الأخبار عربي ودولي

الجيش السوري يصعّد معركة البادية … و«الحشد الشعبي» يتّجه نحو الحدود من الشمال

الجديد برس 

فيما تستمر معركة قضم المناطق في بادية الشام، لفرض نفوذ على منطقة الحدود السورية المشتركة مع العراق والأردن، تتحرك قوات «الحشد الشعبي» بدورها نحو جزء آخر من الحدود

تتابع قوات الجيش السوري وحلفائه تعزيز مواقعها والتقدم في عمق البادية السورية، مركّزة ضغطها العسكري على محورين رئيسين: هما امتداد طريق دمشق ــ بغداد ومحيط مدينة تدمر، وخاصة الجانب الشرقي.

المعارك التي انطلقت عقب «اتفاق أستانا» الأخير، تهدف إلى إعادة حضور دمشق وحلفائها في الشرق السوري، بعد غيابهم لسنوات عن وادي الفرات والمناطق الحدودية مع العراق، عدا أجزاء من مدينة دير الزور ومحيطها.
وبعد تقدم الجيش لمسافة تصل إلى قرابة 65 كيلومتراً على طول الطريق باتجاه بغداد في خلال الأيام القليلة الماضية، تمكّن أمس من السيطرة على مفترق الطرق بين دمشق وبغداد وتدمر، وتجاوزه نحو تلال صبيحية إلى الشرق منه. ويطرح التقدم الأخير، الذي يضع الجيش على مسافة تقارب 100 كم عن معبر التنف الحدودي، تساؤلات عن رد فعل قوات «التحالف الدولي» المحتمل إزاءه، لكون وحدات من الفصائل التي تدعمها تنتشر في تلك المنطقة، من جهة، ولحساسية واشنطن وحلفائها من إتمام أي اتصال بري بين دمشق وبغداد.
وعلى المقلب العراقي، انطلقت عمليات يقودها «الحشد الشعبي» باتجاه منطقة القيروان، جنوب غرب تلّعفر، في مرحلة ثانية لعملية تحت اسم «محمد رسول الله»، تهدف إلى تطهير المناطق باتجاه البعاج، ومنها نحو المناطق الحدودية مع سوريا. وتمكّنت القوات بعد ساعات على إطلاق العمليات، من استعادة 8 قرى، أبرزها أبو لحاف شمال القيروان، وسدخان وسبايا حروش شرقها. وتقدّمت القوات من خلال 3 محاور أساسية تفرّعت لاحقاً إلى ستة، وسط غطاء جوّي من سلاح الجو العراقي. وأوقعت الاشتباكات عدداً من الإصابات في صفوف قوات «الحشد»، إثر استخدام «داعش» لصواريخ موجّهة مضادة للدروع، لوقف تقدم مجموعات المشاة. وبالتوازي، أدت الغارات الجوّية إلى مقتل 27 مسلحاً، وتدمير 3 آليات مفخخة للتنظيم. وتمكنت القوات في الساعات الأولى للعملية من محاصرة البلدة من ثلاثة محاور، وهي في طور الاستعداد لاقتحامها في الساعات المقبلة.
وبعد يوم على إعلان «قيادة عمليات الأنبار» على إطلاق عملية عسكرية لـ«تطهير» الصحراء الجنوبية لمنطقة الرطبة، لم تشهد الجبهات التي تعمل ضمنها «عمليات الأنبار» تحركات عسكرية واسعة، باستثناء اشتباكات متفرقة جنوب المدينة. وينتظر تحرّك القوات العراقية في المحافظة نحو مناطقها الغربية الحدودية مع سوريا، بعد إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي، بدء هذه المعارك، خاصة بعد لقائه أول من أمس مع قائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط، جوزيف فوتيل.

