الأخبار عربي ودولي

مغامرة ترامب: عودة الغزاة

الجديد برس 

ليس بالأمر السهل توجيه الشكر الى عدو على أفعاله المجرمة. لكن، في حالة الولايات المتحدة الاميركية، يبدو من الواجب شكر قيادتها على إعفائنا من بذل جهد كبير، وتمضية وقت طويل في محاولة إقناع الأقربين قبل الأبعدين بأن أميركا، مثل الشيطان، لا تتغير. إنها الدولة التي تعيش على موت الآخرين.

تفقّد وزير الدفاع السوري علي أيوب قاعدة الشعيرات الجوية أمس (الإدارة السياسية في الجيش السوري)

خطت واشنطن أمس بعيداً عن «التفاهمات» المكرّسة مع موسكو في الملف السوري، مقحمة قوتها العسكرية في عمق الأراضي السورية، بعيداً عن مناطق نفوذها في الشمال. العدوان الأميركي الذي استفاق العالم عليه أمس، كرّر ــ من حيث بنك الأهداف ــ سيناريو حليفه الإسرائيلي، عبر قصف قاعدة الشعيرات الجوية في ريف حمص الجنوبي الشرقي، المجاور للمناطق التي استهدفتها الطائرات الإسرائيلية خلال خرقها الأخير.

مارين لوبن «أصيبت بالخيبة» بعد العدوان الأميركي على سوريا. زعيمة اليمين الفرنسي العنصري، أحبّت بطلها ترامب حين كرهه الآخرون، وها هي تلومه بعدما صار بطل «الجميع». كان لا بدّ من 59 صاروخ «توماهوك» على قاعدة جويّة سوريّة، كي يفوز بلقب «كابتن أميركا»، من كان بالأمس فقط كابوس الديمقراطيّات الغربيّة.

من تفجير مقر المارينز عام 1983 في بيروت (أرشيف)

كانوا قلّة، في عام 1983. واغتيال بشير الجميِّل في العام السابق، لم يثنِ أتباع المشروع الإسرائيلي ــ الأميركي عن المضي في خياره. على العكس من ذلك، خيّر ورثة بشير المقاومين بين الاستسلام أو الرحيل. وأتى العالم كله.

وقعت الواقعة يوم الثلاثاء: «هجوم بالسلاح الكيميائي» ضد خان شيخون. من إدلب إلى أروقة الأمم المتحدة، دعت سريعاً مندوبة واشنطن نيكي هيلي إلى عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن. في الوقت ذاته، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبنسر أن «الأعمال الشائنة لنظام بشار الأسد، إنما هي عاقبة لضعف وتردّد الإدارة السابقة».

بفضل «توماهوك» بات متاحاً الحديث عن «تغيير في قواعد لعبة الأقوياء» (أ ف ب)

لا يمثّل العدوان الأميركي تحولاً في جوهر أداء الولايات المتحدة. فمن توفير الغطاء السياسي والعسكري، إلى إقرار برنامج تلو الآخر لدعم المجموعات المسلحة، إلى تزعّم «التحالف الدولي» الذي وضع وحدة الأراضي السورية على المحك، وصولاً إلى اعتداء الشعيرات: جوهر واحد، مع تغيير في شكل الأداء. لكن هذا التغيير بثّ «الروح» في طموحات اللاعبين الإقليميين ومعظم كيانات المعارضة بشقيها السياسي والمسلّح، ووضع التفاؤل بمسار سياسي مُثمر على الرف، أقله في المدى المنظور

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى إلى إعادة الزمن إلى الوراء. ثلاثة أعوام وثمانية أشهر مرّت على تلويح الإدارة الأميركيّة السابقة بضربة عسكريّة ضد سوريا (وما يقارب نصفها على الدخول العسكري الروسي المباشر) يطمحُ الرجل إلى وضعها بين قوسين.

أمل نتنياهو أن تدوّي أصداء الهجوم في دمشق وطهران وبيونغ يانغ وأماكن أخرى (أ ف ب)

لم تتردد تل أبيب في الكشف عن حقيقة أنّ الاعتداء الأميركي على سوريا جرى بالتنسيق معها، وفي سياق استراتيجيتها الإقليمية وتلبية لرهانات كانت تترقبها. واتسمت ردود فعلها الرسمية والإعلامية، بالاحتفاء، انطلاقاً من الرهان على أن تداعيات هذا الاعتداء ستؤدي إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية على مستوى المنطقة

لقي العدوان الأميركي الذي استهدف مطار الشعيرات في محافظة حمص ترحيباً واسعاً في تل أبيب، شمل مختلف أطياف القوس السياسي الإسرائيلي. وأجمعت القيادات الرسمية على أنّ الضربة الاميركية تأتي تلبية للمصالح والأولويات الإسرائيلية في الساحة السورية.

ترحيب إسرائيل بالعدوان الأميركي على سوريا جاء مفرطاً، وتجاوز في إفراطه ردّ الفعل التناسبي على الهجمات، ليعبّر عن مستوى مرتفع جداً من الأمل، بإمكان إعادة الرهانات الإسرائيلية إلى نقطة البداية: إسقاط النظام، وإضعاف محور المقاومة.

