الجديد برس – اخبار محلية
في الوقت الذي لا يَزَالُ التحالف الأَمريكي السعودي ومرتزقته، يصرون على استخدام الورقة الاقتصادية كجزء من حربهم القذرة وغير الإنْسَانية بحق الشعب اليمني منذ عامين ونصف عام وتشديد الحصار الاقتصادي عليه يوماً بعد يوم، وعدم الاكتفاء بحرمان ملايين المواطنين من مرتّباتهم جراء نقل البنك المركزي إلى عدن، بالإضافة إلى قيام المرتزقة في مأرب بالاستيلَاء على مخصصات وإيرادات الغاز والنفط والامتناع عن توريدها، إلّا أن الحديثَ عن جرائم فساد في الداخل تصلُ أرقامها إلى خانة المليارات في هكذا وضع يعيشه الوطن والمواطنون لا يقل جُرماً وفداحةً عما يرتكبه العدوان.
وفي أكبر جرائم الفساد التي تشهدها الساحة اليمنية ساهمت في زيادة معاناة الناس والتضييق بحياتهم المعيشية، كشفت اللجنة الرقابة الشعبية عن سلسلةِ جرائم فساد شركة الغاز فيما يتعلق بارتفاع مصاريف البيع والتوزيع خلال العامين السابقين، حيث قامت الرقابة مؤخراً بتسليم ملف يحتوي على ست جرائم فساد في شركة الغاز إلى النيابة العامة بعد استكمال كُلّ الوثائق والمستندات التي تؤكّد تلك المخالفات المالية والإدارية.
وفي تصريح خاص لــ “صدى المسيرة” أشار علي العماد – رئيسُ اللجنة الرقابية العليا، إلى رصد أَكْثَـر من (22) جريمة فساد داخل الشركة اليمنية للغاز خلال العامين الماضيين 2015 – 2016، تم استكمال (6) ملفات فساد بشكل نهائي، وتسليمها للجهات المعنية، ممثلةً بالنيابة العامة، ولا تزالُ باقي الملفات تحت التحرّي والرصد واستكمال كُلّ الوثائق فيها قبل أن يتم تسليمُها أيضاً.
ولفت العمادُ، إلى أن اللجنةَ الرقابيةَ سبق وَقدّمت في شهر مايو من العام الماضي 2016 مِلَفَّاتِ فساد كبيرةً تثبت تورُّط المدير التنفيذي لشركة الغاز اليمنية، علي شقرة، ونائبه صبري محفوظ، بارتكاب اختلالات في الشركة؛ بناءً على وثائقَ تم فحصُها، تتمثّلُ في صَرْف مبالغَ هائلةٍ لبعض القيادات تقدَّرُ بأَكْثَـرَ من مائة مليون ريال للشخص الواحد تحت بند المكافئات، بالإضافة إلى ارتكابهما ممارساتٍ عديدةً تخل بمبدأ الحفاظ على الصالح العام، منها قيامُ قيادة الشركة بتوقيع عُقود وصفقات مع شركة واحدة بشكل احتكاري ومنع التعاقد مع أي شركات أُخْـرَى، بما ينسجم مع المصالح الشخصية، إضافة إلى منح عشرات القاطرات تصاريح بمبالغ تذهب إلى جهة مجهولة، ناهيك عن قيام المدير العام ونائبه بممارسة أعمالٍ تعسفية ضد موظّفي الشركة الرافضين للعبث والفساد داخل الشركة.
موضحاً أن رئيسَ حكومة الإنقاذ ووزير النفط لم يحرَّكَا ساكناً تجاه تلك القضايا وتجاهلَا مطالبَ اللجنة الرقابية العليا بإحالة المدير ونائبه إلى الجهات المعنية للتحقيق معهم، واكتفيا حينها وبعد ضغوط شعبية بإقالة نائب رئيس الشركة صبري محفوظ، وتعيينه مستشاراً للمُؤسّسة اليمنية العامة للنفط والغاز، بدلاً عن مساءلته.
واستغرب رئيسُ الرقابية العليا، استمرارَ قيادة الشركة، ممثلةً في المدير التنفيذي، حتى اللحظة بارتكاب جرائم فساد تستهدفُ الحياةَ المعيشية للمواطن الذي يعيش تحت وطأة العدوان، مرجعاً السببَ إلى تواطؤ رئيس الحكومة ووزير النفط معه ومنحه امتيازاتٍ وتوجيهاتٍ حكوميةً بصرف مبالغَ مالية كبيرة له، وذلك بموجب الوثائق التي تحتفظُ بها اللجنة.
