الجديد برس : رأي
حمير العزكي – كاتب صحفي
ما كادت حرب الخليج الاولى بين العراق وايران ان تنتهي حتى لاحت نذر حرب الخليج الثانية ، فمنذ الأيام الأخيرة للحرب الأولى والعلاقات بين النظام العراقي وحلفائه تزداد توترا واحتقانا وتأخذ طريقها الى التعقيد الذي لا يدع مجالا لنجاح المفاوضات والحلول السياسية .
خاض العراق الحرب ضد إيران عندما وجد الفرصة سانحة وفق حساباته لتحقيق هدفه الاساسي المتمثل في الغاء معاهدة الجزائر عام 1975م التي ضغطت عليه امريكا لتوقيعها ارضاءا لشرطيها في المنطقة شاه إيران ، وبعد نجاح الثورة الاسلامية واسقاطها لنظام الشاه أستغل العراق الأوضاع الداخلية المضطربة في ايران عقب الثورة ، والمخاوف الاقليمية من تصدير الثورة لدى دول الخليج ، والمواقف الدولية المعادية للثورة وبالذات الموقف الامريكي الذي تعرض للاهانة في احداث اقتحام السفارة واحتجاز طاقمها ، فبادر بالهجوم دون تردد .
لم يدن مجلس الامن الهجوم العراقي ، ودعاء لوقف اطلاق النار ، وضبط النفس ، وشكلت دول الخليج وبعض الدول العربية برعاية امريكية تحالفا غير معلن لدعم العراق في مواجهة ايران ، بإرسال المقاتلين والدعم المالي السخي وتزويده بكافة الاسلحة بمافيها المحرمة دوليا ، وتبني موقف رسمي واعلامي مؤيد ومبرر للحرب ضد ايران ، – وهي مواقف تكاد تكون متطابقة مع مواقف الجهات ذاتها من العدوان على اليمن – ولكن لم يطل عمر ذلك التحالف الغير معلن رسميا في حرب الخليج الاولى فسرعان ما تفكك أمام فترة الحرب التي طالت كثيرا وطالت معها قائمة التكاليف المادية .
و عندما بدأت دول الخليج وعلى رأسها الكويت بالتذمر من التكاليف الباهضة التي تحملتها نتيجة الحرب بالاضافة الى احتسابها لمعظم تلك التكاليف قروضا على النظام العراقي ، بدأ العراق في تذكيرها بأنه خاض الحرب بالوكالة عنها ودفاعا عن عروش ملوكها وأمراءها ، وطالبها بشطب كل الديون واسقاط كل القروض ، وحين رفضت طلب الإذن من أمريكا لتأديبها .
كانت أمريكا في الوقت ذاته قد قررت التخلي عن العراق بعد فشله في المهمة التي تصدر لها ودعمته في سبيلها ، فلم يتم له وأد الثورة الاسلامية ولا القضاء على الجمهورية الاسلامية ، وأصبح يشكل عبئا ثقيلا على السياسة الامريكية نتيجة الجرائم والمجازر التي ارتكبت بحق المدنيين وبأسلحة كيماوية ومحرمة دوليا بدأت المنظمات الانسانية في الحديث عنها وتداول صور ضحاياها ، فأعطته مايشبه الضوء الاخضر للقيام بمايراه مناسبا وما تراه هي مبررا كافيا للتخلص منه .
والنظام السعودي الذي شن عدوانا غاشما على اليمن بتحالف عربي ورعاية امريكية ها هو اليوم في تشابه وتطابق تام مع النظام العراقي حينها ، فلم يطل عمر تحالفه امام صمود اليمنيين ، وبدأ بالتفكك ، ومهاجمة اقرب حلفائه مطالبا قطر بشيك مفتوح يخفف من وطأة خسائره وينقذه من الانهيار الاقتصادي ،كماطلب العراق من الكويت آنذاك ، بالاضافة الى المطالب الشكلية الاخرى كالاخوان والارهاب والجزيرة والتي تشبه في حقيقتها ما رفعه النظام العراقي من قضايا كمبررات منها سرقة الكويت ابار النفط المشتركة مع العراق وملكية العراق التاريخية للكويت .
وما زال السعودي ينتظر الإذن الأمريكي لتأديب القطري ، كما انتظره العراقي لتأديب الكويتي ، وما أن ينوي الأمريكي التخلص من السعودي وذلك في تقديري بات قريبا سيلمح للسعودي بالموافقة ويتكرر مشهد حرب الخليج الثانية والثالثة ، وكما ان النظام العراقي لم ينتصر في حربه على ايران ولم يستقر له قرار بعدها ولم يستمر في حكمه ، فبدون شك لن يختلف مصير النظام السعودي عن ذلك مطلقا في عدوانه على اليمن، وسينال القطري ما نال الكويتي وينال السعودي ما نال العراقي ، ولكن هذه المرة بأيدي رجال الله وأوليائه لا بأيدي أعدائه
(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا )