المقالات

تزوير الوعي وتحريف المفاهيم !

الجديد برس : رأي

عبدالمنان السنبلي – كاتب يمني

لا أخفيكم سراً أنني ولطول ما يتحدثون عن عملية (تحرير صنعاء) صرت مُصرَّاً كل يومٍ على أخذ عينة من المارة خاصةً المسلحين منهم لأطرح عليهم هذا السؤال :
من أين أنت ؟! (لَعَلّيَ طبعاً أتعرف عن هذا المحتل الذي يحتل عاصمتنا بدون أن نراه !)
لم اجد بصراحة إلى هذه اللحظة من يجيبني ويخبرني أنه غير يمني حتى بين أولئك المسلحين عند تلك الأطقم العسكرية الواقفة في آخر الشارع !
كلهم يقولون أنهم يمنيون ! فمن ذلك الغازي المحتل إذاً الذي يريدون تحرير صنعاء منه ؟!
هل هم سكانها ؟! أم من هم يا تُرى ؟!
همس إليَّ أحدهم وقال : هم أولئك وأشار إلى تجمعٍ صغيرٍ لشبابٍ أعرفهم واحداً واحدا ولطالما لعبنا سوياً وذهبنا إلى المدرسة سوياً وعشنا أجمل لحظات الطفولة معاً !
فقلت لذلك الرجل : أتستخف بعقلي !
فهمس مرةً أخرى وقال : بل هؤلاء هم المحتلون ! ألا تراهم كيف يتبادلون الكلمات والضحكات كما لو كانوا يعدون لأمرٍ ما !
عرفت لحظتها أنني أمام رجل يعاني من أمرٍ ما في تفكيره كما لو كان قد خضع لعملية غسيل دماغٍ تمت عبر الأقمار الصناعية من خلال التسمُّر الطويل أمام بعض الفضائيات الشهيرة والمتخصصة في هذا الجانب، فقررت أن أتماشى معه وقلت :
من منهم يا تُرى هو المحتل ؟ أراهم خليطاً من العفاشيين والحوثيين و… !
قاطعني وقال : كلاهما
يا إلهي كلاهما، ثم رمقني رمقةً خلته سيؤمي إليَّ بعدها أيضا لولا أنه مضى إلى حال سبيله !
اكتشفت لحظتها أنني وأصدقائي غدونا محتلين في نظر البعض لمدينتنا وشارعنا بدون أن نعلم أو حتى نحمل السلاح في وجه أحد ويجب تحريرها منا، من أهلها !
بهذه الطريقة للأسف الشديد قد تم غسل أدمغة البعض ممن أعمى الحقد والغباء أبصارهم وبصائرهم فهم لا يفقهون ولو أُنزل عليهم كتابٌ من السماء !
قل عنهم يا أخي ماشئت : انقلابيون، روافض، عفاشيون، لكن لا ينبغي لك أن تقول عنهم محتلون ولو كانوا من يهود (ريدة) حتى لو بلغت ذنوبهم عنان السماء أو جيئ بها كزبد البحر طالما وهم يمنيون من أبناء هذه الأرض !
ما هذه الثقافة الناشئة الدخيلة التي تريد أن تؤصل لمستقبلٍ أسودٍ من العنصرية البغيضة بين أبناء المجتمع الواحد ؟!
الا يكفي ما نعانيه اليوم من شرخٍ مجتمعيٍ آخذٍ في الإتساع يوماً بعد يوم حتى نزيده شرخاً آخرا ؟!
إن كنتم أيها المغيبون ذهنياً وفكرياً قد اقتنعتم أن السعودي والاماراتي ومقاتلي الجنجويد وبلاك ووتر وداين كروب قد جاءوكم محررين ومخلصين بينما ترون في أبناء وطنكم أنهم غزاةٌ محتلون، فهذا شأنكم، لكن أرجوكم لا تستخفوا بنا وبعقولنا وتحاولوا إقناعنا بذلك، فنحن ببساطةٍ شديدةٍ لا نعاني من فقدان الوعي أو خلطٍ في المفاهيم !