الجديد برس/ تقرير
تتوالى تباعاً الاعترافات الغربية المصحوبة بالحرج من عجز القوى العظمى عن هزيمة الحوثيين أو وقف هجماتهم البحرية ضد السفن التي لها علاقة بإسرائيل والسفن الأمريكية والبريطانية، وبالتوازي مع ذلك يتصاعد منسوب التحليلات التي تحاول تفسير ما يحدث، خصوصاً أنه يحدث لأول مرة، حيث لم تقف أي قوة في الأرض أمام بحرية الولايات المتحدة، كما يفعل الحوثيون الآن ،
ومن خلال ما يتم تفسيره لا ينتج سوى المزيد من الحيرة والارتباك، أما الحلول فلا تزال غائبة، وفي المقابل لا تزال قوة الحوثيين تتنامى وسيطرتهم على البحر تزداد استحكاماً، ووصلت بعض التحليلات حد السخرية من الأفلام السينمائية التي ظلت تكرس فكرة تفوق البحرية الأمريكية، قائلةً إن ما يحدث في اليمن يجعل ذلك رواية لا علاقة لها بالواقع.
من التساؤلات الأساسية التي تؤرق الساسة والعسكريين والمحللين الغربيين، هو كيف هزم الحوثيون البحرية الأمريكية وسيطروا على البحر، وهو ما حاول تقرير حديث الإجابة عنه، حيث نشر موقع (انهيرد) البريطاني تقريراً يحمل عنوانه التساؤل نفسه “لماذا أصبح الحوثيون يحكمون البحر الأحمر؟”، وجاء فيه أن القليل فقط من السياسيين ما زالوا يتحدثون عن الحصار الذي فرضته حركة أنصار الله في اليمن، والمعروفة باسم الحوثيين، ومن يتابع الأخبار يعتقد أن هذا الحصار قد هُزِم، وأن الأمر تم حله، لكن ذلك لم يحدث، ويستدرك قائلاً: “إن الحصار أقوى من أي وقت مضى، وقد يئس الجيش الأمريكي من محاولة إنهائه، موضحاً أن الحوثيين وقبل أسبوعين فقط، صعدوا إلى سطح ناقلة نفط ترفع علم اليونان وزرعوا مواد متفجرة، وبينما كانت السفينة تحترق صرخوا: (الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل)، في إشارة إلى السفينة سونيون التي استهدفت واشتعلت النيران على سطحها.
وأضاف أنه في وقت يفترض أن يكون ذلك خبراً مهماً، فهذه الحركة- الحوثيين- أغلقت أهم ممر بحري في العالم، واستسلمت أمامهم البحرية الأمريكية وأبحرت بعيداً، إلا أن أحداً لا يريد التحدث عن الأمر، مفسراً ذلك بأن السبب قد يكون أكثر من مجرد الشعور المتزايد بالحرج.
وسخر التقرير من هزيمة البحرية أمام هجمات الحوثيين، بقوله: “لم نعد نعرف كيف نتحدث عمّا يجري، فأفلام هوليوود على مدى عقدين من الزمن ظلت تذكرنا بأن البحرية الأمريكية هي الأقوى في العالم، والمطلوب الآن هو حاملة طائرات واحدة لإجبار دولة نامية على الركوع، لكن في اليمن، اصطدمت هذه الروايات بالواقع”.
التقرير أكد أن اليمن تختلف عن العراق وأفغانستان، وأن محاولات الولايات المتحدة فك الحصار اليمني في البحر الأحمر، “ليست في واقع الأمر نوعاً من الحرب الاختيارية التي يمكن ببساطة الابتعاد عنها لمجرد الشعور بالملل، فاستمرار هذا الحصار يجعل العالم كله يتلقى أدلة درامية على العجز العسكري والسياسي المتزايد للغرب”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لا تعرف الآن ماذا تفعل، فقد كان يفترض أن تحمي السفن من ضربات الحوثيين الصاروخية، من خلال عملية حارس الازدهار التي أطلقتها في ديسمبر الماضي، وبعد تعثرها في يناير تم إطلاق عملية (بوسيدون آرتشر) لقصف الحوثيين وإخضاعهم ووقف هجماتهم البحرية، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال بشكل كبير، فبعد أشهر من القصف بلغ عدد الضحايا اليمنيين 22 قتيلاً على الأقل، وخسرت الولايات المتحدة عدداً من الطائرات المسيّرة من طراز (إم كيو-9 ريبر) باهظة الثمن، التي أسقطتها صواريخ الحوثيين المضادة للطائرات، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة حاولت بأفضل ما لديها استهداف أسلحة الحوثيين وتحديد مواقع الإطلاق داخل اليمن، مؤكداً أن هناك مشكلة واحدة فقط، هي “أنها لا تستطيع ذلك”، معتبراً العثور على منصة إطلاق طائرة مسيّرة داخل سلسلة جبلية يشبه البحث عن إبرة في كومة قش، حسب تعبيره.
وأكد التقرير أن البحرية الأمريكية بعجزها عن رفع الحصار الذي فرضته اليمن- إحدى أفقر دول العالم- ستكون أكثر عجزاً عن رفع الحصار عن تايوان بل ستصبح هذه الفكرة مجرد خيال، كما أن عجزها عن منافسة الإنتاج العسكري الإيراني يجعل التفوق على الصين بأي شكل من الأشكال فكرةً لابد أن تنتهي على الفور، مضيفاً: “سنستمر في التفرج على الحوثيين وهم يفجرون سفننا، ونتظاهر بأن هذا لا يهم، فالاعتراف بعجزنا يعني الاعتراف بأن عصر الهيمنة الغربية قد انتهى بالفعل”.