الجديد برس : رأي
جميل أنعم – كاتب واعلامي يمني
الإرادة اليمنية تعني تحقيق الصعب بل المستحيل بالوسائل والإمكانيات المتاحة والمتوفرة قديماً وحاضراً وحتى مستقبلاً .. وهي كذلك في السِلم كما هي في الحرب … بينما الآخر أيُّ آخر كان، لا يُحقق شيئاً يذكر سواء في السلم أو الحرب بالرغم من توفر إمكانيات هائلة .
وبِلغة أخرى هذا طَالِبْ يمتلك المال والسيارة والفلة وكل الوسائل المتاحة الترفيهية مُهيئَة له 1000% بل أكثر ولكنه يسقط ويفشل في دراسته بعكس طالبْ آخر متفوق 100% وامكانياته متواضعة جداً .
والإرادة اليمنية إنتصرت قديماً في الحرب ضد الغزاة والمحتلين أما في حالة السلم فقد شيدت أمام الممطرات سدودا فكانت حضارة سبأ ومعين وحِمْيَر وبانهيار السدود إنتقلت الإرادة اليمنية إلى الشام والعراق والحجاز وربما الحبَشَةْ فكانت حضارات أكسوم وبابل والكنعانية والفينيقية وبالأوس والأنصار في يثرب قامت دولة الإسلام وامتدت من المدينة المنورة إلى مكة المُكرَّمة وتَبُوك واليمن والشام والعراق ومصر والقائد طارق بن زياد وصف المقاتل اليمني أثناء المعارك بأنه يتقدم الصفوف ولا يتراجع ويحقق إنتصارات مذهلة .
وبالتاريخ المعاصر (1915م ، 2017م) تعرضت اليمن للعديد من المؤامرات أخطرها على الإطلاق عدوان 2015م مارس، وفي جميع المؤامرات كانت بريطانيا وامريكا واسرائيل وبني سعود والتنظيم العالمي للإخوان وأخيراً داعش والقاعدة خلف هذه المؤامرات .. بالتخطيط والإمداد والتنفيذ، وبكل الإمكانيات والوسائل فوق المتاحة وأكثر، والتي كانت تتحطم على صخرة بل صخور الإرادة اليمنية، المتجسدة بالشعب اليمني العظيم، والمتمثلة برمز وطني خالد .. ومن هذه المؤامرات، المثبتة بالوثائق الدامغة والحقائق الساطعة :
1. الإستعمار البريطاني وبني سعود يحتلُّون الساحل الغربي لليمن 1928م – 1934م، والأمير أحمد بن حميد الدين يُحررها .
2. الإستعمار البريطاني والتنظيم العالمي للإخوان ينفذون إنقلاباً في فبراير 1948م ثُم الإستيلاء على السلطة والحُكم في صنعاء، وبزامل الأمير أحمد حميد الدين يفشل الإنقلاب، ويسترد السلطة الوطنية اليمنية .
3. أمريكا 1955م تستغل أحداث الحوبان في تعز وتُنفذ إنقلاباً على السلطة، والإمام أحمد حميد الدين يفشله ويستعيد الحُكم وبزمن قياسي “إسبوع فقط” .
4. الإستعمار البريطاني في الجنوب خمسينات القرن العشرين، يُوجِد كيانات مناطقية (23 سلطنة ومَشيخة) وتنظيمات مناطقية “عَدَنْ للعدنيين” وانفصالية “رابطة أبناء الجنوب العربي” وغيرها، واعلان قيام إتحاد الجنوب العربي، والفقيد الزعيم عبدالله باذِيب يؤسس المؤتمر العُمالي في عَدَنْ 1959م ويقر واحدية اليمن شمالاً وجنوباً صنعاء وعَدَنْ وطن واحد اليمن العظيم .
5. الإستعمار البريطاني والمخابرات المصرية وبَنِي سعود وبعد إتفاقية جدة أغسطس 1965م يتآمرون على ثوار الجنوب الكفاح المسلح في 13 يناير 1966م بغرض الدمج القَسري لعملاء الإستعمار والسلاطين في الجبهة القومية ولأبطال الكفاح المسلح لمصلحة “الكفاح السلمي”، والشهيد علي عنتر يرفض المؤامرة ويواصل الكفاح المسلح من رَدْفان والضَالع، ويقتحم عدن ويلتحم مع قائد جبهة عدن الشهيد عبدالفتاح إسماعيل، ويحققون الإستقلال الوطني من الإنجليز 30 نوفمبر 1967م وبالبندقية .
