الجديد برس : كتب / حسن حمود شرف الدين
تأخَّـــرَ الوفدُ الوطنيُّ “أَنْصَـار الله، والمؤتمر الشعبي العام” عن مناقشات الكويت لمدة يومَين.. وهذا التأخُّــرُ لم يكن إلا لتسجيلِ احتجاجٍ على عدم وقف إطلاق النار، بموجب اتفاق التهيئة لمناقشات الكويت، تسبقها هُدنةٌ في جميع جبهات المواجهة الحدودية وفي المناطق الوسطى والشمالية، وذلك لإثبات حُسن النية لدى الجميع للوصول إلَـى يوم انطلاق المشاورات في 18 أبريل، وقد توصل الجميع إلَـى وقف كامل لإطلاق النار والبدء في مشاورات هادئة وبنَّاءة.
ومنذ أول يوم للهدنة التي أسميت باتفاق “الاثنين 11 إبريل” وطائرات العُـدْوَان تخترقُ الأجواءَ الـيَـمَـنية وتفتح حاجزَ الصوت فوق المدن، وتستهدف مدناً ومناطق أُخْرَى بالصواريخ، كما كانت قوات العُـدْوَان تعيدُ الصفوف وتعيد ترتيب نفسها في المواقع وتعزز مناطق تواجدها بالمرتزقة والعملاء، إلَـى جانب تكثيف عمليات الزحوفات لقوات تحالف العُـدْوَان وعملائهما في مختلف مناطق المواجهة خُصُـوْصاً في مَأرب ومنطقة نهم.
كلُّ هذه الخروقات كانت بهدف كسبِ أوراق جديدة كعادتها قبل أَية مفاوضات أَوْ مشاورات أَوْ مناقشات.. فقد اتسم تحالُفُ العُـدْوَان وعملائه في الداخل والخارج منذ أول اتفاق هدنة أَوْ تهدئة بنقض العهد والاتفاق.. ولم يتوصل المتحاورون في جميع المفاوضات والمناقشات السابقة إلَـى أَي اتفاق أَوْ تفاهم أَوْ تقارب في الآراء.. انطلاقاً من العقدة النفسية التي يتسم بها النظام السعودي بعدم التنازل وأنه على حق في عُـدْوَانه على الـيَـمَـن وشعبه.. وهذا ما جعل المفاوضين التابعين للرياض ينحازون إلَـى موقف النظام السعودي، ولأسباب أُخْرَى أبرزها أن الرياض تحتضنُهم في فنادقها، وبالتالي لا يستطيعون أخذَ قراراتهم لأنفسهم أَوْ الدخول في أَيَّة تفاهمات أَوْ مفاوضات وهم يملكون قراراتهم، وإنما ينفّذون وينقلون ما يتوافق والنظام السعودي.
غادر الوفد الوطني الوطن ووصل الكويت وانطلقت جلساته الأوْلَى مساء الجمعة، والوفد الوطني لديه إصرارٌ وعزيمة على إنجاح المشاورات.. لكنهم مُصرّون على الوقف الكامل لإطلاق النار، فكيف لمشاورات أن تنجحَ وأفواه المدافع والصواريخ لا تتوقف في الأَرْض.. كما أن اسْتمْرَارَ العُـدْوَان واسْتمْرَار إطلاق النار مؤشرٌ واضحٌ بأن وفد الرياض والنظام السعودي وقبلهما النظام الأَمريكي لا يريد تهدئة ولا يريد هدنةً ولا يريد مشاورات.. وإنما يريد كسبَ نقاط، ونقل صورة مشوهة عن الوفد الوطني بأنه يعرقل الحوار ويُعيقُ أَيَّ حل.. لكن مرونةَ الوفد الوطني منذ أول يوم لإعْلَان الهدنة وحتى أول يوم انطلاق مشاورات الكويت وهو يسجّل الخروقات المتتالية للطرف الآخر لفضحِه على الملأ ويفضح مخططات وأساليب عرقلة الحوار وعرقلة السلم في الـيَـمَـن بأسلوب أَمريكي إسرائيلي سعودي مفضوح التي انتهجته منذ عقود لاحتلال الأوطان.
تسجيلُ الوفد الوطني في جميع جلسات المشاورات احتجاجَه على عدم الوقف الكامل لإطلاق النار في مختلف الجبهات يُحسَــبُ له، ولا يُحسَــبُ عليه.. بالمقابل فقد ظهرت أصواتٌ من وفد الكويت بعدم وقف إطلاق النار.. وهذا ما فضح نواياهم المسبقة والمسجّلة تجاه الحوار، وحتى يظل الوضع على ما هو عليه.
المراوغاتُ السياسية التي تنتهجها أَمريكا مع عميلتها السعودية في الشأن الـيَـمَـني تجني الفشلَ المرةَ تلو الأُخْرَى.. والمأزق الـيَـمَـني الذي دخلت فيه تحاول الخروج منه بأقل الخسائر المعنوية والمادية.. لكنها من يوم إلَـى آخر تتوغل أَكْثَـر وتخسر أَكْثَـر.. فالمجتمع الدولي أَصْبَــح يراقبُ المشهدَ الـيَـمَـني عن كثب ويسجل تطوراته يَوماً بعد يوم.. وتتضح له الرؤية أَكْثَـر وأَكْثَـر.. فالأصوات الحقوقية بدأت تعلو ضد أَمريكا والسعودية، فالجرائمُ التي ينتهكونها في حق الشعب الـيَـمَـني وصلت إلَـى العالم.. ولم يعد يخفى على أحد.. ولذلك يؤمل الكثيرُ على مناقشات الكويت وتنازُلات النظام الأَمريكي والسعودي..
فقط على أَمريكا أن تعيدَ حساباتِها القائمةَ على الربح والخسارة.. وما على النظام السعودي إلا تنفيذُ توجيهات البيت الأبيض.