الجديد برس
تصدرت الأعمال الإرهابية التي استهدفت المسيحيين ومقدساتهم في مصر مساحة واسعة في التعاطي العربي الشعبي والرسمي وعكست مكانة مصر والشعب المصري في الضمير الشعبي العربي، وفي اليمن الذي يعيش وضعا استثنائيا كان للحدث الإرهابي الذي استهدف مصر وقعا مختلفا، وجاءت ردود الفعل اليمنية الرسمية والشعبية والإعلامية منطلقة من معاناة البلد العربي الرازح تحت الحرب والحصار منذ عامين، وتجربته المريرة مع الإرهاب.
تعويل يمني على الدور المصري
ويرى الشارع اليمني والنخب السياسية أن مصر تتعرض لمؤامرة خطيرة ضمن سيناريوهات استهداف المنطقة أمريكيا وإسرائيليا، معتبرين التجربة اليمنية مع الإرهاب مثالا يمكن أن يستفاد منه لقراءة ما يحدث في مصر وسوريا والعراق.
وبرغم مشاركة جمهورية مصر العربية ضمن التحالف العربي الذي يشن عدوانا وحصارا على اليمن بقيادة السعودية، فإن ثمة تعويل على أن تستعيد مصر دورها الريادي في المنطقة وتواجه المؤامرات التي تستهدف شقيقاتها وعلى رأسها اليمن.
البديل أجرت استطلاعا مع عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية في اليمن لاستقراء رؤيتهم للعمليات الإرهابية التي تعرضت لها مصر، في محاولة لنقل صورة حقيقية عن الموقف اليمني تجاه الحدث، وعلاقته بما يجري في اليمن وبتجربتها الطويلة مع الإرهاب.
التفجيرات.. فصل في مؤامرة تستهدف الأمة العربية:
قال الناطق باسم أنصار الله محمدعبد السلام في تصريحات صحفية: التفجيرات التي تبنّتها داعش في مصر تأتي في سياق محاولات فرض هيمنة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على المنطقة، مشيرا إلى أن الخطر التكفيريليس إلا امتدادا لخطر الكيان الصهيوني وتأتي في مصلحته التي تتمثل باستهداف أمن الشعب المصري.
وفي حديث خاص للبديل أكد محمد المنصور القائم بأعمال الأمين العام لحزب الحق اليمني إن تلك العمليات الإرهابية التي استهدفت المسيحيين في كنائسهم بمصر تأتي في سياق مخطط ضرب الدولة المصرية بكل مقوماتها العسكرية والأمنية والاقتصادية والحضارية، وأضاف: هذا الاستهداف لمصر ودورها ومكانتها ليس جديدا، بل يأتي في سياق ما تتعرض له البلدان العربية ذات الثقل والتأثير كالعراق وسوريا واليمن وليبيا، مشيرا إلى أن ثمة مخططا أمريكيا صهيونيا بريطانيا قديما جديدا يهدف إلى تقسيم وتفتيت تلك البلدان، وإعادة رسم الخرائط على أسس كيانات عرقية وطائفية.
من جهته اعتبر عضو الأمانة العامة للتنظيم الوحدوي الناصري باليمن حميد عاصم أن التفجيرات تندرج في سياق الحرب التي تستهدف الأمة العربية مسلميها ومسيحييها وفي سياق ضرب الوحدة الاجتماعية والنسيج الاجتماعيوقال عاصم: هذه الأعمال تندرج تحت مخطط استعماري تقوده الإدارة الأمريكية وبمال عربي وبأيادٍ تدعي أنها عربية إسلاميةوهي ترتبط بالاستخبارات العالمية وبالصهيونية، ويعتقد عاصم أنالسيناريو المرسوم لمصر هو نفس السيناريو المرسوم لأكثر من دولة عربية والمعد من قبل الإدارة الأمريكية وأدواتها في المنطقة وعلى رأسها الكيان الصهيوني ونظام أسرة آل سعود والأنظمة الرجعية الأخرى.