6. أمريكا وبَنِي سعود والإخوان يُحاصرون صنعاء لمدة سبعين يوماً ديسمبر 1967م – 1968م فبراير لإسقاط النظام الجمهوري لمصلحة الدولة الإسلامية الإخوانية والملازم الشاب عبدالرقيب عبدالوهاب الذُبحاني يتصدى وينتصر، ولو إلى حين، فأْستشهد بطل السبعين يوماً بالغدر والسحل في صنعاء يناير 1969م .
7. أمريكا وبني سعود وتنظيم الإخوان خلف الصِدَام بين شطري اليمن، صنعاء وعدن، فبراير 1972م، فبراير 1979م لتمزيق اليمن ولإقتطاع محافظة حضرموت والمهرة بمبرر أنها غير يمنية، والزعماء الرُّؤوساء، القاضي عبدالرحمن الإرياني وسالم ربيّع علي وعبدالفتاح إسماعيل وعليْ عبدالله صالح، يُفشِلون مخطط المؤامرة فكانت إتفاقيات الوحدة اليَمَنَية . إتفاقية القاهرة 18 أكتوبر 1972م، بيان طرابلس 26 نوفمبر 1972م ، وبيان قمة الكويت 30 مارس 1979م .
8. أمريكا ودول الخليج وراء مؤامرة 13 يناير 1986م لإسقاط النظام الوطني التَقدمِي في عَدَنْ “البردوني كتاب الثقافة والثورة في اليمن” وواحدية الوطنية اليمنية عليْ عَنْتر وعبدالفتاح إسماعيل يُفشلون المؤامرة ويسقطون شهداء معاً في نفس الزمان والمكان .
9. العدوان العالمي على اليمن مارس 2015م حتى تاريخه مارس 2017م .. فصول العدوان الشامل مستمرة وبحضور أمريكا واسرائيل وبني سعود والأنظمة المَلَكَية والأنظمة الإخوانية تركيا والسودان وأنظمة عربية تابعة للغرب + التنظيم العالمي للإخوان التكفيري والقاعدة وداعش وعصابات البلاك وُوتر والجنجويد السوداني وبتواطؤ مفضوح من الأمم المتحدة، وبهذا الحشد الأممي الغير مسبوق في التاريخ المعاصر وحتى القديم، فإن مؤامرة العدوان لا تستهدف تمزيق اليمن إلى عِدة كيانات فحسب بل يتعدى ذلك إلى تغيير الخارطة الجيوسياسية للوطن العربي بتمزيقها إلى 66 كيان .. وإيران والصين ليستا بمأمن وسينالها العدوان ولو بَعْدَ حين معلوم في تل أبيب وواشنطن ولندن .
وحتى اليوم الإرادة اليمنية صامدة وتتصدى للعدوان بثورة شعبيية 21 سبتمبر 2014م، وقائد شاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وجيش ولجان شعبية تُسطِّر أروع ملاحم أسطورية خالدة وبالإمكانيات المتوفرة مقابل إمكانيات بشرية كثيرة وأسلحة هائلة براً وجواً وبحراً وحصاراً أكثر عدوانية من العدوان العسكري والإعلامي .. والإرادة اليمنية وخلال إثنى عشر شهراً لا تزال في مرحلة التصدي للعدوان على الأراضي اليمنية، وتُسجِّل بطولات أشبة بالمعجزات في ميادين الشرف والعزة والكرامة وفي كل جبهات القتال .. أكثر من 20 جبهة إنتصارٌ هنا، وتعاملٌ واشتباك هناك، ومن جبهات الإنتصار النوعية والتي لها دلالات ومؤشرات الإنتصار الأكيد .. أختار جبهتين :
1. جبهة ميدي الساحلية الحدودية مع مملكةْ بني سعود … تعرضت للغزو ومن أربعة محاور وجهات برياً من السعودية، الذراع العسكري للعدوان من الداخل + الإخوان، وبحراً بوارج بحرية وإنزال بحري محدود لبعض دول العدوان، جواً غارات جوية مكثفة كل ذلك بأحدث الأسلحة النوعية .. كل ذلك والكاميرات وثَّقت ورصدت المقاتل اليمني كان يجول رمال مِيدي حافياً، مُلاحِقاً للغزاة، داحراً للمرتزقة، صامداً بوجه البارجات، وشامخاً أمام الطائرات، وانتصر نصراً سيكون عنواناً لدرس يُعمَل به في العلوم العسكرية تلاميذهُ جيوش العالم ..
