الجديد برس
صنعاء : علي جاحز
في الوقت الذي كانت فيه أنظمة وحكومات المنطقة تتهيأ لاستقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان اليمنيون يعدون استقبالا مختلفا للرئيس ترامب تنوع بين ضربات صاروخية أصابت الرياض والإعلان عن منظومة دفاع جوي جديدة دُشنت بإسقاط طائرة سعودية، إضافة إلى احتشاد جماهيري في العاصمة صنعاء بعث برسائل رفض وتحدٍ للزائر الأمريكي.
اليمنيون من جانبهم لا يرون فرقا بين الحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من عامين من خلف الستار وبين حرب تشنها بشكل علني، ومن هذا المنطلق جاءت الرسائل العسكرية والشعبية التي وجهوها منفردين إلى زيارة الرئيس الأمريكي إلى السعودية في وقت كانت دول المنطقة تقف بين محتفٍ بالزيارة وبين متفرجٍ يترقب.
ضربة باليستية يمنية في استقبال ترامب :
صاروخ باليستي من نوع بركان2 سبق بساعات وصول ترامب إلى الرياض، وبالرغم من أنها ليست الضربة الباليستية الأولى التي تستهدف العاصمة السعودية، إلا أن السعودية هذه المرة اعترفت بالضربة وإن تباينت التصريحات حول نتائجها بين حديث عن سقوط الصاروخ في أرض غير مأهولة جنوب الرياض وبين حديث عن اعتراضه فوق ذات المنطقة، كما أعلن التحالف أنه تمكن من قصف قاعدة الصواريخ في العاصمة صنعاء بعد الضربة.
وبالرغم من ذلك، اعتبر ناشطون اعتراف السعودية هذه المرة يعود لعدم قدرتها على إخفاء الأمر، لا سيما وأن الأنظار كلها مسلطة على الرياض التي كانت تشهد انتشارا استخباراتيا وأمنيا عاليا عشية وصول الرئيس الأمريكي، وهو ما يعتبره محللون عسكريون نجاحا يمنيا في تحقيق أحد أهم أهداف الضربة، خاصة فيما يتعلق بفضح فشل السعودية في القضاء على منظومة الصواريخ الباليستية اليمنية رغم ادعائها إنجاز ذلك في الأسابيع الأولى من العدوان، إضافة إلى كشف فشل منظومة الباتريوت.
الضربة الباليستية في هذا التوقيت الحساس للرياض وصفت بالقرار الجرئ، وذلك وفق الحسابات الدبلوماسية والمحاذير السياسية على اعتبار أنها ستفهم استهدافا لواشنطن وتحدٍ لها، وبينما اعتبر سياسيون ومراقبون أن الضربة كانت قرارا متسرعا وغير محسوب، فإن آخرون يرون أن الضربة تحمل رسائل للقمة الأمريكية السعودية بأن اليمن لا يزال قويا وقادرا على المواجهة بعد عامين من العدوان والحصار، وهو ما يتسق مع تصريح ناطق الجيش اليمني شرف لقمان الذي أكد أنها رسالة للعدوان بأن الجيش واللجان الشعبية جاهزون للرد والمواجهة.
المعادلة تتغير:
توقعات وصفت بالمبالغ فيها اعتقدت أن ضربة بركان2 قد تربك مراسيم وصول الرئيس الأمريكي إلى الرياض، غير أن مصادر يمنية أكدت أن ذلك لم يكن من بين أهداف الضربة على الإطلاق، وأوضحت المصادر أن أهداف الضربة كانت واضحة في تصريحات الناطق الرسمي باسم الجيش واللجان الشعبية، لافتة إلى أن الرسائل الكثيرة التي حملتها الضربة وصلت.
وقبل أن يذهب غبار الضربة الباليستية والضجة التي أحدثتها في الأوساط السياسية والإعلامية في المنطقة، أسقطت منظومة الدفاع الجوي اليمنية طائرة سعودية من طراز إف15 في أجواء نجران الجمعة الماضية، وفي أعقاب ذلك أعلن الدفاع الجوي اليمني عن تدشين منظومة دفاع جوي جديدة، وبحسب بيان صادر عن وحدة الدفاع الجوي اليمنية، فإن المنظومة الجديدة تم تجربتها بنجاح على طائرة حربية معادية من نوع ” إف 15″ تابعة للعدوان السعودي الأمريكي، وكشف البيان عن أن عملية إسقاط الطائرة جرت نهار الجمعة.
وأشار البيان الذي نشر صباح أمس إلى أن وحدة الدفاع الجوي تحتفظ بتفاصيل ومواصفات السلاح النوعي الجديد الذي يدخل الخدمة للمرة الأولى، لافتا إلى أن المنظومة تمتلك حاسية استشعار عالية في تعاملها مع الطيران، وهو ما اعتبره محللون عسكريون نقلة نوعية في الإمكانات التي يمتلكها الطرف اليمني قد تغير مسار المعركة والأحداث، لا سيما وأن الإعلان عنها جاء في توقيت حساس حيث يتصدر أعمال قمة الرياض مناقشة الملف اليمني وسبل تجاوز التعثر في إحراز أي تقدم بعد عامين من الحرب على اليمن.