وكشف العماد، عن تورّط مدير شركة الغاز علي شقرة، بالتلاعب في الكميات التي يتم تسليمُها من قبل المرتزقة بمأرب إلى الشركة في صنعاء من أجل بيعها للمواطن بالسعر الرسمي (1200) ريال، إلّا أن المديرَ العام وبدون رقيب أَوْ حسيب يقومُ ببيعها في السوق السوداء لتجّار المحطات التجارية بسعر خيالي يصل إلى (5000) ريال، الأمرُ الذي يجعله يحصل على فارق سعر يصلُ إلى مليارات الريالات بصورة شخصية له ولشركائه من النافذين والداعمين له داخل الحكومة، مؤكداً أن جرائمَ فساد شقرة تتضمن أيضاً توظيفَ أَكْثَـر من (100) موظف جديد دون الرجوع إلى اللائحة التنظيمية للشركة التي تكاد تكونُ غيرَ موجودة.
ونوّه رئيسُ اللجنة الرقابية، إلى أن المتهمَ في جرائم فساد شركة الغاز صبري محفوظ – أقدم في منتصف شهر رمضان المنصرم، على بيع إحْــدَى الفلل الفاخرة له في صنعاء قبل الفرار إلى محافظته في الجنوب وقيامه بتبنّي حملة كتابات ومقالات عُنصرية ومناطقية تستهدفُ أَبْنَاءَ الشمال، داعياً المجلسَ السياسي الأعلى والنائب العام، لسرعة محاسبة كُلّ المتورطين في قضايا الفساد حتى لا تتكررَ حكايةُ المدعو محفوظ؛ من أجل ردع كُلّ الفاسدين وإعَادَة المال العام المنهوب إلى خزينة الدولة.
وأكّد رئيسُ اللجنة الرقابية العليا، أن الرقابية العليا تقومُ بدورها؛ انطلاقاً من الواجب الديني والوطني، وتسعى إلى تغطية العجز الكامل للأجهزة الرسمية كـ “الهيئة العليا لمكافحة الفساد” و”الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة”، مبيناً أن اللجنة الرقابية تقومُ بدورها الرقابي من خلال مجموعة من الخبراء القانونيين والمحامين والعمل على دراسة كُلّ الملفات التي تصل إليهم ومراجعتها قبل أن تتم إحالتها للجهات الرسمية للنظر فيها بعد استكمال تلك الملفات، مستبعداً أي استهداف شخصي أَوْ النظر للانتماء أَوْ التوجه للأشخاص المتورطين في قضايا الفساد التي يتم النظر فيها.
وكانت الرقابة الشعبية قد كشفت في وقت سابق عن جملة من الاختلالات المالية والإدارية في شركة الغاز، حيث أشارت إلى ما كان يُصرَفُ بطريقة مخالفة من مكافئاتٍ وعلاواتٍ وحوافزَ للمدير التنفيذي للشركة، علي شقراء، وبعض الشخصيات المقرّبة منه وعدد من موظفي الشركة، وهذا بدوره يمثل جريمة استيلَاء على المال العام وتسهيل الاستيلَاء للغير، عملاً بالمادّة (162) من قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 لسنة 1994م، وَتستوجبُ المعاقبة دون تأخير، حيث وصل إجمالي ما تم صرفه والاستيلَاء عليه خلال 2015 في “هذا البند فقط” حوالي المليار وسبعمائة مليون ريال (1,722,590,188ريالاً).
وأوضحت اللجنة الرقابة، أن التغاضيَ عن هذه المخالفات الجسيمة المستمرة من قبل الجهات المعنية يجعلُها شريكةً في إهدار المال العام، خصوصاً وأن الارتفاع في نسب مصاريف البيع والتوزيع ما هو إلّا طريقة لإخفاء ما تم هدرُه من مواردَ تحققت خلال العام 2015 والتي كان يجب أن تورد إلى خزينة الدولة لا أن يتم التصرف والتلاعب بها من قبل المدير التنفيذي للشركة بتلك الطريقة المخالفة واللامسئولة والذي ارتكب العديدَ من المخالفات الأُخْـرَى التي سبق وَأن تمت إحالتها من قبَل الرقابة الشعبية للجهات المعنية إلّا أنها لم تقُم بأي إجراء في محاسبة الفاسدين، الأمر الذي يهدد مستقبل هذه الشركة التي تمثّل أحد أَهَـمّ موارد الخزينة العامة للدولة.
وطالبت لجنةُ الرقابة النيابةَ العامة، بسرعة التعاطي مع تلك الملفات وإحالتها للقضاء وتحمُّل المسؤولية الكاملة في وضع حَـدٍّ لتلك التجاوزات التي تستهدف المال العام؛ كونها هي الجهة المخولة بمتابعة واتخاذ كافة الاجراءات بما يفرضه عليها دورها الوطني والذي يحتم عليها محاسبة كُلّ من تورط في جرائم الفساد.