وفي ذات السياق اعتبر رئيس تكتل الأحزاب المناهضة للعدوان عبدالملك الحجري أن الجريمة الإرهابية التي استهدفت المسيحيين في مصر يمكن أن تقرأ بأنها ضمن مخطط نشر الفوضى الخلاقة التي بشرت بها كوندليزا رايس في المنطقة وذلك عن طريق جماعات الفكر التكفيري وهذا مايحدث في سوريا والعراق واليمن واليوم في مصر، وفي سياق حديثه للبديل وجه الحجري الاتهام لطرف بالقول: الفكر التكفيري الوهابي هو من يقف منهجيا خلف هذه الجماعات التي تحركها أجهزة استخباراتية معادية.
مصر تواجه مؤامرة أمريكية صهيونية.. والهدف إضعافها:
اليمنيون يرون أن مصر تتعرض حاليا لاستهداف ممنهج ضمن مخطط يستهدف المنطقة ككل وبالأدوات نفسها التي استهدفت اليمن وتستهدف سوريا وليبيا، ومن منطلق تجربتهم مع العدوان وما قبله من انتشار للإرهاب في اليمن، فإن الرأي العام اليمني يقرأ ما يجري في مصر حاليا بكونه مؤامرة لإضعافها وإضعاف دورها في المنطقة من خلال خلخلة الوضع والتماسك المصري الطائفي والمجتمعي.
وفي تصريحاته الصحفية أكد الناطق باسم أنصار الله أن مصر تعرف حق المعرفة أن القاعدة وداعش يتحرّكون بعباءة سياسية وأمنية ومادية من خلال دعم التيار التكفيري الذي ترعاه دولٌ حليفة جداً للأمريكي وتموله أيضاً، ولفت إلى أن من يحرك القاعدة وداعش في العراق وسوريا هو من يحركها في مصر حاليا.
الموقف السابق ينسجم مع حديث أمين حزب الحق محمد المنصور للبديل، حيث يرى المنصور أن استهداف الكنائس المصرية يهدف إلى ضرب الوحدة الوطنية والأمن الداخلي لمصر بما يؤدي إلى إفشال جهود الحكومة المصرية في تحقيق التنمية والاستقرار أو يعزز دور مصر القومي، معتقدا أن المطلوب من مصر أن تسلم كل أوراقها للأمريكان والصهاينة والسعوديين والأتراك والقطريين و تنخرط في الحروب الطائفية بالوكالة، معتبرا أن ذلك يرمي إلى أن تلغي مصر نفسها ودورها وتصبح دولة من الدرجة الثانية في المنطقة، حسب قوله.
ويتفق معه رئيس تكتل الأحزاب المناهضة للعدوان عبدالملك الحجري الذي يثق أن مصر هي ضمن المخطط المرسوم من قبل تلك الأطراف الإجرامية ومن يقف خلفها معتقدا أن الهدف هو الضغط السياسي والاقتصادي والأمني على مصر في محاولة لإبعادها عن دورها المحوري في المنطقة والعالم وإشغالها بقضاياها الداخلية، مؤكدا أن مصر تعرضت وتتعرض لعمليات الابتزاز في مواقفها من خلال الضغط الأمني والاقتصادي وكذا السياسي.
من جهته، قال عبدالرحمن الأهنومي نائب رئيس تحرير صحيفة الثورة الرسمية إن استهداف مصر وإضعافها مسلسل يتم تنفيذه برعاية السعودية وأمريكا، مؤكدا أن الهدف من هذا الاستهداف إيجاد وخلق صراع ديني لتفكيك اللحمة المصرية بين المصريين وخلق صراعات بينية معتبرا أن المخطط يرمي إلى إضعاف مصر على اعتبار أن إضعافها يعطي للسعودية فرصة لتكون مركز القرار العربي وبالتالي تمرير كل المشاريع على المنطقة.
