الجديد برس – متابعات اخبارية
التهديداتُ التي اطلقها مسؤولون إيرانيون أمس الجمعة اثناء تشييع جثامين ضحايا الهجومين الإرهابيين اللذين استهدفا البرلمان ومرقد الامام الخميني، يؤكدان، لما اتسما بهما من حدة وجدية، بأن حربا إرهابية بين المملكة العربية السعودية وامريكا من جهة، وايران من جهة أخرى باتت حتمية، ولعل هذا الهدف هو ما يريده تنظيم “الدولة الإسلامية” ويخطط له منذ سنوات، أي اشعال فتيل حرب طائفية عظمى بين السنّة والشيعة في المنطقة.
السيد علي خامنئي، المرشد الأعلى في ايران، كان واضحا في هذا الصدد عندما قال في رسالته التي جرت قراءتها اثناء مراسيم التشييع “ان هذه الهجمات لن تؤدي الا الى مضاعفة كراهية الشعوب للحكومات الامريكية وعملائها الإقليميين كالسعودية”، بينما قال السيد علي لاريجاني، رئيس مجلس النواب الإيراني (البرلمان)، “لا يمكن محاربة الإرهاب دون محاربة أمريكا، ورد ايران على هجومي طهران سيكون مدمرا”.
ولعل اخطر هذه التهديدات في رأينا هو ما ورد على لسان الجنرال حسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني “ان الحرس وضع مسألة الانتقام من هجومي طهران على جدول اعماله وبشكل جاد ومكان الانتقام سيبقى سرا”.
وربما يجادل البعض بأن تهديدات عديدة مثل هذه صدرت في السابق عن مسؤولين إيرانيين بالانتقام، خاصة بعد اعدام السيد نمر النمر، الداعية الشيعي السعودي، او بعد مقتل حوالي 450 حاجا إيرانيا قبل عامين، ولم تطبق على ارض الواقع، وهذا الجدل ينطوي على بعض الصحة، لكن هذه التهديدات تبدو مختلفة هذه المرة، حسب اعتقادنا، لان هجومي طهران استهدفا زعزعة استقرار الجبهة الداخلية الإيرانية التي ظلت هادئة لعشرات الأعوام، مما يشكل احراجا للسلطات الإيرانية واختراقا غير مسبوق لقبضتها الأمنية الحديدية.
ايران تختلف مع المملكة العربية السعودية في ملفات عديدة، ولكنهما يلتقيان في ملف واحد رئيسي هو التباهي امام مواطنيهما بتحقيق الامن والاستقرار وخوض الحروب بالنيابة على أراضي الآخرين، مثل سورية واليمن والعراق ولبنان، ولكن تفجيرات طهران، وتهديدات الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، بنقل المعركة الى العمق الإيراني يوحيان بحدوث تغيير جذري في قوانين اللعبة.
الأمير محمد بن سلمان قدم لإيران أسبابا وجيهة استخدمتها في اتهام بلاده بالوقوف خلف التفجيرين الإرهابيين بصورة مباشرة او غير مباشرة، عندما أوحى بان بلاده لن تنتظر لكي تأتي ايران اليها وتهاجم الحرمين الشريفين، وستقوم بنقل المعركة الى عمقها في ضربات استباقية في اشارة الى احتمالات تثوير الأقليات المذهبية (السنّية)، والعرقية (العرب والاكراد والبلوش والآذاريون)، وما يعزز هذا الاتهام ان الشبان الخمسة الذين نفذو الهجمات الانتحارية في البرلمان ومرقد الامام الخميني كانوا إيرانيين من أبناء الطائفية السنّية.
صحيح ان “الدولة الإسلامية”، او “داعش”، أعلنت المسؤولية عن تنفيذ الهجومين، وكشفت ان بعض المنفذين انتموا الى صفوفها وتدربوا في قواعدها، ولكن الإيرانيين، وحسب وسائل اعلامهم، يعتبرون هذا التنظيم الوهابي الأيديولوجية، صناعة أمريكية سعودية.
اذا انفجرت حرب الإرهاب بين ايران والسعودية، في موازاة الحروب الحالية بالإنابة، فإن هذا يعني اغراق المنطقة برمتها في بحور من الدماء وعدم الاستقرار بالنظر الى الإمكانيات الضخمة المتوفرة لدى طرفيها في هذا الضمار، وستكون البلدان على قمة لائحة المتضررين.
“راي اليوم”