتجنب الربط بالموقف الأمريكي تجاه إسرائيل، ولم يمر عجز الغرب عن الاتفاق على كيفية تنفيذ مهمة أساسية نسبياً دون أن يلاحظه الخصوم المحتملون، وهو أمر لم يغب عن انتباه شركات الشحن التي كنا نحاول طمأنتها”.
وأضافت الصحيفة: “منذ بداية يناير، لم تقتصر الهجمات على زيادة عددها بشكل مطرد فحسب، بل تنوعت أيضاً، فقد رافقت الطائرات بدون طيار والصواريخ المجنحة عمليات اختطاف وصواريخ باليستية، حيث شهد شهر أبريل أول استخدام لمركبة سطحية غير مأهولة، مع تزايد مستمر في استخدام هذه الطريقة منذ ذلك الحين”.
كما نوهت إلى أن “الحوثيين مؤخراً قد بدأوا في تصعيد هجماتهم عبر إطلاق نيران الأسلحة الصغيرة من الزوارق السريعة، وشهدت الأسابيع القليلة الماضية زيادة ملحوظة في عدد الهجمات مقارنة بمتوسط 2.5 هجوم أسبوعياً”.
وأفادت الصحيفة بأن “ناقلة النفط التي تحمل العلم اليوناني (سونيون) كانت الضحية الأخيرة، حيث تعرضت لأربع هجمات يوم الأربعاء، مما أدى إلى نشوب حريق على متنها، وقد هرعت سفينة حربية فرنسية من مهمة “أسبيدس” لتقديم المساعدة، حيث دمرت طائرة بدون طيار كانت تقترب ثم أنقذت الطاقم قبل نقله إلى جيبوتي”، مشيرةً إلى أنه “رغم هذا الجهد، أصبحت السفينة الآن مهجورة، ووفقاً لمركز المعلومات البحرية المشترك (JMIC)، فهي حالياً بين إريتريا واليمن”.
وأكدت الصحيفة أن “وجود سفينة تابعة للاتحاد الأوروبي لإنقاذ الموقف ليس مفاجئاً، على الرغم من الموارد البحرية الشحيحة التي يمتلكها الاتحاد الأوروبي، فهو القوة الوحيدة المتبقية في المنطقة حالياً، ولا توجد سفينة تابعة لتحالف “حارس الازدهار” ضمن مسافة 500 ميل من الموقع”.
وأضافت: “في مايو الماضي، عندما كانت حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” في الخدمة، كانت الولايات المتحدة تمتلك 12 سفينة حربية في المنطقة، تقوم بمهام متنوعة من مراقبة الصواريخ إلى المرافقة، أما الآن، فلم يتبقَّ أي سفينة أمريكية في المنطقة. وبشكل مؤقت، كان لدى المملكة المتحدة ثلاث سفن، حيث قامت “إتش إم إس دايموند” بدور بارز كجزء من مجموعة “حارس الازدهار”، ولكن بعد مغادرتها، غادرت جميع السفن البريطانية الأخرى”.
وفيما يتعلق بالانسحاب البريطاني، أشارت الصحيفة إلى أن “سبب الانسحاب من وجهة نظر المملكة المتحدة واضح ومباشر: لا تمتلك المملكة ما يكفي من السفن، أو بالأحرى لا تملك سفناً كافية في حالة صالحة للعمل، بينما الوضع في الولايات المتحدة أكثر تعقيداً، إذ تمتلك السفن، ولكنها اختارت عدم إرسال أي منها”.
وفي سياق الحديث عن التحديات التي تواجهها البحرية الأمريكية، أشارت الصحيفة إلى أن “الولايات المتحدة لا تخلو من مشكلاتها الخاصة، فقد أعلنت البحرية الأمريكية أنها قد تضطر إلى إيقاف 17 سفينة دعم مساعدة بسبب مشكلات تتعلق بالطاقم، كما أن منطقة غرب المحيط الهادئ تعاني من نقص في حاملات الطائرات للمرة الأولى منذ سنوات، ومن عجيب المفارقات أن اثنتين من هذه السفن موجودتان في منطقة الشرق الأوسط، ولكن ليس في البحر الأحمر. بالإضافة إلى ذلك، يواجه أحدث برنامج لبناء الفرقاطات الأمريكية مشاكل وقد ينهار، كما أن معدل بناء الغواصات من فئة فرجينيا أقل من المطلوب للحفاظ على الأسطول الحالي، ولا يمتلك خفر السواحل الأمريكي حالياً أي كاسحات جليد عاملة”.
وفيما يتعلق بالاستراتيجية العسكرية الأمريكية، تابعت الصحيفة: “من الواضح أن الولايات المتحدة تخلت عن عملية “حارس الرخاء”، فهذه العملية لم تنجح في ردع الحوثيين ولم توفر الطمأنينة لشركات الشحن البحري، وقد يكون من الأفضل للولايات المتحدة أن تذهب وتقوم بشيء آخر”.
وأوضحت الصحيفة في تحليلها للوضع الحالي في سوق الشحن، قائلة: “على الرغم من أن سوق الشحن قد استقر إلى حد ما في روتين جديد، إلا أن الأميال الإضافية التي يتعين قطعها تفرض تحديات تتعلق بالاستدامة، مما يجعل شركات الشحن تفضل في النهاية العودة عبر قناة السويس. لذا، أصبح المرور حول رأس الرجاء الصالح هو الوضع الطبيعي الجديد حالياً”.
وفي إشارة إلى تأثير الأزمات على الشركات البحرية، أكدت الصحيفة: “من المؤكد أن الصناعة البحرية تعتمد على المال، وهذا يفسر استمرار شركة “دلتا تانكرز” في مواجهة التحديات على الرغم من أن هذا هو الهجوم الثالث على إحدى سفنها، يبدو أن هذا القرار كان جشعاً وغير حكيم، ومن المؤكد أن أفراد الطاقم يشاركون هذا الرأي”.
وأخيراً، خلصت الصحيفة إلى استنتاج مؤثر، حيث قالت: “لا يمكن أن نضمن نجاح عملية “حارس الرخاء” بقيادة الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى”، مشيرةً إلى أن “الاستسلام في الوقت الذي يتم فيه البحث عن حل سياسي أو مالي يشكل انحرافاً كبيراً عن التفكير البحري التاريخي للولايات المتحدة”.
وفي ختام تقريرها، أكدت الصحيفة أن “حرية الملاحة جزء لا يتجزأ من الحمض النووي للبحرية الأمريكية، والآن هو أسوأ وقت يمكن أن تتخلى فيه أقوى قوة بحرية في العالم عن هذا المبدأ الأساسي”، على حد تعبيرها.