القيادي الناصري حميد عاصم يرى أن استهداف المسيحيين وفي كنائسهم يهدف إلى ضرب النسيج الاجتماعي وإظهار المسلمين بأنهم إرهابيين ومجرمين ودمويين وأن على العالم التحرك ضد أبناء الأمة، مضيفا:ما حدث يضرب الأمن والاستقرار، وقد يكون من بين الأهداف تهجير أبناء الديانة المسيحية من أبناء الشعب المصري كما حدث في العراق في السنوات الأخيرة حينما تم استهداف الأخوة المسيحيين بالعمليات الإرهابية التي نتج عنها قتل أعداد كبيرة وتهجير آخرين، معتقدا أن من كان ينفذ ويمول تلك العمليات في العراق هو من ينفذ ويمول نفس العمليات في مصر حاليا.
دعوات لعودة مصر لدورها الريادي في المنطقة :
وفيما يخص توقعاتهم للتحرك المصري، يرى اليمنيون أن الشعب المصري يمتلك من القوة والتماسك ما يمكنه من تفويت الفرصة على تلك المخططات التي تستهدفه وترمي لتفتيت نسيجه الاجتماعي وتنوعه الطائفي، حيث يتوقع رئيس تكتل الأحزاب المناهضة للعدوان باليمن عبد الملك الحجري أن استهداف مصر لن يتوقف حتى يحقق أهدافه، ودعا الحجري المصريين إلى مواجهة التحدي بالتحدي وفضح وكشف الأعداء الحقيقيين الذين يقفون خلف تلك الجماعات، واعتبر ما أسماه محاولة النظام المصري التماشي مع الضغوط التي يفرضها عليه الأعداء بأنها ستدفعه للمزيد والمزيد من التنازلات، على حد تعبيره.
وفي ذات الصعيد يرى محمد المنصور أن القيادة المصرية أمام خيارات صعبة، مرجحا أن يتوجب عليها أن تنتهج الجرأة في اتخاذ الخيار الاستراتيجي بالعودة إلى عمقها العربي الإسلامي ودورها القومي والانتصار للقضية الفلسطينية، والتصدي لمشاريع التفتيت والتقسيم التي تستهدف سوريا واليمن وليبيا وغيرها، ناصحا القيادة المصرية بالانفتاح على إيران وسوريا والعراق واليمن، حيث يعتبر المنصور أن ذلك سيكون وقاية لمصر من أن تدفع ثمنا باهظا على حساب أمنها واستقرارها ودورها المنشود.
فيما يرى نائب رئيس تحرير الثورة عبد الرحمن الأهنومي أن مستقبل مصر لن يكون أمنا إلا حال عودة مصر لدورها الريادي وأن تنفض سياسة المراوحة والدوران في حلقة الاسترضاء، منوها إلى أن مصر في ضوء الحالة التي تشهدها اليوم تذهب نحو المجهول ولا رهان إلا على وعي الشعب المصري والجيش.
وتمنى حميد عاصم القيادي في التنظيم الناصري باليمن أن تعود مصر لدورها الريادي في المنطقة، قائلا:تحرير القرار السياسي المصري من التبعية للغرب ولأدواته في المنطقة وانتهاج سياسات متوازنة تجاه القضايا وعلى وجه الخصوص العربية والاتجاه نحو تعزيز العلاقات مع الدول الممانعة في المنطقة والدول الكبرى كروسيا والصين، سيمكنها من أن تصمد وتتجاوز الابتزازات، ويعتقد عاصم أنه في مقابل ذلك فإن استمرار النظام المصري في سياسته الحالية سيجعله فريسة الابتزازات، محذرا من أن ذلك قد يؤدي إلى ردات فعل شعبية ومشاكل داخلية أمنيا واقتصاديا، وهو بحسب عاصم أمر لا يحبذه أحد.