الجديد برس – متابعات اخبارية
رأى رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون أنّ “خطورة المرحلة تحتّم علينا أن نقرر اليوم وقف الحروب بين الإخوة، بجميع أشكالها، العسكرية والمادية والإعلامية والديبلوماسية، والجلوس إلى طاولة الحوار، لتحديد المصالح الحيوية المشروعة لكل فريق، واحترامها، وإلا ذهبنا جميعاً عمولة حل لم يعد بعيداً، سيفرض علينا”.
وقال عون خلال إلقاء كلمة لبنان في القمة العربية إن الدورة الحالية تكتسب أهمية خاصة في هذه الظروف الدقيقة. وأضاف “نلتقي اليوم للتداول بما آلت اليه الأحداث في المنطقة العربية وفي دول الجوار، والتفاعلات الدولية التي انبثقت عنها، وما عسانا نفعل وقد بان عجز الجميع في القدرة على حلها أو الخروج منها، حدّاً للخسائر الفادحة التي تزداد يوماً بعد يوم”. وتابع “لم آتِ إلى هنا ناصحاً ولا مرشداً، إنما جئت متسائلاً، فربما نجد في وجداننا الإجابات اللازمة. لذا، سأدع وجداني يخاطب وجدانكم، لعلنا نستفيق من كابوس يقض مضاجعنا”.
وتوجه عون إلى القادة العرب بالقول “الجميع خاسرون، الجميع قتلى، الجميع جرحى، الجميع متألمون، الجميع جياع يتسولون لقمة العيش. من أجل من نتقاتل، ومن أجل ماذا نقتل بعضنا البعض؟ أمن أجل تحرير القدس والأراضي العربية المحتلة؟ أم من أجل الوطن الفلسطيني الموعود وإعادة اللاجئين؟ وهل في هذه الحروب انتصارات وعلى من؟ وفي أي صفحة من صفحات تاريخنا سنسجل الانتصارات؟ وهل بقيت لنا صفحات بيضاء نكتب عليها، بعدما امتلأت بأسماء ضحايانا واصطبغت بدمائهم؟”.
وتابع: “إن العاصفة التي ضربت منطقتنا أصابت جميع أوطاننا، منها من تضرر مباشرة، ومنها من حمل عبء النتائج، ومنها من يقف مترقباً بحذر وقلق خوفاً من وصول شراراتها إليه، وقد طالت شظاياها جامعة الدول العربية، لا بل ضربتها في الصميم، فشلت قدراتها وجعلتها تقف عاجزة عن إيجاد الحلول”.
لبنان لا يزال مسكونا بالقلق والترقب
وأشار الرئيس اللبناني إلى أنّ المادة الخامسة من ميثاق الجامعة العربية قد حرمت اللجوء إلى القوة بين الدول العربية، وشجعت على التحكيم في ما بينها، أما المادة الثامنة فهي تفرض على كل دولة من الدول المشتركة أن تحترم نظام الحكم القائم في الدول الاخرى المنتسبة إلى الجامعة، وتعتبره حقا من حقوقها، وتتعهد بأن لا تقوم بأي عمل يرمي الى تغييره.
واعتبر عون أن بيانات الاستنكار والإدانة لم تعد كافية، “فالجامعة العربية، وهي المؤسسة الجامعة للعرب، وانطلاقاً من مبادئ وأهداف وروحية ميثاقها، وحفاظاً على الدول الأعضاء فيها، وإنقاذاً لإنسانها وسيادتها واستقلالها وثرواتها، عليها أن تستعيد دورها ومهمتها”. وقال: “إن لبنان، الذي يسلك درب التعافي، بعد أن بدأت مؤسساته بالعودة إلى مسارها الطبيعي، لا يزال مسكوناً بالقلق والترقب، ولم يعرف بعد الراحة والاطمئنان”.
وتابع “منذ اليوم الأول للأحداث المؤلمة في سوريا فتحنا بيوتنا ومدارسنا لاستقبال الهاربين من جحيم الحرب. ولكن، منذ اليوم الأول أيضاً، كنا نحذر من تفلت الأمور وخروجها عن السيطرة”. ولفت إلى أن لبنان يستضيف اليوم، سوريين وفلسطينيين، ما يوازي نصف عدد سكانه، والأرقام إلى ارتفاع، مشيراً إلى أن لبنان بطبيعته وضيق أرضه وقلة موارده هو بلد هجرة وليس بلد استيطان. وأوضح أن تخفيف بؤس النازحين، وخلاصهم من قساوة هجرتهم القسرية، وتجنيب لبنان التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية للازدياد المضطرد في الأعداد، لن تكون إلا من خلال عودتهم الآمنة إلى ديارهم.
وقال: “لطالما كان شرقنا، ووطننا العربي، منبت الحكماء، والعقلاء، والنخب، والرؤيويين. إن المرحلة مصيرية، ولا يمكن أن تواجه إلا بأصحاب العقول النيّرة، والقلوب الكبيرة، القادرة على تخطي التفاصيل لمصلحة الوطن العربي برمته.
وختم الرئيس اللبناني بالقول “إن خطورة المرحلة تحتم علينا، أن نقرر اليوم وقف الحروب بين الإخوة، بجميع أشكالها، العسكرية والمادية والإعلامية والدبلوماسية، والجلوس إلى طاولة الحوار، لتحديد المصالح الحيوية المشروعة لكل فريق، واحترامها، وإلا ذهبنا جميعاً عمولة حلّ لم يعد بعيداً، سيفرض علينا. اللهم إشهد إني بلغت”.
المصدر: وكالات