أنصار الله: زيارة ترامب هدفها تصفية القضية الفلسطينية:
يعتقد نشطاء يمنيون أن زيارة ترامب للمنطقة تأتي في سياق محاولات تجاوز فشل حلفاء أمريكا في إحراز أي تقدم في سوريا واليمن، ويرون أن أمريكا تنوي إجراء تغييرات شكلية في التحالفات التي تشعل الحروب في المنطقة، لا سيما التحالف على اليمن الذي لم يحقق أيا من أهدافه المعلنة، فيما يرجح آخرون أن أمريكا بصدد جني المزيد من الأموال تحت شعار دعم السعودية في حربها على اليمن وتحت لافتة حمايتها من الخطر الإيراني، الأمر الذي يجعل اليمن بحسب آراء يمنية مستهدفة من هذه الزيارة تحت ذلك العنوان.
وفي إطار التنديد بالتحركات الأمريكية في المنطقة، احتشد عشرات الآلاف من اليمنيين عصر أمس السبت في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء تحت لافتة تندد بالعدوان الأمريكي على اليمن ورفض الأهداف التي ترمي إليها زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية وإسرائيل.
التظاهرة التي دعت إليها حركة أنصار الله تحت عنوان “لا للإرهاب الأمريكي على اليمن” وصفت بأنها ردة الفعل الوحيدة في المنطقة على زيارة ترامب، وبحسب تصريحات لمسؤولين في صنعاء فإن أنصار الله تتوقع أن تخرج الزيارة الأمريكية للرياض وتل أبيب باتفاقات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية من جهة، وترمي إلى مواصلة العدوان على اليمن عبر تحالف تقوده أمريكا بشكل صريح.
وفيما رفع المتظاهرون لافتات باللغتين العربية والإنجليزية تتهم أمريكا بأنها وراء تدمير اليمن، ألقى رئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي خطابا ندد فيه بالمؤامرات على القضية الفلسطينية واليمن، وتحدى الحوثي السعودية وحلفائها المحتفين بزيارة ترامب أن يُخرجوا أسيرا من الأسرى الفلسطينيين من سجون العدو الإسرائيلي.
كما أورد الحوثي في خطابه محتوى رسالة بعثها زعيم أنصار الله للجماهير تؤكد على أن جولة ترامب للسعودية هدفها إنهاء القضية الفلسطينية، وتقسيم البلدان وأن الصمود هو الخيار الوحيد في مواجهة المخططات التي تستهدف اليمن والمنطقة.
وفي سياق هجومه على المجتمع الدولي والأمم المتحدة بسبب صمتهم على معاناة الشعب اليمني وتواطئهم في استمرار الحرب، دعا رئيس الثورية العليا السلطات في صنعاء ممثلة في المجلس السياسي الأعلى والحكومة إلى عدم استقبال المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ قبل انصاف الشعب اليمني وإعطائه حقوقه.
من جهته وصف الناطق باسم أنصار الله محمد عبد السلام الموقف اليمني بالمشرف والوحيد، وقال في تصريح له عبر تويتر: يكفي الشعب اليمني العربي المسلم فخرا أنه الشعب الوحيد الذي يرفع صوته ضد المشروع الأمريكي فيمازعماء وقاده يصطفون طوابير لمنحه الولاء والطاعة، وأوضح عبد السلام أن خروج ملايين اليمنيين للتظاهر يأتي بالتزامن مع الانبطاح للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة واستمرار العدوان على اليمن، لافتا إلى أنه لم يتحقق لشعوب الأمة العربية والإسلامية من انبطاح الأنظمة لأمريكا أي شيء سوى حماية أنظمة عميلة وضمان استمرار احتلال الصهاينة لفلسطين.
صفقات أمريكية سعودية:
وكانت العاصمة الرياض قد شهدت مراسيم استقبال غير مسبوقة للرئيس الأمريكي تلى ذلك عقد قمة سعودية أمريكية أفضت إلى توقيع عدد من الاتفاقيات في مراسيم معلنة بينها اتفاقيات عسكرية واقتصادية وأمنية، وكان موضوع تأمين المملكة مما يسمى الخطر الإيراني أبرز محاور تلك القمة.
وبحسب ما أعلنته وسائل إعلام تابعة للمملكة فإن الملك سلمان والرئيس ترامب وقعا اتفاقيات عسكرية بقيمة 460 مليار دولار، بالإضافة لاتفاقيات تجارية واقتصادية في مجالات النفط والغاز والتعدين والاتصالات وغيرهما بأكثر من 200 مليار دولار، وبحسب رويترز نقلا عن مسؤولين بالبيت الأبيض فإن ترامب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون سيشهدان مراسيم توقيع ما يسمى ” إعلان نوايا ” يتضمن حزمة من العتاد الدفاعي والخدمات لتعزيز أمن المملكة ومنطقة الخليج في مواجهة التهديدات الإيرانية.
- مصادر يمنية أكدت أن ما يسمى الخطر الإيراني المقصود به اليمن، متوقعين أن مخرجات التحركات الأمريكية إلى المنطقة سوف تصب في تصعيد العدوان على اليمن تحت لافتة الحد من النفوذ الإيراني، ولفتت المصادر إلى أن ما يسمى التحالف الإسلامي الأمريكي يهدف إلى حشد تأييد أكبر وتشكيل اصطفافات أوسع في حرب تستهدف اليمن بشكل أساسي ضمن استهداف محور المقاومة في سوريا والعراق، وصولا إلى تقسيم اليمن وسوريا كخطوة أولى في طريق تقسيم بقية دول المنطقة.