تقدّم الجيش قد يوصله إلى محطة ضخ الغاز والنفط «T3»، ومطارها

وفي موازاة ما سبق، تابع الجيش السوري عملياته شرق تدمر، مسيطراً على مقلع المشيرفة الجنوبي في جنوب شرق المدينة. وفي حال استكمال الجيش تحركه شرقاً على هذا المحور، فإنه قد يصل إلى محطة ضخ الغاز والنفط «T3»، ومطارها المجاور الذي برغم انعدام أهميته العسكرية، سيمثّل نقطة متقدمة في شرق تدمر لم يدخلها الجيش منذ سنوات. كذلك، وصلت قوات الجيش إلى أطراف الطريق الواصل بين قرى جباب حمد ورسم حميدة وخربة السبعة وهبرة الغربية وهبرة الشرقية في ريف حمص الشرقي.
وفي ما يبدو أنه محاولة لإشغال الجيش وحلفائه بجبهات إضافية حسّاسة، شن تنظيم «داعش» أمس، هجوماً على مواقع الجيش في محيط طريق إثريا ــ خناصر. وسببت الاشتباكات قطع الطريق بين البلدتين لساعات، قبل أن يتمكن الجيش من احتواء الهجوم وصدّه، وإعادة فتح الطريق أمام حركة المدنيين والشاحنات من مدينة حلب وإليها.
وبينما تشتدّ حدة المعارك على جبهات القتال مع تنظيم «داعش»، يسيطر هدوء نسبيّ على غالبية جبهات الميدان السوري، في ما يظهر التزاماً باتفاق «مناطق تخفيف التوتر» الموقّع في أستانا. وفي السياق نفسه، شهد ريف محافظة إدلب وعدد من قرى الريف الحلبي، تظاهرات ووقفات متضادة في ما بينها، حول تأييد أو معارضة الاتفاق. حيث حشدت «هيئة تحرير الشام» عدداً من التظاهرات في إدلب وريفها، عقب صلاة الجمعة، ووزعّت في خلالها لافتات تدين الاتفاق وتحرّض على الفصائل التي حضرت محادثات أستانا، وتدعم زعيم «جبهة فتح الشام» أبو محمد الجولاني. وفي المقابل، خرجت تظاهرات ندّدت بالجولاني في كفرنبل وعدد من المناطق، مطالبة الفصائل المسلحة بالتّوحد ضد «نظام الأسد وحلفائه». وبدا لافتاً ما تناقلته عدة مصادر معارضة عن تحضير «هيئة تحرير الشام» لتعزيز حضورها في ريفي حلب شمالاً، ودرعا جنوباً، لتقويض جهود التهدئة التي تعزلها عن باقي الفصائل.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه الوصول إلى صيغة لقوننة اتفاق «مناطق التهدئة» وإنهاء تفاصيله، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن مشاركة واشنطن في مراقبة تلك المناطق يجب أن «يكون مقبولاً بالدرجة الأولى من قبل دمشق»، معرباً عن ترحيب بلاده «بأي مساهمة أميركية في تطبيق المذكرة… وخاصة أن (الرئيس دونالد) ترامب تحدث منذ البداية عن أهمية إقامة مناطق آمنة». وأكد أن خبراء من روس وأتراك وإيرانيين، سيجتمعون في وقت لاحق من الشهر الجاري «لبحث تفاصيل مناطق تخفيف التوتر بما في ذلك نقاط المراقبة والتفتيش»
وبالتوازي، بحث لافروف مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، في اتصال هاتفي أمس، تطورات الملف السوري. وأوضح بيان لوزارة الخارجية الروسية أن «الدبلوماسيَّين ناقشا الجهود الرامية إلى تعزيز وقف إطلاق النار وتوسيعه، بعد المذكرة الموقعة بشأن مناطق تخفيف التوتر بدعم من الحكومة السورية، بما في ذلك منطقة بالقرب من الحدود مع الأردن».
ومن جهتها، قالت وزارة الخارجية الأردنية إن الصفدي لفت خلال الاتصال إلى «أهمية وقف إطلاق النار في الجنوب السوري»، مشدداً على أن «الأردن لا يريد منظمات إرهابية ولا ميليشيات مذهبية على حدوده الشمالية».

نقلا عن جريدة الأخبار اللبنانية