لم يعد الإخفاق السعودي في إخضاع إرادة اليمنيين وفرض الوصاية السياسية والأمنية عليهم، مشكلة لآل سعود فقط، بل بات مشكلة لإسرائيل نفسها. نتيجة ذلك، بدأت الأصوات ترتفع في تل أبيب، محذرة من مفاعيل انتصار «أنصار الله»، على الأمن الإقليمي والعالمي
مع ذلك، يتميز تحذير نتنياهو من انتصار الشعب اليمني في ذلك الحين، عن الواقع الحالي، بأنه في أوائل 2015، كان الرهان الإسرائيلي والإقليمي والدولي قائماً إزاء إمكانية هزيمة «أنصار الله» وسائر شرائح الشعب اليمني. نتيجة ذلك، كان هذا التوصيف للتهديد الذي يشكله «أنصار الله» على الأمن الإسرائيلي، مقروناً بقدر من الأمل والتقدير بأرجحية شطبه عبر السعودية، لكن ــ بعد نحو سنة ونصف من العدوان السعودي ــ أظهر الشعب اليمني و«أنصار الله» صموداً أسطورياً وتاريخياً، وبات الجميع في الرياض وتل أبيب في مأزق حقيقي، وهو ما دفع معلق الشؤون العربية في موقع «يديعوت أحرونوت»، يارون فريدمان، إلى عنونة قراءته إزاء مفاعيل الوضع المستجد في اليمن، بالعنوان الآتي: «حزب الله اليمن: مأزق إسرائيلي ــ سعودي».
يعود الاهتمام الإسرائيلي في سيطرة «أنصار الله» على باب المندب، لكون الأخير نافذتها على المحيط الهندي ودوله، وهو الذي يمنح مرفأ «إيلات» قيمة ودوراً فعلياً على خليج العقبة. وفي السياق، لوحظ خلال الأيام الماضية أن أصداء الصواريخ التي استهدفت مدمرة أميركية مرتين، وقبلها السفينة الإماراتية، دوت في تل أبيب، وهو ما دفع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى تناول دلالات ومفاعيل إطلاق الصواريخ في باب المندب، لكونها تشكل خطراً على الملاحة البحرية الإسرائيلية.
في حال إخفاق السعودية سيتحول «أنصار الله» إلى مشكلة لإسرائيل
ورأى معلق الشؤون العربية في القناة الثانية، إيهود يعري، أن على إسرائيل أن تأخذ بالحسبان من الآن فصاعداً وجود تهديد لحركة الملاحة البحرية إلى «مرفأ إيلات»، مثلما هي الحال بالنسبة إلى السفن المتوجهة إلى قناة السويس عبر حيفا أو إسدود. ورأى يعري أنه إذا «كان أنصار الله مستعدين لتحدي الأميركيين عبر الصواريخ، من السهل عليهم، في الوقت الذي يريدونه، استهداف القطع البحرية الإسرائيلية»، لافتاً إلى أن زعيم «أنصار الله» يتحدث بلغة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، ومضيفاً أنه في كل احتفال يُعقد لـ«أنصار الله»، تدوي صرخات «الموت لإسرائيل».
وأشار يعري إلى أن الانطباع في الاستخبارات العسكرية (أمان)، كان بأن سلاح الجو السعودي نجح قبل أشهر من «اقتلاع الحوثيين من المواقع التي أقاموها على شاطئ البحر الأحمر»، ملمحاً يعري إلى دور إسرائيلي في المعركة الدائرة بما يتصل بمضيق باب المندب، لكنه تلطى بما وصفه بوسائل إعلام عربية، من دون أن يستبعد أو يرجح ما نقله.
على خطٍّ موازٍ، ينبع القلق الإسرائيلي من «أنصار الله»، لكونهم يتبنون نهج العداء للاحتلال الإسرائيلي، وبسبب موقفهم المؤيد للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، وهو ما عبّر عنه نتنياهو أيضاً، بالقول ضمناً خلال كلمة أمام مؤتمر «رؤساء الجاليات اليهودية في أميركا الشمالية» (16/2/2015)، إن اليمن بعد «سيطرة أنصار الله على العاصمة صنعاء، بات ضمن أطراف محور المقاومة»، مشيراً في هذا المجال إلى ما رآه ضمن الأدبيات الإسرائيلية المستخدمة في هذا المجال، سيطرة ونفوذاً إيرانياً متنامياً في العواصم العربية: دمشق، بيروت، بغداد وصنعاء.
امتداداً لرؤية نتنياهو وموقفه، توقف معلق الشؤون العربية في موقع «يديعوت»، فريدمان، عند دلالات الشعارات التي يطلقها «أنصار الله»، «الموت لأميركا والموت لإسرائيل»، ورأى أن كلاً من حزب الله وأنصار الله، استلهما خياراتهما من انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. ورأى أن كليهما يشكل رأس حربة لإيران في مواجهة «إسرائيل والسعودية»، مشيراً إلى أن الكابوس المرعب للسعودية بدأ مع إطلاق الصواريخ الباليستية نحو أراضي المملكة، وأسر جنود سعوديين أُجريَت تحقيقات معهم أمام الكاميرات.
فريدمان خلص إلى أنه في الوقت الجاري يقدم حزب الله المساعدة لأنصار الله في مواجهة العدوان السعودي، لكن إن لم تنجح الرياض في تصفية كيان أنصار الله، سيأتي اليوم الذي يقدمون فيه المساعدة للحزب في مواجهة إسرائيل، وعندها ستصبح مشكلة السعودية مشكلة إسرائيل أيضاً. وشبه أخيراً وجود أنصار الله في اليمن المتاخم للسعودية، بوجود وتموضع حزب الله على حدود الكيان الإسرائيلي، لافتاً إلى أن السعودية لا تريد أن يحل بها ما حل بإسرائيل في مقابل حزب الله.
المصدر : الأخبار اللبنانية