يبدو أن روسيا تنطلق من جملة سيناريوات تفسيرية للتحوّل السريع (أ ف ب)

بدا أن «الدبلوماسية الذكية» التي نَصح الخبراءُ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بها في معرض اتخاذ القرار بشن الضربة الصاروخية على سوريا، فجر أمس، لن تجدي نفعاً مع الكرملين، فثمة اقتناع في روسيا بأنها المستهدف الأول من المغامرة الترامبية، التي يُعتقد بأنها نقلت الصراع بين موسكو وواشنطن إلى حافة «الحرب الساخنة»

سلسلة مواقف متدرّجة أطلقتها روسيا، إزاء هجمات الـ«توماهوك» الأميركية على مطار الشعيرات، بين تصريحات مبدئية رافضة لـ«العدوان على دولة ذات سيادة»، وبين اتهامات للأميركيين بممارسة «التضليل» في خان شيخون لتبرير فعلها في سوريا، وتغطية مجازرها في الموصل، وصولاً إلى إجراءات عملية، لاحت أولى بوادرها، حين قررت تعليق اتفاقية السلامة الجوية التي تم توقيعها مع الولايات المتحدة في عام 2015، ودعوة مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد للبحث في التطوّرات.

(أليكس فالكو تشانغ ــ كوبا)

في يوم وليلة (حرفياً)انقلب الإعلام الغربي السائد في تعاطيه مع الرئيس دونالد ترامب. على وقع الصواريخ الأميركية على سوريا، اعترف الصحافيون بصاحب الشعر الذهبي رئيساً سيّد قراراته، لا مهرّجاً ولا مجنوناً. كيف تبدّل الإعلام الأميركي الرافض لترامب فجأة؟ وماذا قال الإعلام البريطاني والفرنسي في «عودة أميركا» إلى سوريا؟

ضربة صاروخية أميركية واحدة على سوريا نجحت بترقية دونالد ترامب أمس من «النازي الخطير» إلى ملك «الإحساس». لم يتطلّب الأمر سوى هجمة عسكرية على مطار تابع للجيش السوري لتتحوّل صورة الرئيس الأميركي في الإعلام الغربي السائد من «مهرّج فاقد صوابه» على مدى نحو ستّة أشهر، إلى «رئيس مسؤول وصاحب استراتيجية».

العدوان الأميركي على قاعدة جويّة سوريّة إيذان بتدشين سياسة ترامب الحربيّة والتي تقضي بمنح القيادات العسكريّة صلاحيّة كاملة لاتخاذ القرارات التكتيكية

لندن | العدوان الأميركي على القاعدة الجويّة السوريّة بالأمس لم يكن سوى التكريس الرسمي لسياسة الرئيس الجديد دونالد ترامب الحربيّة الجديدة بعد أقل من ثمانين يوماً على توليه السلطة. وهي سياسة تقوم على نقل الصلاحيات لاتخاذ القرارات العسكريّة التكتيكيّة من ذوي الياقات البيضاء في البيت الأبيض إلى صقور البنتاغون، بعد ثماني سنوات طويلة من تحكم إدارة الرئيس باراك أوباما بتلك القرارات، الأمر الذي يهدد بتصعيد نوعي على جبهات كثيرة، لا سيما في الشرق الأوسط، وأوكرانيا وربما إيران وفنزويلا.

مزيج من الحزن والألم ساد الشارع السوري عقب الاعتداء على مطار الشعيرات. عدد من الشهداء وأضرار بالغة لحقت بالمدرج والطائرات ومستودعات الذخيرة والوقود، يبدو أنّها لن تُنتج إخراج القاعدة الجوية من الخدمة

«الطيارون جميعاً بخير»، عبارة بادر إلى قولها أحد العسكريين السوريين خلال رده على أسئلة متتالية حول وضع مطار الشعيرات في ريف حمص ومن فيه، إثر الاستهداف الصاروخي الأميركي للقاعدة الجوية. «لم يتم إجلاء العناصر والضباط من المطار.

تمّ إنتاج صاروخ «توماهوك» في أواخر حقبة الحرب الباردة، وشهد استخدامه الأوّل في حرب العراق عام 1991، ثمّ أصبح رمزاً مرافقاً لحروب أميركا وضرباتها: ضربت أميركا العراق بأكثر من 288 صاروخ توماهوك عام 1991، و400 صاروخ خلال «ثعلب الصحراء» عام 1998، وأكثر من 800 خلال غزو 2003، إضافة الى 218 صاروخاً تمّ استخدامها ضدّ يوغوسلافيا خلال حرب 1999.

بحسب التصريحات الأميركية، تمّ توجيه 59 صاروخ «توماهوك» من على مدمّرات أميركية في المتوسّط، لتضرب هدفها في وسط سوريا، لم يصل، بحسب التقارير والشهادات الروسيّة، إلا 23 صاروخاً منها إلى مطار الشعيرات. الأميركيّون، في المقابل، يدّعون أنّ كلّ الصواريخ ــ باستثناءٍ صاروخٍ واحد ــ قد أصابت أهدافها.

القاهرة ــ الأخبار | أُبلغت القاهرة رسمياً بالغارة الجوية الأميركية التي استهدفت سوريا فجر أمس، قبل تنفيذها بساعات، وفقاً لما أكده مصدر في الرئاسة المصرية لـ«الأخبار»، الذي قال أيضاً إن الإدارة الأميركية أبلغت الحكومة المصرية أن «هناك أهدافاً محددة للغارة ولا نية لاستمرارها خلال الأيام المقبلة، من دون وجود تنسيق دولي».

نقلا عن الاخبار اللبنانية