الجديد برس : رأي
صلاح الدكاك – كاتب صحفي
لم يصل لمعلوم حكومة الإنقاذ بعد، أن البلد يواجه عدواناً كونياً على خلفية ثورة شعبية استهدفت بدرجة رئيسة تحرير القرار الوطني اليمني من قبضة منظومة التبعية للمدير التنفيذي الأمريكي ومهندسي النظام العالمي الجديد أحادي القطبية.
42 ربطة عنق شغلت الفراغ الحكومي الذي استمر زهاء عامين عقب فرار العميل هادي وزمرته إلى عواصم مشغليه وأربابه في الرياض وأبوظبي ولندن وواشنطن، غير أن هذا الكم من (الكرافتات) أخفق في إدارة شؤون البلد وفقاً لمقتضيات مواجهة العدوان وتعزيز حالة الصمود الشعبي، ونجح بجدارة على مستوى شغل الفاترينة الإعلامية بكوكتيل من عروض أزياء تواظب وكالة (سبأ) وشاشات التلفزة الرسمية على بثها أولاً فأولاً، لمشاهد يمني تقض الجعجعة مضجعه ولا يرى طحيناً.
لا تريد هذه الحكومة أن تفهم أن التخويل الشعبي الثوري هو مصدر شرعيتها، وأن ترجمة تطلعات الشعب الشريف الحر الصامد إلى آليات عمل على أرض الواقع، هو جوهر وظيفتها، وأن إدارة الظهر لهذه المهام الملحة الموكولة إليها، يعني فقدان شرعيتها.
لا تريد هذه الحكومة أن تفهم أن تطهير مؤسسات الدولة من الخونة والعملاء والطابور الخامس، هو حماية لظهر المقاتل المرابط في خنادق الاشتباك العسكري المباشر مع العدو، وأن الجبهة الداخلية يعوزها رجال بعظمة وإيثار وبسالة وكفاءة ويقظة رجال الأنساق الأولى في الجبهة الحربية، وأن عدم النهوض بهذا الدور هو تفريط بمكاسب المنازلة الميدانية، وخيانة فاضحة لظهر المقاتل في الجيش واللجان، وممالأة للعدو ونزول وضيع عند رغباته وخدمة مجانية (أو مدفوعة الثمن) لمخططاته الهادفة لتقويض مصدات الصمود الشعبي الداخلي.
لا برنامج لحكومة الإنقاذ سوى ما تمليه اللحظة الوطنية الثورية في مواجهة العدوان الكوني، والتي أوجز سيد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، مقتضياتها في خطابه عشية الذكرى السنوية الثانية للصمود في وجه العدوان، وهي مقتضيات يمثل النهوض بها مصلحة لعموم اليمن واليمنيين، ولا تخص مكوناً حزبياً بعينه، كما أنها بعيدة كل البعد عن أبجدية السجال السياسي التقليدي في مقاربتها للتحديات الراهنة من موضع إدارة دفة المواجهة بفدائية فذة وغير خافية على أحد.
على أن (الإنقاذ) إذ تمانع إزاء الأخذ بحزمة المطالب العامة تلك، لا تطرح بدائل تصب شطر الغاية ذاتها، منكفئة ـ عوضاً عن ذلك ـ في حروب فُتات بينية حول أنصبة التعيينات، وكما لو أن البلد على أحسن ما يكون ترفاً واستقراراً ورغد عيش.
إن خيبة أمل الشارع في جدوى هذه الحكومة تساوي أمله ورهانه عليها لحظة تشكيلها، والأسوأ أن لفيفاً من وزرائها نظروا إليها منذ البدء بوصفها فرصة سانحة لطيِّ مسار العمل الثوري، لا لتمتين الجبهة الوطنية في مواجهة العدوان وتفويت الفرصة على مطابخه المستثمرة في الفجوة الكائنة قبل الاتفاق السياسي بين المكونات الثورية والحزبية المناهضة للعدوان.
وثمة فريق آخر مسكون بهواجس فقدان الحكم والنفوذ، وآيلٌ للتشبيك مع قوى العدوان تحت إلحاح مخاوف مستقبلية افتراضية من انحسار وجوده السياسي لجهة اتساع مساحة حضور (أنصار الله) في المشهد الرسمي والشعبي في اليمن، مولياً ظهره للأخطار المحدقة بالوجود اليمني برمته في اللحظة الراهنة.
لا يمكن بأية حال أن تضرب الطابور الخامس بحكومة تضم طابوراً خامساً، أو أن تخوض معركة الاستقلال بأنصاف عبيد يستعجلون لحظة العودة إلى حظائر الحظوة الأمريكية، ويعجزون عن أن يتخيلوا أنفسهم خارج أطواق الرق أحراراً كاملي الحرية.. إن مجرد التفكير في ذلك يرهق مخيلاتهم التي اكتسبت وزنها ووجودها بالتبعية لسوق التوكيلات الامبريالية.
قال سيد الثورة السيد عبدالملك الحوثي (من لا يروقه اتفاقنا السياسي فليضرب رأسه في أكبر صخرة).
وقال الزعيم علي صالح (تحالفنا استراتيجي وليس لتقاسم الغنائم).
كلاهما كان جاداً في ما يقوله، إلا أن الأصوات النشاز في المؤتمر تبدو فوق قدرة الزعيم على إسكاتها.