ويتساءلون لماذا إحتلال مِيدي ؟.. الكيان السعودي يخشى عند الإنتقال إلى مرحلة الحرب نقل المعركة برياً إلى تهامة الحجاز ، الطائف ، مكة ، المدينة المنورة، وبتحرير الأماكِن المُقدَّسة من بني سعود يفقد المكانة الدينية التي يستغلَّها ويستثمرها في تحريف الإسلام بالإسلام السعودي لحماية الكيان الصهيوني من فتوَىْ جهادية تصدر من مكة والمدينة المنورة بواجب تحرير القدس من الصهاينة بحال زوال بني سعود والذين يمنعون صدور مثل هذه الفتوىْ الجهادية التي طال إنتظارها، وخشية الكيان السعودي والكيان الصهيوني من سلطة وطنية مركزية في صنعاء تُنشئ منظومة قواعد صاروخية باليستية في مِيدي مُحصّنة تحت الأرض يصعب إكتشافها وتدميرها، هذه الصواريخ تطال كل جغرافيا فلسطين المحتلة، ومِيديْ عندها سيكون لها دور في تحرير فلسطين من الكيان الصهيوني .
2. جبهة معسكر العمري المَخا ذوباب .. تعرض هذا المعسكر لأكثر من 40 هجوم بري وغارات جوية متواصلة وقصف بحري من البوارج وصواريخ كروز وتوماهوك الأمريكية وحشد وامكانات وإمدادات كُلَّها عَجِزِتْ في التقدم كيلو متر واحد، أمام صمود الرجال وتصدي الشجعان فأنتصروا وانهزم العدوان ومنها لقي قائد البلاك ووتر الأول ثم الثاني مصرعهما واضطرت الشركة إلى الفرار حفاظاً على سمعتها، بفعل صمود هذه الجبهة، ومنها تم إغراق 9 بارجات حربية وعدد كبير من الزوارق الحربية لتحالف العدو العالمي .
والخلاصة ..
فإن الإرادة اليَمنية خلال السنتين الأولى والثانية للعدوان (مارس 2015م حتى مارس 20177م) كانت في مرحلة العدوان، صمود وتصدي وانتصار على إمكانات هائلة من حشود واسلحة وقِطَعْ عسكرية برية وجوية وبحرية، كان هذا ضمن الأراضي اليمنية التاريخية.
وخلال السنة الثالثة للعدوان ستنتقل الإرادة اليمنية إلى مرحلة الحرب بين طرفين، بنقل المعركة إنتقال غير محدود، إلى أراضي دول العدوان صاروخياً بركان وصواريخ ما خُفيَ أعظم (السعودية – دبي – الدوحة) وبرياً نحو العمق السعودي .. وخلال السنة الرابعة للعدوان ستنتقل الإرادة اليمنية إلى مرحلة الإنتصار وانتصار تاريخي خالد .
ويتساءلون أربع سنوات هذا كثير كثير جداً جداً .. وحدها فقط الوطنية اليمنية شمالاً وجنوباً تُقلِّص المراحل إلى شهر وشهرين وحتى ثلاثة أشهر، ووحدها فقط الوحدة العربية ستختزل المراحل إلى أسابيع معدودة، ووحدها فقط التضامن الإسلامي كفيل بتحرير مكة والمدينة المنورة والقدس وبفترة قياسية من الزمن كل ذلك رهن وبنظر أدوات التمني لو، قد، إذ، إذا… لو توحدت الوطنية اليمنية والقومية العربية وبحضور التضامن الإسلامي، عندها سيقال الإرادة اليمنية الصامدة وحدت الوطنية اليمنية والشخصية العربية والإسلامية، تلك أماني “لو وقد وإذا”، وتَبْقى إرادة “يمننا وشامنا” في الميدان، وتلك والله العظيم ثلاثاً مشيئة الله سبحانه وتعالى، وما شاء الله كان … وحسبنا الله ونِعم الوكيل .